هل تنعش الضريبة التصالحية خزينة الدولة في الأيام الأخيرة من 2024؟ سؤال بات يطرح نفسه بقوة في المغرب مع الإقبال الكبير الذي تشهده المديريات الجهوية للضرائب من طرف رجال المال والأعمال الذين يسابقون الزمن من أجل أداء هذه الضريبة لتفادي أداء أضعافها في حال دخول سنة 2025.
وخلفت الدينامية التي تعرفها مديريات الضرائب حالة من الارتياح لدى الرأي العام، الذي استبشر خيرا بأداء الأغنياء الضرائب المطلوبة لمالية الدولة، وذلك بهدف مواكبة المشاريع والأوراش الاجتماعية والتنموية التي تشهدها البلاد.
ويراهن الكثير من المتابعين على أن تسجل الضريبة التصالحية المفتوحة في وجه عموم المغاربة، التي تستوجب أداء 5 بالمائة لقاء أي مبلغ أو رقم مالي غير مبرر، وتم ضبطه في حساب هذا الشخص، أرقاما مهمة من شأنها مساعدة المالية العمومية.
في قراءته للموضوع يرى محمد جدري، الخبير الاقتصادي، أن “مشروع قانون المالية لسنة 2025 أقر إجراءات لإخضاع الدخول غير العادية، إلى جانب الدخول المهنية والعقارية، للضريبة على الدخل”، معتبرا أن “عددا من المواطنين الذين يشغلون سواء في القطاع المهيكل أو غير المهيكل، ولا يستطيعون تبرير هذه الدخول، سيضطرون إلى أداء ضريبة تصل إلى 38 في المائة”.
وأفاد جدري، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، بأن “هذا الإجراء الضريبي الجديد ينطوي على أمرين مهمين، الأول إيجابي؛ بحيث سيدفع العديد من المواطنين إلى التوجه لأداء الغرامات التصالحية قبل متم السنة الجارية، وهو ما من شأنه در أموال مهمة على خزينة الدولة، ستوجه لتمويل المشاريع والأوراش الكبرى التي فتحتها البلاد”.
وأضاف الخبير الاقتصادي ذاته أن “المظاهر السلبية لهذا الإجراء تتجلى في أنه سيشجع الاكتناز المنزلي للأموال، وبالتالي ارتفاع نسبة تداول ‘الكاش’ الذي تراهن الدول على تقليل استعماله”، لافتا إلى أن “مجموعة من المواطنين سيعسون إلى التهرب من أداء هذه الضريبة وسيتجنبون إيداع أموالهم في المؤسسات البنكية”، ومشددا على أن “هذا الأمر سيفرض تحديات كبيرة على جهود محاصرة ‘الكاش’ ورقمنة الأداء”.
من جهته قال الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، إن “الإصلاحات الاقتصادية التي تمر عبر زيادة الضرائب إصلاحات غير حقيقية؛ لأن الهدف منها إنعاش ميزانية الدولة وتغطية إنفاقها”.
واعتبر الكتاني أن “الزيادات الضريبية مع التهديد بالغرامات ليست أسلوبا مواطنا، وتسائل مدى ربحية الاستثمارات التي التزمت بها الدولة في إطار استضافة كأس العالم 2030؛ بل تظهر أن الدولة التزمت بمصاريف تفوق قدراتها الإنفاقية”.
وأضاف الخبير ذاته أن “هذه الزيادات والغرامات الضريبية تصب في مصلحة خزينة الدولة من أجل تغطية الإنفاق الذي التزمت به مع الشركاء الدوليين”، لكنها “لا تخدم القطاع نصف المهيكل، إذ ستؤدي إلى قتل المقاولات التي تشتغل فيه؛ وبالتالي رفع نسب الإفلاس المقاولاتي، خاصة في صفوف المقاولات الصغرى والصغيرة جدا”.
وتابع المتحدث ذاته موضحا أن “هذه الإجراءات الضريبية تشير إلى انفصال ميزانية الدولة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين المغاربة”، موردا أن “القول إن هذه الإجراءات تهدف إلى القضاء على التهرب الضريبي لا يستقيم، لأن التهرب الضريبي في المغرب جزئي وليس مطلقا، ويتم تعويضه في إطار الضريبة على القيمة المضافة التي يؤديها المستهلك”، وفق تعبيره.