عادت حرب “النحالين” لتتأجج بعد انتهاء معركة تصريب استيراد العسل، ونجاح المهنيين بمختلف تنظيماتهم في التصدي لسعي الحكومة المتعلق بخفض رسوم استيراد العسل من 40 في المائة إلى 2.5 ضمن النسخة النهائية لقانون المالية 2025، المصادق عليه والمنشور في الجريدة الرسمية مؤخرا، حيث انتقدت التنسيقية الوطنية للمنظمات المهنية لمربي النحل بالمغرب بشكل مباشر الفدرالية البيمهنية المغربية لتربية النحل (FIMAP) في بيان صادر عنها، لما اعتبرته التزاما بالصمت طيلة فترة نضال التنسيقية في مواجهة الإجراء المذكور، ما فتح الباب أمام مشروعية هذه الهيئة، مشددة على العمل على مواصلة النضال المستميت ضد ما وصفته بـ”لوبي الفساد” المسيطر على القطاع، خدمة للنحال المغربي وحماية للإنتاج الوطني.
وأفاد محمد الميلودي ستيتو، المنسق الوطني للتنظيمات المهنية لمربي النحل بالمغرب، بأن سلسلة تربية النحل تعتبر الحلقة الأضعف في سلاسل الإنتاج بالقطاع الفلاحي والحيواني بالمغرب، مؤكدا أن هذا النشاط أمسك بزمام تنظيمه أشخاص لا علاقة لهم بتربية النحل وموضع اعتراض من قبل التنسيقية والنقابة الوطنية لمربي النحل بالمغرب، حيث جرى تأسيس الفدرالية البيمهنية المغربية لتربية النحل من قبل إداريين، خلسة، في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، مشيرا إلى أن هذا التنظيم الذي أحدث سنة 2011 راكم مجموعة من الأخطاء التي جرت الويلات على قطاع تربية النحل وإنتاج العسل، وأخرجت المهنين للاحتجاج في 9 مارس 2022.
وأضاف ستيتو، في تصريح لجريدة النهار، أن النحالين يعيشون اليوم بين مطرقة التغيرات المناخية والجفاف وسندان الواقع الحالي للقطاع، الذي لم يستفيد من عقدي برنامج وقعا في 2011 و2021، فيما يعيش المهنيون على وقع المعاناة من شح التساقطات والهجرة المتكررة وراءها لإنقاذ القطيع، وتفاقم المديونية بسبب الخسائر المالية وكثرة القروض، مشددا على أن إجراء مثل خفض رسوم استيراد العسل كان سيعجل بكارثة في القطاع، ويغرق السوق الوطنية بالعسل الصناعي، لولا تدخل وضغط المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، التي سلطت الضوء على الإجراء وخطورته وحولته إلى مجال للنقاش داخل البرلمان وخارجه.
من جهته، تفاعل محمد أبولال، رئيس الفدرالية البيمهنية المغربية لتربية النحل، مع البيان الصادر عن التنسيقية الوطنية للتنظيمات المهنية لمربي النحل بالمغرب، بالتأكيد على أن رده موجه إلى الرأي العام لغاية الحؤول دون تغليطه بواسطة معلومات ومعطيات غير صحيحة، موضحا أن “هؤلاء المفترض فيهم ممارسة نشاط تربية النحل والدفاع عن مصالحه لا يتحملون مسؤوليتهم فيما يتحدثون عنه من مشاكل وعراقيل مزعومة، ولا يتوفرون على أرقام أو إحصائيات بخصوص وضعية قطاع تربية النحل وطنيا، ولا حجم إنتاجه أو مستجداته”، مشددا على أن الفدرالية منخرطة مع الحكومة، وبتنسيق مع وزارة الفلاحة، في تنفيذ مشاريع مبرمجة ضمن عقد برنامج يمتد إلى 2030، يستهدف رفع الإنتاج الوطني وتحسين الجودة، وتحفيز التصدير إلى الخارج، الذي أصبح ممكنا بفضل العمل المشترك مع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) على الملاءمة مع المعايير الأوربية الموحدة لهذا النوع من المنتجات.
وأكد أبولال، في تصريح لجريدة النهار، أن الفدرالية ملتزمة بمجموعة من الأوراش في القطاع، أبرزها المطالبة بتغيير الإطار القانوني الذي يتيح خلط العسل المستورد مع المحلي، حيث تسعى إلى تعزيز الشفافية أمام المستهلكين، وتعمل على دفع السلطات إلى إقرار إجراءات لتعقب أثر منتوج العسل المستورد عند دخوله إلى السوق الوطنية، وتحديد مآل استغلاله، مشددا على أنه بخلاف منتجات أخرى، ظلت أسعار العسل مستقرة حسب جودتها، فيما لم يشتك أحد من نقص هذه المادة في السوق، علما أن الإنتاج الوطني وصل إلى 8750 طنا، مع آفاق لتحفيز الصادرات مستقبلا، والاستهلاك المحلي أيضا، الذي لا يتجاوز 250 غراما للفرد، في الوقت الذي يصل إلى 10 كيلوغرامات في بلدان أخرى، بسبب تباين سلوك الاستهلاك، حيث كان المغاربة إلى عهد قريب يستهلكون العسل لأغراض الاستشفاء، وليس التغذية.