أكد هشام البلاوي الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، بمراكش، أن رئاسة النيابة العامة أصبحت بمقتضى قرار المحكمة الدستورية هي الجهة المكلفة بتنفيذ السياسة الجنائية بمقتضى تعديل أحكام قانون المسطرة الجنائية لاسيما المادة 51 منه.
وأبرز أن السياسة الجنائية تتميز بمجموعة من الخصائص من ضمنها أنها جزء من السياسة العمومية، ومجالها هو سن قواعد وقائية وزجرية لمكافحة الجريمة وكذا تحديد الكيفيات والشروط القانونية لممارسة قضاة النيابة العامة لمهامهم.
وأوضح البلاوي، في مداخلة حول دور النيابة العامة في تنفيذ السياسة الجنائية، خلال افتتاح ملتقى الراهن القانوني والقضائي، المنظم بمبادرة من مختبر البحث في السياسة الجنائية والقانون المقارن بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن النيابة العامة تمارس السياسة الجنائية بعدة آليات تبتدئ بالأبحاث التمهيدية، قبل تحريك وإقامة الدعوى العمومية، مشيرا إلى أن أزيد من مليون شكاية يجري تسجيلها في النيابات العامة لدى محاكم المملكة خلال السنة، بالإضافة إلى الشكايات المباشرة التي تسجل لدى الشرطة القضائية
وأضاف البلاوي، أن النيابات العامة بالمحاكم تتولى تنفيذ السياسة الجنائية عبر عدة آليات قانونية من أهمها تلقي الشكايات والتظلمات المرتبطة بوقوع أفعال جرمية، وفتح الأبحاث الجنائية للتحقق من وقوع الجريمة وجمع الأدلة وضبط مرتكبيها، وتحريك الدعوى العمومية، ومباشرة الطعون التي تكون طرفا فيها وتنفيذ المقررات القضائية، مشيرا إلى أن النيابة العامة أصبحت تتجه في إطار تنفيذ السياسة الجنائية بخصوص مواضيع جديدة تتعلق بحماية كل من البيئة والاستثمار والأسرة وإرجاع الأطفال المنقطعين إلى حجرات الدراسة، وهي مواضيع لم تكن مألوفة من قبل، لأن السياسة الجنائية أصبحت متعددة المجالات وتصب في التقائية حفظ النظام العام وكذلك حماية حقوق وحريات المواطنين والأشخاص.
وفي هذا الإطار، أكد البلاوي أن رئاسة النيابة العامة، ومنذ تأسيسها، جعلت من حماية البيئة أحد أولوياتها في تنفيذ السياسة الجنائية، وذلك تعبيرا عن انخراطها في الإستراتيجية الوطنية لحماية البيئة، التي يسهر صاحب الجلالة الملك محمد السادس على ترجمتها على أرض الواقع من خلال رؤية مندمجة ذات بعد دولي.
وخلال هذا اللقاء العلمي، الذي حضره قضاة ومحامون بالإضافة إلى طلبة الاجازة والطلبة الباحتين بسلكي الدكتوراه والماستر، توقف هشام البلاوي عند التطور التاريخي للنيابة العامة في الأنظمة القانونية وفي المغرب، وتطرق إلى الأدوار التي تقوم بها النيابة العامة ومن أهمها السهر على تنفيذ السياسة الجنائية، بالإضافة إلى النصوص القانونية المؤطرة لتنفيذ هذه السياسة في التشريع المغربي.
وفي مستهل هذه الندوة العلمية، قال عبد الكريم الطالب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في كلمة القاها بالمناسبة، إن هذا اللقاء العلمي المتميز يدخل في إطار المجهودات الجبارة الذي يقوم بها مختبر البحث في السياسة الجنائية والقانون المقارن، وباقي المختبرات وهياكل البحث العلمي على مستوى الكلية، من خلال دعوة عدد من الشخصيات الوطنية التي لها باع في مجال تخصصها.
وبعد تأكيده على أهمية السياسة الجنائية كمتغير تحليلي أصبح يلعب اليوم دورا هاما في رصد أبعاد وماهية التحولات الوظيفية لمكانيزمات العلاقة القائمة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، أوضح الطالب أن تنفيذ السياسة الجنائية هي جزء لايتجزء من السياسات العمومية في المملكة، وأصبحت من اختصاص النيابة العامة بعد استقلال السلطة القضائية الذي أسس لها دستور 2011، واستقلال النيابة العامة عن سلطة وزير العدل وإخضاعها لإشراف الوكيل العام لدى محكمة النقض.
من جانبها، أشارت السعدية مجيدي مديرة مختبر البحث في السياسة الجنائية والقانون المقارن، الى أن هذا اللقاء العلمي المنظم لفائدة الطلبة الباحتين بسلكي الدكتوراه والماستر يندرج في إطار انفتاح الجامعة على محيطها الخارجي، مؤكدة على أهمية اللقاء العلمي باعتباره مناسبة وفرصة للطلبة لتجديد النقاش بخصوص المواضيع المتعلقة بالسياسة الجنائية والاطلاع على أدوار النيابة العامة في تنفيذ السياسة الجنائية.