عشاق للأعمال السينمائية يحتضنون “البقية الصامدة” من الأفلام الصامتة

بعد مرور نحو قرن على نهاية الأفلام الصامتة، يجتمع أعضاء نادٍ لهواة السينما بانتظام في العاصمة البريطانية لإحياء أعمال شهيرة تعود إلى مرحلة بدايات الفن السابع، طواها النسيان لكنها بقيت صامدة رغم الزمن.

وينظّم “كينينغتون بيوسكوب” مرة كل نحو ثلاثة أسابيع عروضا في متحف لندن للسينما، حيث يَنبُش أفلاما صامتة نادرة لم يُشاهَد بعضها منذ عقود.

وتُعرَض هذه الأفلام في ظلام قاعة صغيرة أمام بضع عشرات من المشاهدين، ترافقها موسيقيا عازف بيانو يرتجل الألحان التي يؤديها بوَحي من اللقطات التي تمرّ على الشاشة، على نحو ما كان متّبَعا في مطلع القرن العشرين.

إلى هذا المبنى نفسه، أُرسِل تشارلي تشابلن، أسطورة السينما الصامتة، عندما كان طفلا، إذ كان في ذلك الوقت مأوى للمعوزين في منطقة كينينغتون الواقعة جنوب لندن.

وقال أليكس كيرستوكاس (32 عاما) سعيدا: “يا لها مصادفةً مذهلة”.

وهذا الأميركي، وهو طالب دكتوراه في السينما، يعشق الأفلام الصامتة منذ طفولته، لأنها تتيح له الانغماس في “عالم آخر، نوع آخر من السرد، يتسم بتنوع وخيال مذهلَين”.

ويزخر المبنى بالآثار المرتبطة بأكثر من قرن من تاريخ الفن السابع، من أجهزة العرض إلى الملصقات القديمة.

ولاحظ أن “لهذا المكان سحرا غريبا، وطابعا لا مثيل له”.

كنوز مفقودة

أوضحت عضو اللجنة الإدارية لنادي “كينينغتون بيوسكوب”، ميشيل فيسي، أنها انجذبت في البداية إلى “سحر” نجوم الأفلام الصامتة، قبل أن تفهم تأثير هذه الأفلام “التي كانت دائما مبتكرة”، على تاريخ السينما.

وقالت لوكالة فرانس برس إن “في فيلم ذي ترايل لأورسون ويلز عام 1962 مشهدا من الجو لمساحة ضخمة تضم مكاتب”. وأضافت: “عندما شاهدت فيلم ذي كراود (1928) للمخرج كينغ فيدور، لاحظتُ أنه يتضمن اللقطة إياها (…)”. ورأت أن “من المثير اكتشاف تشابه كهذا”.

وامتد عصر الأفلام الصامتة من منتصف ثمانينات القرن التاسع عشر إلى مطلع ثلاثينات القرن العشرين، وانتهى بعد وقت قصير من فيلم “ذي جاز سينغر” (The Jazz Singer) العائد إلى العام 1927 والذي غالبا ما يُعَدّ أول فيلم ناطق يشكّل نقطة تحوّل ثوريّ في الفن السابع.

ولم تتمكن من الصمود إلى القرن الحادي والعشرين سوى نسبة ضئيلة من الأفلام الصامتة.

وقال أستاذ تاريخ السينما والإعلام في جامعة بيركبيك في لندن، إيان كريستي، لوكالة فرانس برس، إن نجوم عصر الأفلام الصامتة غير معروفين كثيرا في الزمن الراهن ولا يحظون بالتقدير الكافي.

وشرح أن من الصعب جدا العثور على الأفلام التي عُرِضَت في المملكة المتحدة بين عام 1906 ومطلع عشرينات القرن المنصرم، ما يضاعف أهمية العمل الذي تنجزه مجموعات من مثل “كينينغتون بيوسكوب” للعثور على هذه الكنوز المفقودة وعرضها مجددا.

ولتحقيق ذلك، ينكبّ أعضاؤها على البحث في محفوظات غطاها الغبار وفي مجموعات خاصة يملكها أفراد. وهذا الجهد الضخم يثمر أحيانا اكتشافات بالغة الأهمية. وقال إيان كريستي في هذا الصدد إن ثمة أفلاما كان يظن أنها لن تظهر يوما وأنه لن يتمكن من مشاهدتها أبدا، لكنّ هذه العروض أتاحت له هذه الفرصة.

Exit mobile version