ساركوزي ووزراء سابقين أمام المحكمة

يعود الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي إلى المحكمة، اعتبارا من الاثنين، برفقة ثلاثة وزراء سابقين، على خلفية شبهات تتعلق بتلقيه تمويلا من الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لحملته الانتخابية التي أوصلته إلى السلطة في العام 2007.

في هذه القضية المثيرة، يُشتبه في أن الرئيس الأسبق أبرم، عبر مقربين منه، “اتفاق فساد” مع القذافي، يمول بموجبه الأخير حملته الانتخابية مقابل تلميع صورته على الساحة الدولية.

ولطالما نفى ساركوزي تلقيه دعما ماليا من ليبيا وطعن بهذه الاتهامات مرات عديدة. كما وصفها بـ”الكذبة”، بينما أكد محاميه أن الرئيس الفرنسي الأسبق “ينتظر بفارغ الصبر جلسات الاستماع التي تستمر أربعة أشهر”، مضيفا أنه “سيقاوم الإطار المفتعل الذي رسمه الادعاء، ولا يوجد أي تمويل ليبي لحملته”.

وفيما يخضع ساركوزي للمحاكمة حتى العاشر من أبريل، بتهمة الفساد واختلاس أموال عامة وتمويل غير مشروع لحملته والانتماء إلى عصابة إجرامية، يواجه عقوبة بالسجن عشر سنوات وغرامة مقدارها 375 ألف يورو، فضلا عن الحرمان من الحقوق المدنية (وبالتالي عدم الأهلية) لمدة خمس سنوات.

ويظهر أمام المحكمة بسجل جنائي، بعد ثلاثة أسابيع من الحكم النهائي عليه بتهمة الفساد في قضية أخرى، بخضوعه للرقابة عبر سوار إلكتروني مدة عام.

لقاء في طرابلس

بعد عشر سنوات من التحقيقات، قضى قاضيان، في غشت 2023، بأن التهم كافية لتقديم 12 رجلا أمام العدالة؛ بمن فيهم الوزراء السابقون كلود غيان وبريس هورتيفو وإريك وورث.

وستتعمق المحكمة في ملف يعتبر متشعبا ويرتبط بحقبة سابقة، عندما كانت ليبيا تحت حكم معمر القذافي لمدة 40 عاما تقريبا.

بدأ الأمر عبر لقاء في العاصمة الليبية طرابلس في العام 2005 خُصص رسميا لموضوع الهجرة غير النظامية، بين العقيد معمر القذافي ونيكولا ساركوزي الذي كان وزيرا للداخلية في ذلك الوقت، والذي كان يستعد للترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2007.

وقتها، تم التوصل إلى “اتفاق”، حسب الاتهام الذي استند إلى تصريحات سبعة من كبار الشخصيات الليبية السابقين بشأن رحلات سرية أجراها كلود غيان مدير حملة ساركوزي الرئاسية وبريس هورتيفو وهو مقرب من الرئيس الأسبق، وأيضا إلى ملاحظات لوزير النفط الليبي الأسبق شكري غانم الذي عُثر على جثته في نهر الدانوب في العام 2012.

وتمَظهر هذا الاتفاق في البداية على شكل “إعادة تأهيل” للقذافي على الساحة الدولية، إذ استقبله ساركوزي بعد انتخابه رئيسا بحفاوة بالغة، في إطار زيارة مثيرة للجدل لباريس، كانت الأولى له منذ ثلاثة عقود.

كما انعكس في عقود كبرى ومساعدة قضائية لعبد الله السنوسي، مدير الاستخبارات الليبية المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة غيابيا في فرنسا لدوره في الهجوم على طائرة فرنسية عام 1989 أودى بحياة 170 شخصا؛ بمن فيهم 54 فرنسيا.

ويبلغ عدد الأطراف المدنية في المحاكمة حوالي 20 فردا.

رجلان

ومن بين المتهمين رجلان يملكان خبرة في المفاوضات الدولية الموازية، هما رجل الأعمال الفرنسي الجزائري ألكسندر جوهري والفرنسي اللبناني زياد تقي الدين الذي فر إلى لبنان حيث لا يزال موجودا.

وفي أحد حسابات هذا الأخير، عُثر على ثلاثة تحويلات مالية من السلطات الليبية بقيمة إجمالية بلغت ستة ملايين يورو. كما تحدث عن “حقائب” أُعطيت إلى كلود غيان، كانت تحتوي على “فواتير كبيرة”.

كذلك، أظهرت التحقيقات أن أموالا نقدية مجهولة المصدر كانت متداولة في مقر حملة ساركوزي الانتخابية. وقال إريك وورث، الذي كان وزير للمال في ذلك الوقت، إنها كانت “تبرعات مجهولة المصدر” بقيمة بضعة آلاف من اليورو فقط.

وقال فيليب بوشيز الغوزي، محامي غلود غيان، إن هذا الأخير “سيُظهر أنه بعد أكثر من عشر سنوات من التحقيق، لم يتم إثبات أي من الجرائم المتهم بها”، منددا بـ”مجموعة من الادعاءات والفرضيات وغيرها من التقديرات”.

أما نيكولا ساركوزي، فينفي كل شيء. وبالنسبة إليه، فإن الاتهامات ليست سوى “انتقام” من قبل الليبيين بسبب دعمه الثورة في زمن الربيع العربي الذي أطاح القذافي الذي قُتل في أكتوبر 2011.

وينفي محامو الرئيس الفرنسي الأسبق التمويل غير الشرعي، ويؤكدون أنه لم يعثر على “أي أثر” له في حسابات حملته الانتخابية.

Exit mobile version