مبادرة ثقافية تكرم جهود الباحثين في إرث العلامة محمد المختار السوسي

تكريم للعلّامة محمد المختار السوسي، الذي تعدّدت أوجه عطائهِ مؤرِّخا للأدب والفكر والمجتمع “الإلغي”، وأديبا مترجِما، ومقاوما، وأستاذا، وفقيها، ووزيرا للتاج بعد الاستقلال، استقبلته المكتبة الوطنية بالعاصمة الرباط، أمس الخميس، عبر تكريم باحثين في تراثه بجائزة حملت اسمه في دورتها الأولى.

الجائزة التي أطلقتها مؤسسة الفقيه التطواني، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، توجّت الباحث والكاتب محمد خليل، وسلّمهُ ذرعها رئيس المحكمة الدستورية محمد الأمين بنعبد الله. كما كرّمت عائلة هذه الشخصية الوطنية البارزة، التي رحلت عن دنيا الناس منذ ما يزيد عن ستين سنة، وعرفت بأعمال بارزة، من بينها “المعسول” الصادر في عشرين مجلدا.

وخلال الحفل الذي قدّم تسجيلات حول مسار محمد المختار السوسي في ظل حضور كبير، قال أبو بكر الفقيه التطواني، رئيس مؤسسة الفقيه التطواني، إن “ربط المستقبل بالماضي يمر عبر الحاضر بالضرورة”، والسوسي “علّامة، ورمز كبير من رموزنا، ونفتتح ذكرى الوفاء لإحياء رموز بجائزة تقدّم كل سنة باسم مُحتفى به دعما للأبحاث الجادة حولهم”.

وتابع: “المختار السوسي قامة فكرية شامخة، ونسهم في مد جسر المعرفة، نحو الجيل الحالي، للقاء بعلامة فارقة في تاريخ النضال الثقافي والسياسي، ورمز لتلاحم العربية والأمازيغية وزخمهِما الحضاري وتفاعلهما عبر الزمن”، كما أن هذا الاختيار “استحضار من أبناء الفقيه التطواني لصداقة المختار السوسي مع والدنا، وما يمكن أن يجمع بين حماة الفكر والقلم من الفكر والوفاء (…)، وهو علم من أعلام الهوية الإسلامية، وركن من أركان النهضة المغربية (…) ترك 50 مجلدا من الكتابات”.

رضا الله عبد الوافي، نجل المختار السوسي وصائن تراثه، ذكر من جهته أن لعائلة العلّامة “شرف تلبية الدعوة (…) للروابط المتينة بين العائلتين، لإحياء لقاء حب وتقدير واعتراف بأعمال بطولية خالدة (…) وتوجد قواسم مشتركة بين العلَمين، وبعد استقرار الوالد بالرباط إثر الوظيف الوزاري كانت له زيارات تبادل الفوائد والموائد والنزهات والخرجات لما دنت الديار من الديار (…) كذات واحدة وعلاقة أخوة (…) ومنة من الله أصدقاء من عدة طبقات، لمسوا منه الوفاء وحفظ العهد وكان يُوَاخيهم ويؤاخونه”.

وكشف المتحدث انتهاءه من كتاب جديد في جزأين يحكي قصة مؤلفات محمد المختار السوسي، ويلخّصها، ويورد صور مخطوطاتها، والتضحيات التي خاضها خاطّها من أجل طباعتها على نفقته الخاصة.

وفي كلمة لجنة التحكيم التي ترأستها الكاتبة لطيفة باقا، وتشكّلت من الباحثين عمر حلي، أحمد عصيد، كمال الهشومي وأبو بكر الفقيه التطواني، قال أحمد عصيد، الباحث في الثقافة واللغة الأمازيغيَّتين، إن هذه الجائزة “وفاء لشخصية من بناة الوطنية المغربية، ومؤسسي الشعور الوطني في العصر الحديث ببلادنا، واعتراف مزدوج بهذه الشخصية الفذة نادرة المثال محمد المختار السوسي، الذي كان عمله دائما عمل فريق، بجهد عظيم، ونتخيل جهده جهد فريق عظيم من الباحثين، مما يدل على مقدار هوسه العميق بالكتابة يوميا”.

وأضاف “هذا اعتراف وتجديد للاعتراف بالمختار السوسي، واعتراف بالجهد الأكاديمي الذي يبذله باحثون في الجامعة المغربية في أدب وفكر محمد المختار السوسي، فهذه جائزة أحدثتها مؤسسة الفقيه التطواني من باب العرفان والامتنان لهذه الشخصية، ولكل الباحثين المشتغلين على محمد المختار السوسي علميا وجامعيا”، انطلاقا من “فكرة تشجيع البحث الأكاديمي والعلمي في إرث الشخصيات العلمية والوطنية حتى لا يطالها النسيان لأنها رموز مضيئة للمستقبل أيضا؛ فالقيم التي تركتها لنا ليست قيما للماضي فقط، بل هي قيم ملهمة لما هو آت أيضا، خاصة في مجال القيم الوطنية”.

Exit mobile version