تحليل: منشورات زائفة تتهم المنتجات المغربية بتدمير الزراعة الإسبانية

كشف تقرير تحليلي أعده موقع “مالديتا” الإسباني المتخصص في التحقق من الأخبار ومكافحة المعلومات المضللة، الذي استهدف مجموعة من الرسائل والمنشورات على تطبيق “تيليغرام”، أن المملكة المغربية كانت ضحية معلومات مضللة للتأثير على تصورات الجمهور الإسباني والأوروبي حول السياسات الزراعية والمؤسسات، وذلك في إطار الاتهامات الموجهة للمملكة بتدمير القطاع الزراعي في إسبانيا.

وأشار الموقع الإسباني سالف الذكر إلى استخدام المنافسة التجارية مع المغرب أو إدخال مشاريع الطاقة المتجددة في المناطق الزراعية لزرع الشكوك عبر معلومات مضللة، مؤكدا أن المحتويات التي تم تحليلها أظهرت كيفية استغلال قضايا مرتبطة بالقطاع الزراعي الإسباني، مثل اللوائح البيئية وتحويل الأراضي الزراعية لصالح مشاريع الطاقة المتجددة أو المنافسة التجارية مع دول أخرى، من أجل تهيئة المجال لنشر المعلومات المضللة وتوجيه الاتهامات باستخدام الأكاذيب والتلاعب أو الادعاءات التي تفتقر إلى الأدلة.

وفقًا للمصدر ذاته، فإن الرسائل التي جرى تحليلها تضع المغرب والاتحاد الأوروبي في قفص الاتهام، إذ تعتبر أن السياسات البيئية الأوروبية هي السبب الرئيسي وراء تدمير القطاع الزراعي، وتُتهم هذه السياسات أيضًا بأنها تهدف إلى تقليل الإنتاج المحلي لدفع إسبانيا نحو الاعتماد على استيراد الغذاء من المغرب، الذي يُتهم بدوره بفرض منافسة تجارية “غير عادلة”.

وحسب الموقع ذاته، يرى بعض الخبراء أن تصاعد حدة الرسائل المضللة قبل الانتخابات الأوروبية يعكس وجود محاولات للتأثير على السلوك الانتخابي من خلال استغلال الأزمات الزراعية، كما أن بعض جماعات الضغط الزراعية قد تسعى للاستفادة من هذه السرديات للحصول على دعم أو إعانات مالية لتخفيف تكاليف الإنتاج.

وأشار المصدر نفسه إلى إصدار النظام الأوروبي للتنبيهات الصحية إشعارين بشأن وجود فيروس التهاب الكبد (A) في الفراولة القادمة من المغرب في مارس الماضي. إذ كانت هذه الأحداث كافية لإطلاق حملة معلومات مضللة تزعم أن المنتجات المغربية ملوثة وتحتوي على مستويات من المواد الكيميائية تفوق الحد المسموح به، مؤكدًا أن “هذه الحملة هدفت إلى تعزيز فكرة أن المنتجات المغربية تشكل خطرًا صحيًا. ومع ذلك، فإن التنبيهات الصحية، مثل تلك المتعلقة بفيروس التهاب الكبد، شائعة جدًا، كما أنها لا تمثل خطرًا على المستهلكين. بالإضافة إلى ذلك، فإن المنتجات المغربية ليست الأكثر تعرضًا للتنبيهات، حيث يأتي المغرب في المرتبة 20 بـ101 تنبيه، بينما تحتل إسبانيا المرتبة الثامنة بأكثر من 340 تنبيهًا”.

وتابع قائلاً: “هذه الحملة ضد المنتجات المغربية بدأت قبل ذلك، فخلال الاحتجاجات الزراعية الأوروبية في فبراير، انتشرت رسائل تحث على التوقف عن استهلاك الأطعمة التي يبدأ رمز الباركود الخاص بها بالرقم 611، مشيرة إلى أنها منتجات مغربية. ومع ذلك، فإن البحث في المواضيع كشف أن هذا الرقم يشير فقط إلى أن المنتجات قد وُضعت عليها بطاقات تعريفية من شركات مغربية، دون أن يعني بالضرورة أنها منتجة في المغرب”.

وذكر تحليل موقع “مالديتا” أن العديد من المنشورات والرسائل تروج لفكرة أن الزراعة المغربية تنافس بشكل غير عادل مع الدول الأوروبية لأنها تنتج وتبيع بأسعار أرخص وتخضع لرقابة صحية أقل، وهو الشيء ذاته الذي تروج له أيضًا المنظمات المهنية الزراعية، موردا أن “الحقيقة هي أن المنتجات المستوردة من دول خارج الاتحاد الأوروبي تخضع للمعايير الصحية نفسها التي تُطبق على المنتجات المزروعة داخل الاتحاد”.

وأكد أن المغرب يعتبر ثاني أكثر موضوع تتم الإشارة إليه في الرسائل التي تم تحليلها، مبرزا أن الرسائل المتعلقة بالمملكة تحظى بانتشار واسع، إذ حصدت حوالي 5 ملايين مشاهدة، مسجلاً أن “أكثر الرسائل مشاهدة، التي تجاوزت 250,000 مشاهدة، نُشرت في 6 فبراير 2024، أول أيام الاحتجاجات الزراعية، وادعت أن الحكومة الإسبانية منحت المغرب 115 مليون يورو لدعم زراعة الزيتون العضوي، وهو أمر صحيح لكنه ممول من الاتحاد الأوروبي وليس من إسبانيا”.

وأشار المصدر ذاته إلى رسائل أخرى مضللة بشأن الاتفاقيات التجارية مع المغرب وكذا القروض الموجهة إلى هذا البلد، لافتًا أيضًا إلى أن “بروز نظرية المناورة خلال عاصفة دانا التي ضربت جنوب إسبانيا وتضمنت شائعات عن تدمير السدود وادعاءات بأن المغرب تلاعب بالمناخ لتدمير القطاع الزراعي الإسباني أثناء موسم البرتقال. ومع ذلك، لا أساس علميا لهذه النظرية، إذ لا توجد تقنيات تستطيع تحريك العواصف أو خلقها”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى