الوكيل القضائي للمملكة: حسن تدبير المنازعات يوفر على خزينة الدولة 4 مليار درهم في السنة

أكد عبد الرحمان اللمتوني الوكيل القضائي للمملكة، اليوم الخميس بمراكش، خلال ندوة علمية حول موضوع “تدبير منازعات الدولة كمدخل لترشيد النفقات وحماية المال العام”، أن 90 في المائة من منازعات الدولة تجري معالجتها أمام القضاء الإداري، مؤكدا أن حسن تدبير هذه المنازعات من خلال التدخل المبكر والاستباقي لحل المنازعات وتفادي تحولها إلى نزاعات أمام المحاكم أو هيئات التحكيم، يوفر على خزينة الدولة حوالي 4 مليار درهم في السنة، وهو ما سيسمح بترشيد النفقات وحماية المال العام.

وأوضح اللمتوني، خلال هذه الندوة المنظمة بمبادرة من مختبر البحث في السياسة الجنائية والقانون المقارن، ومختبر البحث في الجودة والتسويق “laboratoir de recherche en qualite.marketing.l-qualimat” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، لفائدة طلبة الدكتوراه والماستر، أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية تستدعي مراجعة إستراتيجية الدولة في مجال تدبير المنازعات عبر البحث عن حلول بديلة لفض المنازعات، ووضع خريطة للمخاطر القانونية والقضائية لكافة المشاريع التي تطلقها الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، مشيرا إلى أن التدبير الجيد للصفقات العمومية ينعكس إيجابا على حماية المال العام وتوجيه الإنفاق العمومي نحو المشاريع التنموية، ومن ثمة تعزيز النمو الاقتصادي والرفع من مستويات الإنتاجية والاستثمار

واستحضر اللمتوني في مداخلته، المخطط الاستراتيجي، الذي اعتمدته الوكالة القضائية للمملكة (2024-2028)، مؤكدا أن الهدف منه هو بلورة مقاربة جديدة لتدبير منازعات الدولة، تقوم على إعطاء الأولوية للوقاية من المنازعات ومواكبة الإدارات العمومية وتقديم الدعم والمشورة لها.

وأشار، في هذا الإطار، إلى أن الوكالة القضائية للمملكة تطمح من خلال إطلاق منصة “مواكبة” المخصصة لطلب الرأي والمشورة من الوكالة القضائية للمملكة لفائدة الإدارات العمومية فيما يتعلق بتدبير المنازعات، وكذا مركز النداء الذي يهدف لتعزيز التنسيق والتواصل وتبادل الخبرات مع الشركاء، إلى التعاون مع الإدارات العمومية بهدف صون المشروعية، وحماية المال العام، وإيجاد الحلول المبكرة والمناسبة للعقبات التي تواجه تنفيذ عقود واتفاقيات الاستثمار لتفادي تحولها إلى منازعات أمام القضاء أو هيئات التحكيم.

وأوضح المتحدث، أن هذه الخدمات تهدف كذلك إلى خدمة المستخدمين بشكل أفضل من خلال تعزيز القانونية، عبر دعم الإدارة العمومية وحماية المالية العمومية، وتساهم في ترشيد الإنفاق العام من خلال تجنب النزاعات وما يترتب عن ذلك من تكاليف باهظة على ميزانية الدولة.

وتوقف الوكيل القضائي للمملكة، بفضل تراكمه المعرفي في القانون الإداري بمختلف جزئياته، عند المبادئ التي استقر عليها القضاء الاداري المغربي والتطورات التاريخية التي شهدها قبل وصوله إلى شكله الحالي، مبرزا أهميته ونجاعته في ظل المفهوم الجديد للدولة الذي يسعى إلى تكريس كونية وعالمية الحقوق والحريات ودمقرطة الحياة السياسية وتعزيز دور المجتمع المدني وتأهيل القطاع الخاص وتحسين حكامة وفعالية القطاع العام وتوطيد مكتسباته وإنجازاته.

وأشار الى أن تحسين جودة أداء المرافق العمومية يتطلب انفتاح الإدارة على محيطها واستجابتها لانتظارات المواطنين والمستثمرين، مع ضرورة ملائمة برامجها مع متطلبات التنمية وتجويد الخدمة العمومية، مشددا في هذا السياق، على ضرورة إعادة النظر في المساطر المطبقة في القضاء الإداري بما يتماشى مع المنظور الحديث للادارة المبني على الحفاظ على حقوق المواطن من خلال المحافظة على المال العام دون الاخلال بالحريات.

وفي مستهل هذه الندوة العلمية، أكد أشرف جنوي نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، المكلف بالحكامة والشؤون الإدارية، أن موضوع تدبير منازعات الدولة يحمل في طياته أهمية بالغة لاسيما في ظل التحديات الراهنة التي تواجه تدبير المال العام وتعزيز الحكامة الرشيدة للمملكة.

من جانبها، شددت السعدية مجيدي مديرة مختبر البحث في السياسة الجنائية والقانون المقارن، على أهمية موضوع الندوة العلمية لراهنيته الدائمة وتعدد المقاربات التي تتقاطع بين ماهو قانوني واقتصادي واجتماعي وحقوقي، مشيرة إلى أن ترسيخ الحكامة الجيدة في تدبير المال العام، يعد محركا أساسيا لتعزيز النمو الاقتصادي والرفع من مستويات الإنتاج والاستثمار.

وتتولى الوكالة القضائية للمملكة الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام المحاكم، وتقدم الدعم والمشورة القانونية للمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، إضافة إلى حماية المال العام في القضائية الجنائية.

وقدمت الوكالة خدماتها في الاستشارة والمواكبة القانونية للإدارة وإبداء الرأي بشأن مجموعة من مشاريع ومقترحات القوانين، وعيا منها بأن أي خلل في وضع أو تطبيق النصوص القانونية من شأنه خلق إشكالات أو ثغرات قانونية قد تفضي إلى ارتفاع عدد المنازعات القضائية.

ويتضمن المخطط الاستراتيجي للوكالة (2024-2028) خمسة محاور إستراتيجية، متمثلة في دعم ومرافقة الإدارات والمؤسسات العمومية، والرؤية الاستباقية والوقاية من المنازعات، وإنشاء نظام لليقظة والتنسيق والتواصل مع الشركاء، فضلا عن تعزيز القدرات وتحسين فعالية تدبير المنازعات.

Exit mobile version