تقرير يستعرض آفاق التعاون الاقتصادي بين روسيا وبلدان شمال إفريقيا

ذكر تقرير للمجلس الروسي للشؤون الدولية، الذي أسس بمرسوم رئاسي للمساهمة في جهود القوة الناعمة الروسية، أن “منطقة شمال إفريقيا هي المنطقة الأسرع نموا في الوطن العربي والقارة الإفريقية، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة إلى 4.2 في المائة خلال سنة 2023، حيث يقود كل من المغرب ومصر هذا النمو”، مسجلا أنه “على الرغم من المشاكل التي تواجهها دول المنطقة كتغير المناخ وانخفاض المحاصيل الزراعية وارتفاع التضخم، إلا أن هذه الدول جذابة للاستثمار الأجنبي المباشر”.

وسجل التقرير الذي استعرض آفاق الاستثمار الروسي في المنطقة ومجالات التعاون المحتملة بين هذه الدول وروسيا، والوضعية الاقتصادية لهذه الدول، أن “تونس تنتظر مساعدات مالية من الدول المجاورة، كالجزائر التي تحتاج هي نفسها إلى عدد من الإصلاحات الاقتصادية، إذ يوفر قطاع النفط والغاز حوالي 35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي و6 في المائة من إيرادات الميزانية وأكثر من 95 في المائة من عائدات التصدير، وواجهت البلاد مشاكل اقتصادية كبيرة بسبب تقلب أسعار المواد الهيدروكربونية”.

وأضافت الوثيقة ذاتها أن “المغرب يتمتع بوضعية اجتماعية واقتصادية مستقرة نسبيا، رغم وجود بعض المشاكل التي تؤثر على اقتصاد البلاد بدرجة أقل بسبب السياسات المدروسة للقيادة المغربية”، مشيرا إلى أن “ليبيا تعتمد ميزانيتها هي الأخرى على إيرادات النفط والغاز، كما تشهد توسعا للاقتصاد غير الرسمي ولنشاط الاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات، بسبب ازدواجية السلطة والفساد والعقوبات الدولية التي فرضت على البلاد سنة 2011”.

وأكدت أن “دول شمال إفريقيا تحتاج إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتواجه تحديات من أجل تنويع اقتصاداتها بعيدا عن هيمنة قطاعي الطاقة والفلاحة، إذ أصبحت هذه الدول منصة محتملة لتطوير الشركات الناشئة والتقنيات المالية المبتكرة، لكن على الرغم من هذه المؤشرات الجيدة، إلا أن مستوى الإنفاق على البحث العلمي والتطوير في المنطقة لا يزال منخفضا”.

وأشار التقرير إلى استقطاب المغرب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات خلال السنوات الماضية، لافتا إلى أن 25 في المائة من هذه الاستثمارات تتركز في القطاع الصناعي و20 في المائة في قطاع العقارات، بينما تتركز ما نسبته 12,4 في المائة من هذه الاستثمارات في قطاع الاتصالات و9,5 في قطاع السياحة و6.4 في قطاع الطاقة والتعدين.

وأكد تقرير المجلس الروسي للشؤون الدولية أن نقل الأعمال إلى منطقة شمال إفريقيا، في إطار ما يعرف “الهجرة الصناعية”، أصبح أمرا جذابا بالنسبة للشركات في أوروبا الغربية؛ لأنه يعني إمكانية الولوج إلى موارد طاقية مختلفة بأسعار أقل.

واعتبر أن القطاع المالي في بلدان المنطقة يعيش تحولا كبير يأخذ بعين الاعتبار التغيرات الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية، مشيرا إلى مغادرة عدد من البنوك الإنجليزية والفرنسية للمنطقة على مدار العقود الماضية، وهو ما “سمح للبنوك المحلية، خاصة المغربية والمصرية، بالتطور في هذه البلدان وترشيح نفسها في الأسواق، وواصلت العمل بشكل مطرد على الرغم من التقلبات الشديدة في أسعار الصرف والتضخم”.

وسجل المصدر ذاته أن “أحد المجالات الجديدة الجاذبة للاستثمار في بلدان شمال إفريقيا هو مجال تمويل المناخ، حيث تعرض المغرب لزلزال وموجة جفاف، وفقد آلاف الليبيون أرواحهم في الفيضانات، بينما عانت الجزائر من حرائق الغابات. وبالتالي، فإن تمويل المشاريع الرامية إلى منع أو تخفيف آثار تغير المناخ، قد يصبح أحد الاتجاهات الحديثة في برامج الاستثمار في المنطقة”.

وأبرز أن “العديد من القطاعات الاقتصادية في المنطقة توفر فرصا واعدة للاستثمار، كقطاع توليد الطاقة الشمسية والريحية، والزراعة أيضا، التي ما زالت تشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة وتستحوذ على نسب مهمة من الناتج المحلي الإجمالي في جميع بلدان شمال إفريقيا”.

وذكر التقرير أن “روسيا تسعى إلى تعزيز التعاون مع دول شمال إفريقيا من خلال دمج هذه البلدان في منظمة “بريكس”، إذ يغطي التعاون الاقتصادي والمالي بين موسكو وهذه الدول مجموعة من القطاعات، من الصناعة إلى الفلاحة والطاقة وصولا إلى التكنولوجيات المالية”، مؤكدا أن “التعاون المالي والاقتصادي مع دول المنطقة، هو الاتجاه الواعد في تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية؛ حيث يمكن أن تكون التقنيات المصرفية الروسية محركا للتعاون من أجل المنفعة المتبادلة”.

وشدد المجلس الروسي للشؤون الدولية على “أهمية تطوير الشركات الناشئة والشركات المتوسطة التي تهتم بالتقنيات الرقمية، بما يشمل أيضا الحلول الرقمية الزراعية”، مبرزا أن “من المهم أيضا تعزيز التعاون في مجال رقمنة الابتكار المالي الذي يعد هو الآخر مجالا واعدا للتعاون الاقتصادي بين روسيا ودول منطقة شمال إفريقيا”.

Exit mobile version