الدارالبيضاء .. تسليط الضوء على مخاطر الإدمان الإلكتروني لدى المراهقين وكيفية التعافي منه
سلط الأستاذ الجامعي والخبير الدولي في علم النفس العصبي للإدمان الإلكتروني، محمد لهلال، بالدارالبيضاء، الضوء على المخاطر النفسية والاجتماعية للإدمان الإلكتروني، خاصة بين فئة المراهقين، وكيفية التعافي منه.
وأشار لهلال، في لقاء تحسيسي نظمته جمعية اليمامة، بالثانوية التأهيلية المختار السوسي، بشراكة مع المديرية الإقليمية سيدي البرنوصي وبتنسيق مع مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وبدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، إلى أن الإدمان الإلكتروني أصبح ظاهرة متزايدة في المجتمع، تشكل تهديدا حقيقيا على صحة الجيل الصاعد ومدركاته، وأكد أهمية التوعية بمخاطر هذه الظاهرة والإجراءات الفعالة للتخلص منها، بهدف الحفاظ على التوازن النفسي والاجتماعي للمراهقين بشكل خاص، موضحا أن هذه المرحلة العمرية تعد الأكثر عرضة للسلوكيات الإدمانية سواء كانت تتعلق بالمواد المخدرة مثل الكحول والمخدرات، أو الأنشطة مثل ألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح لهلال أن الإدمان الإلكتروني ليس مجرد قضاء وقت طويل أمام الشاشات، بل هو حالة من الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والإنترنت في كافة الأمور الحياتية، مما يؤثر على الأداء الدراسي والعلاقات الاجتماعية والصحة النفسية والعقلية للفرد، وأشار إلى أن الإدمان الإلكتروني قد يؤدي إلى اضطرابات مثل القلق والاكتئاب وفقدان التركيز والضعف العام فضلا عن تدهور العلاقات الأسرية والاجتماعية.
وتطرق إلى الأعراض والآثار الجسدية والنفسية التي تشير إلى الإدمان على التكنولوجيا والأنترنت، من بينها الشعور بألم في الظهر والعنق والصداع المتواصل وزيادة الوزن أو فقدانه والاضطرابات في النوم والتشويش في الرؤية، فضلا عن الشعور بالقلق والارتباك عند عدم القدرة على استخدام الأجهزة الإلكترونية، والتجاهل المتزايد للأنشطة اليومية مثل الدراسة والرياضة والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى الشعور بالانعزال الاجتماعي نتيجة الانغماس في العالم الافتراضي على حساب الواقع.
وسلط الضوء على العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية والبيئية التي قد تسهم في الإدمان لدى المراهقين، فمن الناحية البيولوجية، يظهر بعض المراهقين استعدادا وراثيا للإدمان، حيث تشير الدراسات إلى أن الاختلافات في جينات معينة يمكن أن تؤثر على كيفية استجابة الدماغ للمواد المسببة للإدمان، ومن الناحية النفسية، يواجه المراهقون الذين يعانون من اضطرابات مزاجية مثل القلق أو الاكتئاب، زيادة احتمال التحول إلى سلوكيات إدمانية كآلية للتكيف مع مشاعرهم، أما من الناحية الاجتماعية، فإن ضغط الأقران وتأثير وسائل الإعلام وسهولة الوصول إلى المواد أو التقنيات يمكن أن تعلب دورا حاسما في تعزيز الإدمان، وأخيرا من الناحية البيئية، فإن المراهقين الذين يعيشون في بيئات غير مستقرة أو حيث يعتبر تعاطي المخدرات أمرا طبيعيا، يكونون أكثر عرضة لتطوير سلوكيات الإدمان.
وحذر لهلال من خطورة مضاعفات الإدمان الإلكتروني والتي تتسبب في العديد من الآثار النفسية والجسدية الضارة بالأفراد، وأوضح أن هذا النوع من الإدمان يرتبط بالإصابة بعدد من الأمراض النفسية والعقلية والسلوكيات السلبية، مثل اضطرابات النمو العصبي والأكاديمي في الدماغ، تغيرات مزاجية حادة، مشاكل في العلاقات الأسرية والاجتماعية، بالإضافة إلى مشكلات صحية خطيرة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، مضاعفات أثناء الحمل، والعجز الجنسي، ضعف جهاز المناعة، صعوبات في التنفس، والسلوك المعادي للمجتمع، كما أضاف أن القلق والأرق من أبرز الاضطرابات النفسية المرتبطة بهذا الإدمان، وقد تصل هذه المضاعفات في بعض الحالات إلى الوفاة.
وأكد الخبير الدولي في علم النفس العصبي للإدمان الإلكتروني أن التعافي من هذا النوع من الإدمان ليس أمرا مستحيلا، لكنه يتطلب الوعي والإرادة القوية، وأوضح أن العلاج يكمن في تغيير أنماط وسلوكيات استخدام الأنترنت، والتخلص من الإدمان السلبي للإنترنت من خلال العلاج المعرفي السلوكي، حيث يمكن تحقيق ذلك عبر الخضوع لجلسات تأهيلية سلوكية في عيادات علاج الإدمان أو أماكن أخرى مختصة، بهدف تعديل أنماط الحياة، وتعلم كيفية إدارة الوقت والسيطرة على استخدام الإنترنت، فضلا عن التعبير عن المخاوف مع الطبيب النفسي لتعزيز القدرة على إعادة هيكلة نمط الحياة والتخلص من الإدمان التكنولوجي.
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن العلاج الدوائي، يعد خيارا نادرا في حالات الإدمان الإلكتروني، حيث يلجأ الأطباء النفسيون إلى استخدام العقاقير الطبية فقط إذا كان المدمن يعاني من اضطرابات عقلية مصاحبة مثل الاكتئاب أو القلق أو الوسواس القهري، حيث يمكن لمثبطات معينة أن تساعد في الحد من الإدمان السلبي على الإنترنت.
وقدم لهلال نصائح عملية للمشاركين في اللقاء لتجنب الإدمان الالكتروني والتقليل من الاعتماد على التكنولوجيا والأنترنت، وأوصى بوضع وقت محدد لاستخدام الهواتف والأنترنت، مع تخصيص وقت يومي لممارسة الرياضة والأنشطة البدنية، كما شدد على أهمية تعزيز التواصل الاجتماعي مع الأسرة والأصدقاء للحفاظ على الروابط الإنسانية، وأكد على ضرورة زيادة الوعي بمخاطر الإدمان الإلكتروني، مشيرا إلى أن التعاون بين الأسرة والمدرسة والمجتمع يعد أساسيا لمكافحة هذه الظاهرة، وشدد لهلال على ضرورة تعزيز الاستخدام الصحيح لوسائل التكنولوجيا حتى لا تؤثر سلبا على حياة الأفراد الواقعية.