التنسيقية النسائية تدعو إلى مراجعة شاملة لمدونة الأسرة لتحقيق المساواة والعدالة
أعلنت “التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة” عن موقفها حول مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، داعية جميع مكونات المجتمع المغربي إلى الانخراط في إحداث تغيير تشريعي، تصفه بـ”الحقيقي لتعزيز حقوق جميع أفراد الأسرة دون تمييز، ويعكس التزامات المغرب الوطنية والدولية، ويعزز الدور الريادي للمغرب في مختلف المجالات، دون إغلاق باب الاجتهاد”.
ووفقا لذلك، وجهت التنسيقية، المكونة من أكثر من ثلاث وثلاثين جمعية نسائية وحقوقية على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية، نداء إلى جميع المدافعين عن الكرامة والمساواة للانخراط في النقاش من أجل التأثير في مسار التشريع لدعم مشروع تغيير مدونة الأسرة، والمساهمة في بلورة قانون يحقق العدل والمساواة ويواكب تطلعات الأسر المغربية في العصر الحديث، انسجاما مع ترافعها من أجل قانون أسري يضمن العدل والمساواة ويلغي التمييز.
ويأتي ذلك تماشيا مع دعوة البلاغ الملكي إلى تنظيم لقاءات تواصلية لاطلاع العموم على المستجدات، وصياغة نص قانوني بمقتضيات واضحة وصريحة تتفادى التأويلات الذاتية، إلى جانب الدعوة إلى خلق إطار دائم لمواصلة الاجتهاد الفقهي المستنير بغية إيجاد حلول للإشكالات المجتمعية والأسرية وتحقيق العدل بما يتناغم مع القيم الكونية.
وأبرزت التنسيقية أن إعلانها عن موقفها يأتي بعد فترة من تتبعها لمختلف أطوار مسار المشاورات والنقاش العمومي، منذ تعيين الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة وتقديم مقترحاتها لرئيس الحكومة، يوم 30 مارس 2024، مرورا بطلب رأي المجلس العلمي الأعلى، وصولا إلى صدور بلاغ الديوان الملكي، يوم 23 دجنبر 2024 المتعلق بمقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة.
وفي هذا الصدد، عبرت التنسيقية عن تقديرها للمنهجية المعتمدة من قبل الهيئة المكلفة بالمراجعة، والتي وصفتها بالإيجابية، خاصة فتح باب التشاور مع مختلف الأطراف المعنية، إلى جانب تثمينها للتعديلات التي استجابت لبعض مطالبها، من بينها إعادة صياغة المدونة وتنقيحها من الصيغ الماسة بالكرامة، وإلغاء شرط حضور شاهدين مسلمين لمغاربة العالم، ووضع أطر واضحة لتقسيم الأموال المشتركة بين الزوجين.
وينضاف إلى ذلك، تضمين التعديلات لاحتساب أعمال الرعاية في تقدير مساهمة النساء في الثروة الأسرية واستثناء سكن الزوجية من التركة، بالإضافة إلى تعزيز النيابة القانونية للأم على الأبناء وحق الحاضنة في ممارسة حقها في الزواج دون إسقاط الحضانة عنها.
ورغم هذه المكاسب، سجلت التنسيقية أن التعديلات المقترحة لا تستجيب إلى انتظاراتها بخصوص عدم تحقيق مراجعة شاملة وعميقة للنص الحالي وعدم الحسم مع التمييز القائم في بعض الأحكام، معتبرة أن الورش التشريعي يمثل فرصة لإحداث تغيير شامل يعيد النظر في فلسفة قانون الأسرة ومنطلقاته ولغته ومقتضياته، آخذا بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي طالت الأسر المغربية وشكلت بنيتها الجديدة من حيث أدوار النساء والرجال داخلها، بما يسمح بتوفير قانون يلغي التراتبية في الأدوار ويعترف بمركز المرأة داخل الأسرة في إطار من المساواة في الحقوق والواجبات، انسجاما مع كل ما تحقق في المغرب من تقدم في أوضاع النساء، وما تفرضه ملاءمة التشريعات الوطنية مع الدستور والاتفاقيات الدولية.
ووفقا لذلك، عبرت عن مجموعة من تعديلات تشريعية ترمي إلى الاعتراف للنساء المغربيات بكامل حقوقهن، بما يضمن لهن حياة كريمة وآمنة مع الاعتراف بمركز المرأة داخل الأسرة في إطار من المساواة في الحقوق والواجبات، بما ينسجم مع ما تحقق من تقدم في أوضاع النساء بالمغرب وما تفرضه ملاءمة التشريعات الوطنية مع الدستور والاتفاقيات الدولية. في مقابل ذلك، سجلت التنسيقية عدم استجابة المقترحات لانتظاراتها في تحقيق مراجعة شاملة وعميقة للنص الحالي بسبب رفض الإلغاء المباشر للتعصيب، الذي ألحت عليه المذكرات الاقتراحية خلال فترة المشاورات، مع اقتراح الهبة بدون حيازة كحل بديل، إلى جانب دعوة المقبلات على الزواج إلى اشتراط عدم الزواج عليهن في عقد الزواج، وفي الحالة العكسية، يمكن السماح به بشكل “موضوعي واستثنائي”.
وينضاف إلى ذلك، رفض اعتماد الخبرة الجينية في لحوق النسب، ما يشكل ضربا للمصلحة الفضلى للأطفال المزدادين خارج إطار الزواج، في تعارض تام مع مقتضيات الفصل 32 من الدستور الذي يلزم الدولة بحماية حقوق الأطفال في كل الوضعيات، تؤكد التنسيقية في بيان إعلان موقفها من التعديلات المقترحة لمدونة الأسرة. كما تضيف التنسيقية إلى ذلك، الإبقاء على استثناء تزويج الطفلات، وحصر مساهمة النساء في ثروة الأسرة في العمل المنزلي، علما أن آلاف النساء يشتغلن بأجر كموظفات وأجيرات، فضلا عن المشتغلات بدون أجر، توضح مكونات “التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News