استطلاع هسبريس: المغاربة يفضلون “الكاش” على البطاقات البنكية

“هل تُفضل التعامل بالنقد (الكاش) أم باستخدام البطاقة البنكية؟”، هذا السؤال شكّل مدار استطلاع رأي أجرته جريدة جريدة النهار، على موقعها الإلكتروني وصفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، بمجموع مشاركين بلغ 34 ألفاً و 704 مستطلعين من الزوار والقراء على جميع المنصات.

وتأكدت عبر نتائج هذا الاستطلاع توجهات الآراء حول استمرار “تفضيل” المغاربة التعامل بالنقد أو ما يعرف عامّيًا بـ”الكاش”؛ إذ أجاب 60,20 في المائة بأنهم مع استعمال النقود في تعاملاتهم المالية، مقابل 39,80 في المائة من المستطلَعة آراؤهم أعلنوا تفضيل التعامل بالبطاقة البنكية، حسب تحليل واستقراء نتائج الاستطلاع المذكور.

وطيلة سنة 2024 لم يغِب موضوع “الكاش” في المغرب عن ملفات تصدّرت النقاش العمومي، في الواقع كما في المنصات والمواقع، خاصة بعد تصريحات سابقة لوالي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، كشف خلالها أن الموضوع يعرف “انكباب لجنة مختصة على دراسته ومتابعته ومحاولة فهم عميقة لأسبابه وتداعياته”.

الإحصائيات المتوفرة ضمن التقرير السنوي حول البنيات التحتية للأسواق المالية ووسائل الأداء ومراقبتها والشمول المالي، الصادر عن بنك المغرب (أواخر أكتوبر الماضي)، أشارت إلى أن قيمة رواج الأوراق والقطع النقدية بلغت 412.8 مليارات درهم، بزيادة سنوية قدرها 11 في المائة؛ فيما يُرتقب أن يكون المبلغ مُرشَّحا لتحقيق “مستوى قياسي” عند الكشف عن احتساب حصيلة متم سنة 2024.

رغم أن والي البنك المركزي رفض، خلال إحدى ندواته، “تحميل كل المسؤولية للقطاع غير المهيكل في ارتفاع تداول ‘الكاش’ في المغرب” فإن جسامة الظاهرة وتجدُّد النقاش بشأنها مع بداية العام 2025، إثر انتهاء عملية التسوية الضريبية الطوعية، تبرز دوافع إعلان المسؤول ذاته “إتمام دراسة معمقة وشاملة حول هذا الموضوع، تراعى فيها استشارة كل الأطراف المعنية وتعميق النقاش للفهم الجيد من حيث اكتناز المغاربة للأموال”.

تعليقاً على هذه الأرقام قال زكرياء كارتي، خبير اقتصادي ومحلل مالي، بعد عرض نتائج “استطلاع جريدة النهار” عليه، إن “هذه الأرقام تكشف مرة أخرى أن موضوع الظاهرة النقدية وارتفاع ‘الكاش’ وتفضيلاته مرتبط أساسًا بقضية ثقافية ومجتمعية، خوفا من الضريبة أو التعاملات البنكية، ظنّاً من أغلب المواطنين أن الأمر يتعلق بتكاليف بنكية أو مصرفية غالية ومكلفة في حال تعاملهم بالبطائق”.

وأضاف كارتي، في تصريح لجريدة النهار، أن “من بين الأسباب المفسرة أيضا للتفضيل المستمر للمغاربة للأداء نقداً (الكاش) على حساب التعامل المالي الرقمي/الإلكتروني نجد عدم الثقة في المؤسسات البنكية أو التعاملات المالية الرقمية رغم التسهيلات المتاحة ومجهودات الحكومة لتغيير سياسات الدفع بالبطائق البنكية وقرار البنك المركزي تسقيف التبادل النقدي”؛ كما لفت إلى أن “مسألة الاستبناك (التوفر على حساب بنكي) ليست سببا وحيدًا أو مباشرا في تداول ‘الكاش’ المرتفع، بل للأمر علاقة أكثر ارتباطا بالبنية الثقافية والذهنية للمجتمع المغربي وعلاقته بالإدارات البنكية والضريبية وغيرها”.

ويتفق مصطفى الجاي، خبير مالي مختص في الشأن البنكي، مع تفسير تفضيل تعاملات المغاربة بـ’الكاش’ بنسبة 60 في المائة بأن “مَردّه الأساس إلى انتشار ثقافة النقد المتجذرة بين المغاربة”، يضاف إليها أن تعاملات كثيرة ورائجة عبر أنشطة القطاع غير المهيكل (نسبة 30 إلى 40% من الناتج الداخلي الخام) مازالت حبيسة الأوراق، منبها إلى استمرار الأداء النقدي لدى قطاعات من “المهن الحرة” والقطاع الخاص.

ورغم كل المجهودات الرسمية والتحسيس برفع الشمول المالي الرقمي فإن “المناخ الاقتصادي والمنظومة المالية يظلان غيْر مشجعين على التعامل بالبطاقة البنكية”، في تقدير الجاي، مصرحا لجريدة النهار، قبل أن يربط الأمر أيضا بـ”قلة شفافية بعض التعاملات التي ترفض الأداء بالبطاقة البنكية أو عبر الهاتف المحمول”.

وختم الخبير البنكي بتوصية “ضرورة تشجيع الأداء البنكي عبر الهواتف الذكية أو عبر وسائل رقمية بالبطاقة البنكية الائتمانية”، معلقا بأن “المغرب سائر تدريجياً على طريق تخفيض التعاملات بـ’الكاش’ وإلا سيجد نفسه مضطرا لرفع عمُولات الأداء نقدًا بمبالغ كبيرة أسوةً بعدد من الدول”.

Exit mobile version