الضريبة التصالحية بالمغرب .. بين غسل الأموال ودمج القطاع غير المهيكل

منذ انطلاق النقاش بخصوص أداء الضريبة التصالحية المحددة في 5% من المبالغ غير المصرح بها، خاصة على مستوى مدينة طنجة، تروج الكثير من الأخبار والشائعات التي بلغت حد التناقض، وتشكك في مصادر الأموال الكبيرة التي يجري الحديث عن إيداعها لدى الوكالات البنكية من لدن أباطرة العقار والمال بعروس الشمال.

ويجري الحديث بقوة داخل الأوساط الاقتصادية والمالية بالشمال عن إمكانية حدوث عمليات تبييض أموال كبيرة مجهولة المصدر، وإدخالها دائرة الأضواء الكاشفة عبر إيداعها في البنوك، بعيدا عن “الكاش” والخزنات الخاصة التي كان يلجأ إليها الأغنياء لتأمين الأموال والثروات بعيدا عن أعين الضرائب ومفتشيها.

في تعليقه على الموضوع يرى يوسف كراوي الفيلالي، المحلل الاقتصادي رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن الدولة قامت بهذا الإجراء من أجل تحقيق اندماج المغاربة في الاقتصاد المهيكل.

وأضاف الفيلالي، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن الضريبة التصالحية المحددة في 5% “ستجعل المواطنين في منأى عن المساءلة الضريبية مستقبلا”.

وزاد: “الدولة المغربية أقرتها وأعلنت عن حسن نيتها من أجل المغاربة الذين يعملون في القطاع غير المهيكل وأصحاب الأنشطة الاقتصادية غير المصرح بها، سواء في المجال الفلاحي أو الصناعي أو الخدماتي”.

وساق الخبير الاقتصادي ذاته مثالا في الموضوع بقوله: “بائع ذهب لا يصرح بكل شيء ويتعامل خارج ما يصرح به في إطار الترخيص الممنوح له، فهذه فرصة بالنسبة له من أجل إيداع الأموال المتوفرة لديه نقدا في حسابه البنكي ويؤدي عنها 5%، وبالتالي يبرئ ذمته وفي الوقت نفسه يصبح في وضعية قانونية، شرط أن يصبح يتعامل ويصرح بكل العمليات ويؤدي الضرائب المستحقة بطريقة منتظمة”.

وشدد الخبير الاقتصادي ذاته على أن “الدولة أعطت كلمتها وتعهدت بعدم الرجوع إلى الماضي، لكن ينبغي أن يندمج الجميع في القطاع المهيكل، وأي رقم معاملات مستقبلي ينبغي أن يسير بطريقة سليمة”.

وتحفظ الفيلالي على “الأخبار والشائعات التي تشير إلى أن الباب المفتوح يمثل فرصة لتبييض أموال المخدرات”، إذ قال: “عندي تحفظ على هذا الربط، فالمغاربة يعملون بالصناعة والتجارة والسياحة والصناعة التقليدية، وهذه فرصة ليؤدوا 5% مرة واحدة؛ ويصبحوا في وضع قانوني”.

من جهته؛ اعتبر الأكاديمي والمحلل الاقتصادي عمر الكتاني أن “الضريبة التصالحية فرضتها الدولة بسبب حاجتها إلى المال لتمويل المشاريع الكبرى لكأس العالم”، موضحا أن “عددا كبيرا من المغاربة يتعاطون التجارة، ومعنى ذلك أن أموالهم فاعلة في الدورة الاقتصادية ومتحركة”.

وتساءل الكتاني، في تصريح لجريدة النهار، عما إذا كانت هذه الضريبة ستؤثر على الحركة الاستثمارية في المغرب، مشددا على أن “العملية تحدث نوعا من الامتصاص لجزء من السيولة في المغرب ومصادرتها من الطبقة المتوسطة التي تعتبرها الدولة المحرك الرئيسي للاقتصاد”، متوقعا أن يؤثر ذلك على الاستهلاك ونمط عيش الكثير من الأسر.

وبخصوص مصدر الأموال التي تودع في البنوك وما يروج بشأنها من قصص وادعاءات، شدد المحلل ذاته على أن “الدولة ليس لها الجهاز الكافي لمعرفة مصدر الأموال، وما يهمها في العملية هو أن يصرح المواطنون بأموالهم”.

كما لفت عمر الكتاني الانتباه إلى أن “المغرب يبحث عن جمع الأموال، وفي هذا السياق قرر الرجوع إلى التهرب الضريبي الذي يبقي جزئيا في البلاد وليس مطلقا، لأن الضريبة على القيمة المضافة لا أحد يفلت منها”، ومحذرا من أن “هذا المنطق سيدفع المواطنين في المستقبل إلى ابتكار أساليب جديدة للتهرب الضريبي”، حسب تعبيره.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى