فرنسا تخلد استهداف “شارلي إيبدو”

أحيت فرنسا، الثلاثاء، الذكرى العاشرة للهجوم الذي نفذه إسلاميون متطرفون واستهدف أسبوعية “شارلي إيبدو”، وقضى تقريبا على كامل أعضاء هيئة تحريرها، في وقت تواصل الصحيفة الساخرة الدفاع بصوت عالٍ عن حرية التعبير.

وكانت الصحيفة الساخرة هدفاً لتهديدات التنظيمات الإسلامية المتطرفة منذ نشرها رسوما كاريكاتورية اعتُبرت مسيئة للنبي محمد عام 2006.

كما تعرضت فرنسا في العام 2015 لسلسلة من الهجمات، بدءا من الهجوم على المجلة الأسبوعية الساخرة الشهيرة وصولا إلى الهجوم على قاعة باتاكلان ومقاه ومطاعم في باريس واستاد فرنسا في 13 نوفمبر في ذلك العام الأسود.

وفي توقيت الهجوم نفسه، عند الساعة 11,30 صباحا (10,30 بتوقيت غرينتش)، في شارع نيكولا أبيرت، حيث كان مقر شارلي إيبدو عام 2015، تجمع الناجون من هيئة التحرير وعائلات الضحايا والعديد من الشخصيات لوضع إكليل من الزهور.

وتُليت أسماء الضحايا في الشارع الذي طوقته الشرطة.

وتشابكت الأيدي، ونظر مدير شارلي إيبدو، ريس، الذي أصيب بجروح خطيرة في 7 يناير 2015، إلى واجهة المقر متأملاً، على ما افاد صحافي في وكالة فرانس برس.

وتصدر الحشد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي دعا الإثنين إلى مواصلة الحرب ضد الإرهاب دون هوادة، وأكد أن الخطر “مازال كبيرا في مجتمعاتنا”، وهو ما يعني أنه “لا مجال للتراخي، بل للتيقظ”.

وشاركت في المراسيم رئيسة البلدية آن هيدالغو، وعدد من الشخصيات والوزراء.

وأشار مصدر مقرب من دوائر الرئيس، الثلاثاء، إلى أن رئيس الدولة متمسك بمشروع إقامة نصب تذكاري لتكريم جميع ضحايا الإرهاب في فرنسا وخارجها، بعد حديث عن التخلي عنه.

– مشاعر دول العالم –

أثار هجوم 7 يناير تعاطفا في جميع أنحاء العالم، وأدى إلى بروز شعار “أنا شارلي”، تعبيرا عن التضامن، واستمر تداوله فترة.

وبعد يومين من المطاردة قُتل الأخوان كواشي، وهما فرنسيان من أصل جزائري كانا قد بايعا تنظيم القاعدة، بالرصاص على يد فريق نخبة من الدرك، في مبنى مطبعة اختبآ فيه.

وفي 11 يناير 2015 جمعت المظاهرات ما يقرب من 4 ملايين شخص في جميع أنحاء فرنسا، بمشاركة العديد من رؤساء الدول والحكومات من أنحاء العالم.

وأشارت بلدية باريس إلى أن إحياء الذكرى الثلاثاء يتسم “مثل كل عام بالرصانة، نزولا عند رغبة العائلات”.

وتشمل المراسيم شارع ريشار لينوار، حيث قُتل ضابط الشرطة أحمد مرابط بالرصاص على يد الأخوين كواشي خلال فرارهما؛ وتختتم في الساعة 13,10 بتكريم ضحايا متجر Hypercasher Porte de Vincennes حيث قُتل أربعة أشخاص من الديانة اليهودية، تم احتجازهم كرهائن، في 9 يناير 2015 على يد أميدي كوليبالي.

وأكد فابريس نيكولينو، أحد أعضاء هيئة التحرير الناجين من هجوم 7 يناير 2015، الثلاثاء عبر إذاعة فرانس إنفو، أن “شارلي إيبدو تجسد النضال من أجل الحرية”.

وكتب المستشار الألماني أولاف شولتس، الثلاثاء على شبكة التواصل الاجتماعي إكس، أن بلاده تشاطر “أصدقاءنا الفرنسيين الألم”، مشددا على أن “الهجوم البربري” للأخوين كواشي الذي أوقع 12 قتيلا من بينهم 8 من العاملين في الصحيفة “يستهدف قيمنا المشتركة للحرية والديمقراطية، ولن نقبل بذلك أبدا”.

– قوى ظلامية –

وإلى جانب مجلة شارلي إبدو في أكشاك بيع الصحف خصصت العديد من الصحف اليومية الفرنسية صفحاتها الأولى للذكرى السنوية العاشرة للهجوم.

وعنونت صحيفة ليبراسيون “الحرية، حرية شارلي!”، في حين أعربت لوفيغارو عن قلقها لأن فرنسا “مازالت تحت التهديد الإسلامي”.

كما أكد وزير الداخلية برونو ريتيللو في صحيفة “لو باريزيان” أن “التهديد الإرهابي لم يكن بالمستوى الذي هو عليه الآن”.

وبحسب دراسة أجراها معهد استطلاعات الرأي “إيفوب” في يونيو 2024 ونشرتها صحيفة “شارلي إيبدو” فإن 76% من الفرنسيين يعتقدون أن “حرية التعبير حق أساسي”، وأن “حرية الكاريكاتير جزء منها”.

وقال ريس، الذي خلف الرسام الشهير شارب الذي قتل في الهجوم: “اليوم، قيم شارلي إيبدو، مثل الطرافة والسخرية وحرية التعبير والبيئة والعلمانية وحقوق المرأة، على سبيل المثال لا الحصر، يعاد التشكيك فيها مجددا، والسبب…ربما لأن الديمقراطية تجد نفسها مهددة من قبل القوى الظلامية المتجددة”.

Exit mobile version