تفاعلاَ مع الجدل المُرتفع في صفوف المغاربة بشأن إمكانية ارتفاع أسعار الغاز بالمغرب خلال هذه الأيام،طمأن فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، الإثنين، بأن موضوع “الجميع بأن الزيادة في أثمنة قنينات الغاز غير موجودة على طاولة الحكومة”، مُبرزا أن السؤال أعمق بكثير من تأثير أي “زيادة مرتقبة” في سعر “البوتان”، بل في سبل حل إشكالية استفادة “20 في المئة الأكثر فقرا بالمجتمع، من 14 في المئة فقط من هذا الدعم”.
وأبرز لقجع الذي كان يتحدث خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، مُجيبا عن سؤال حول “تأثير الزيادة في سعر الغاز بالمغرب” للفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، أن “الأمر أعمق من هذا السؤال بكثير؛ ويتمثل في كيفية وصول الدعم الذي تخصصه الحكومة لاستهلاك “البوطا”، والذي تصل قيمته 15 مليار درهم سنويا ، إلى الفئات الفقيرة المحتاجة إليه”.
وأوضح الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن “20 في المئة من من المجتمع الأكثر فقرا، لاتستفيد سوى من 14 في المئة من هذا الدعم، مقابل استفادة 20 في المئة الأكثر يسرا من 27 في المئة منه”، مُفيدا أن “هذا يعني بصيغة أخرى أن نفس نسبة الأكثر غنى تستفيد من ضعف مبالغ الدعم التي تستفيد منها نفس النسبة من الأكثر فقرا”، بتعبيره.
وشددّ لقجع على أن “هذا هو الإشكال الحقيقي في دعم غاز البوتان، وفي دعم كافة باقي المواد المدعمة من دقيق وسكر”، مبرزا أن “ما يتعيّن على الحكومة والبرلمان بمختلف توجهاته فعله في هذا الصدد، هو إيجاد الطرق المثلى من أجل ضمان وصول هذا الدعم كليا إلى الطبقات الفقيرة التي من أجلها خلق”، مشددا على أن “الإشكال ليس في رفع الدعم أو تخفيض قيمته، وإنما في هذه الطرق”.
وتابع شارحا: “الفقير قد يستهلك مثلا قنينة غاز من 12 كيلوا في الشهر أو أقل، بينما من يتوفرون على الإمكانات ويجب أساسا أن يحرموا الدعم هم يستهلكون 5 إلى 6 قنينات شهريا”،ـ مؤكدا أن ” الدعم المباشر هو أحد الآليات التي يجب من خلالها توجيه هذا الدعم للفئات الهشة، موازاةً مع الابتعاد عن عدم شامل تستفيد منه الطبقات الميسورة”.
“غاز الفلاحة”
ما سرده لقجع لم يقنع الفريق واضع السؤال، فقد شدد على لسان أحد نوابه، على أنه برغم “عدم معارضة توجيه هذه الآليات، فإن السؤال المطروح هو متى ستوجد؟، مردفا أن “”الناس تتحرق وتشوى وتغادر البوادي؛ فالفلاح الذي يستهلك 100 قنينة في الأسبوع، يعني أنه سيتحمّل كلفة 1000 درهم زيادة”.
وأوضح الفريق الاتحادي- المعارضة الاتحادية أن “هذه الكلفة سوف لن تخصم من أرباح الفلاح بل من جيبه، نظرا لأن أسعار الخضراوات استقرت في مستواها”، مُبرزا أنها “تأتي بالتزامن مع ارتفاع تكلفة جميع المدخلات على الفلاحة، على رأسها الأسمدة و جميع المواد”؛ مُعرجا على حالة “بائعة الحرشة التي تنتظر 500 أو 600 درهما شهريا لتدريس أطفالها”، ليتسائل “ما ذا سنفعل معها هل سوف نقصيها كذلك؟”.
وتفاعلاَ مع “فتح المجال حول دعم الغاز المستعمل لضخ المياه”،ـ أكدّ لقجع بدايةَ أن “الزيادة في أثمنة الغاز غير موجودة على طاولة الحكومة؛ ولذلك ليطمأن الجميع”، مبرزا أنه “بالنسبة للفلاحة، فإن هناك مشروعا لتشجيع الألواح الشمسية وهو الحل الحقيقي”، مفيدا بكون :”الفلاحة تستحق التشجيع، وما يستفيد منه القطاع من إعانات متوالية يمكن أن تتطور مع الظروف الصعبة”.
“التسوية تحفظ الخصوصية”
على صعيد آخر وفي ردّ مبطن على ما اُثير حول إمكانية “استغلال التسوية الجبائية للانتقام السياسي”، أكدّ المسؤول الحكومي ذاته، أن الحكومة سوف تلتزم بالإطار المحدد لعملية “التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الذاتيين في ما يتعلق بأرباحهم بالمغرب ودخُولهم المفروضة عليها الضريبة بالمغرب”، موضحا أن “إدارة الضرائب ملتزمة بضمان والحفاظ على خصوصية وسرية الملزمين، وعدم البحث في أمور ضريبية أخرى”.
وتابع المسؤول الحكومي ذاته، وهو يجيب عن خمس أسئلة آنية في مسألة تنزيل الإصلاحات الجبائية، طرحت في إطار وحدة الموضوع، أن “هؤلاء ‘ثاقوا في بلادهم وحكومتهم’؛ فوضعوا أموالهم، ثم سوف يستثمرون بطريقة حرة”، آملا أن “تكون هذه العملية هيكلة الاقتصاد الوطني، وجعله قادرا على التطور بالسرعة المرجوة استجابة للاستثمارات المتزايدة “.
في هذا الصدد، كشف لقجع، أن ال127 مليار درهم التي تمّ التصريح بها في إطار هذه العملية،”موزعة بين 77 مليار درهم، حُققت عبر التصريحات البنكية، و 48 مليار درهم متأتية من التصريحات المباشرة لدى المديرية العامة للضرائب، و مليارين درهم برسم الممتلكات والموجودات المنشئة بالخارج”.
“إصلاحات جبائية”
وذكّر لقجع بالإصلاحات الجبائية التي شرعت الحكومة في تنزيلها، تفعيلا للقانون الإطار الذي حدد هذه المدة في خمس سنوات”، مستحضرا أنه في سنة 2023، “ومن أجل منح أفاق للتطوير بالنسبة للشركات المتوسطة تم تخفيض الضريبة على الشركة المفروضة عليها من 30 إلى 20 في المئة”، موازاةً مع “رفع الضريبة على الشركات التي تحقق أرباحا تفوق 100 مليون إلى 35 في المئة، بينما بالنسبة لمؤسسات الائتمان رفعت إلى 40 في المئة”.
وأوضح المسؤول الحكومي عينه، أن “سنة 2024ـ خصصت لإصلاح الضريبة على القيمة المضافة، بحيث ارتأينا أن تعدد الأسعار يخلق مشاكل مرتبقطة بالنفقات عند المصدم، ولذلك كان الهدف في أفق سنة 2026 هو تحديد سعرين فقط”، بتعبيره.
أما سنة 2025، وفقا للوزير المنتدب المكلف بالميزانية، دائماَ، “فقد خصصت لإصلاح الضريبة على الدخل، بحيث أنجزت الحكومة عدة إجراءات مكنت من رفع نسبة المعفيين من 71 إلى 84 في المئة، مع إعفاء رواتب 6000 درهم، واستفادة الرواتب التي تقل عن 15 ألف درهم من 70 في المئة من المجهود المالي المخصص لهذه الإصلاح الذي كلف 8,5 مليار درهم”.
وفصّل المسؤول الحكومي ذاته، بأن إعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل،” سوف يستفيد منه “16 ألف و744 متقاعد”، مذكرا بأن “المتقاعدين الموجودين بالوظيفة العمومية الذين سوف يستفيدون يمثلون 84 في المئة من مجموع المستفيدين من هذا الإجراء “.