إصدار جديد يثري المكتبة التربوية

صدر عن مركز الأبحاث السيميائية والدراسات الثقافية بالمغرب، في مستهل السنة الجديدة 2025، كتاب بعنوان “الفن والتربية”؛ وهو مؤلف جماعي للأساتذة الباحثين أحمد زنيبر والمصطفى المودني وحميد اتباتو ومحمد وهابي (منسق الكتاب).

وقد تناول الكتاب، الذي يقع في 212 صفحة من القطع المتوسط، موضوع العلاقة بين الفن والتربية باعتبار أن التدريس فن قبل أن يكون علما، والمدرس الناجح هو الذي يوظف طاقته الإبداعية لتبسيط التعلمات، وترسيخ القيم، وتحويل الدرس، بشكل عام، إلى نشاط تفاعلي قوامه الإمتاع والاستمتاع.

من هذا المنطلق، يبدو التدريس بحاجة ماسة إلى الفن، وضرورة انفتاح المدرسة على فنون شتى؛ كفن المسرح، وفن السينما، وفن القصة، والفنون البصرية، وغيرها من الفنون الأخرى.

ولمعالجة هذا الموضوع معالجة شاملة، تم تقسيم الكتاب إلى مفاصل كبرى تتضمن: مقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة؛ فالفصل الأول تم تخصيصه لمسرح الطفل والمسرح المدرسي. اهتم بتعريف هذا النوع من المسرح، والنبش في ذاكرته وتاريخه العريق الذي يمتد من العصور القديمة إلى اليوم، مع التركيز على تاريخه في العالم العربي، وفي المغرب على وجه التحديد. ثم انتقل بعد ذلك لعرض أنواعه بالنظر إلى وسيلة التمثيل، وفريق الإعداد والتقديم، ولغة وأسلوب العرض، دون أن يغفل نقطة مهمة في هذا الموضوع تتعلق بالأبعاد التربوية لمسرح الطفل، ومواصفاته الفنية والتربوية حسب المراحل العمرية للمتعلمين.

وتناول الفصل الثاني علاقة المدرسة بالفن السينمائي. وقد انطلق الحديث عن هذه العلاقة، في البداية، من سؤال الجدوى والمشروعية؛ من خلال التساؤل عن حضور المدرسة في السينما أو حضور السينما في المدرسة. ثم انتقل الحديث، بعد ذلك، إلى مسارات الترابط بين المدرسة والسينما عن طريق الأنشطة والندوات والتظاهرات والأندية والمذكرات واستضافة الفعاليات السينمائية داخل الفضاء التعليمي. وبعد هذا، تم الانتقال إلى الوظائف المشتركة بين المدرسة والسينما، سواء من خلال الإنتاج المشترك للمعنى، أو توليد الحاجات الثقافية، أو التأثير الإيجابي المتبادل بينهما، أو وظيفتهما التربوية بشكل عام. وأخيرا، انتهى الفصل بالحديث عن واقع رفض السينما من طرف الذهنيات التقليدية التي لا تقبل التجديد، مع الدعوة إلى ضرورة تحديث المشروع التربوي الذي يقضي بإدماج السينما في الحياة المدرسية.

واستحضر الفصل الثالث من هذا الكتاب الجديد علاقة التربية بفن القصة، من خلال رصد “الوظيفي والفني في تلقي النص القصصي بالتعليم الثانوي التأهيلي”. وقد كان المنطلق في معالجة هذا الموضوع هو تحديد بعض المفاهيم الدالة هي: مفهوم المنهاج، ومفهوم القيم، ومفهوم الوظيفة، ومفهوم الفن، ومفهوم النص. ثم كان ضروريا، بعد ذلك، أن ينتقل البحث إلى تحليل منهاج اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي، وموقع النص القصصي في الكتاب المدرسي. وبشكل تدريجي، وصل البحث، بعد ذلك، إلى نقطة مهمة تتعلق بالمتن القصصي والبعد التربوي؛ وهي مناسبة كذلك لمعالجة العلاقة بين النص القصصي والمتلقي. وأخيرا، انتهى الفصل برصد امتدادات درس النصوص، عن طريق القصة، في الدرس اللغوي وفي التعبير والإنشاء.

أما الفصل الرابع من الكتاب فقد تطرق إلى علاقة الفن بالتربية في شكلها البيداغوجي والديداكتيكي، بالإضافة إلى تحديد أدوار التربية الفنية وإبراز التمفصلات والعلاقات بين التربية والفن والعلوم الإنسانية. وهكذا تم تناول التربية الفنية من زاوية سيكولوجية تمنحنا أدوات لفهم الممارسة التعليمية التعلمية وتحسينها، وأخرى سوسيولوجية تسهم في تطوير السلوك الإيجابي وتعزيز الهوية الشخصية والمهارات الاجتماعية للمتعلمين وفهم محيطهم بشكل أفضل، إضافة إلى إبراز تداخل الفنون والعلم والذي بدا واضحا بجلاء في الفنون الأنفوغرافية المعتمدة على الحوسبة. واعتبارا لدور الوساطة التي تلعبها الوسائل التكنولوجية في علاقتها بالفنون الحديثة ومجالات تطبيقها بيداغوجيا، فقد تم العمل على توضيح أهمية التدريس باستخدام الفنون والتكنولوجيا الحديثة لجعله أكثر متعة وجاذبية.

Exit mobile version