خط تجاري بحري من المرتقب أن يربط بين المغرب ودول الغرب الإفريقي، وتحديدا بين ميناء أكادير ونظيره بدكار السنغالية، وذلك بموجب بروتوكول اتفاق جرى توقيعه الأربعاء بأكادير، بين كريم أشنكلي، رئيس جهة سوس ماسة، وغريغوري دارلين، مدير شركة “أطلس مارين” المكلفة بإنجاز هذا المشروع.
وبحسب ما كشفه مجلس جهة سوس ماسة فإن “هذه الاتفاقية تعد مثالا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب ودول غرب إفريقيا، على اعتبار أن من شأن هذا الخط البحري تعزيز التبادل التجاري بين المملكة ودول جنوب الصحراء، عبر تقليص تكاليف النقل البري وزيادة كفاءة نقل البضائع والشاحنات، علاوة على كونه يشكل وجها من أوجه التعاون جنوب جنوب”.
وقال كريم أشنكلي، الذي شغل منصب رئيس مجلس جهة سوس ماسة، وفق تصريحه الذي نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، إن “هذا الجسر المباشر بين أكادير ودكار سيفتح آفاقا جديدة للمستوردين والمصدرين، ويعزز التجارة البينية الإفريقية”.
ويبدو أن هذه المبادرة التي تخص إطلاق خط تجاري بحري بين ميناء أكادير ونظيره بدكار السنغالية تندرج في إطار “رهانٍ مغربي متزايد على تيسير المبادلات التجارية مع العمق الإفريقي، وذلك بداية بدول غرب القارة”، بما ينضاف أساسا إلى العمل المغربي خلال السنوات الماضية على تشييد الطريق السيار الرابط بين تيزنيت والداخلة، الذي يراد منه تسهيل المأمورية أمام شاحنات النقل الدولي المارة من الأقاليم الجنوبية للمملكة صوب العمق الإفريقي، مرورا بمعبر الكركرات.
وتأتي هذه المبادرة كذلك في وقت أشارت معطيات سابقة قدمها رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، إلى أن “قيمة المبادلات التجارية بين المغرب والبلدان الإفريقية ارتفعت إلى 46 مليار درهم سنة 2021، فيما لم تبلغ على امتداد العشرين سنة الماضية سوى 10 مليارات درهم”؛ وهو التوجه الذي تبناه محللون اقتصاديون اعتبروا أن “هذا الخط البحري الجديد ستكون له امتيازات اقتصادية للمغرب”.
متحدثا عن الموضوع أوضح يوسف الكراوي الفيلالي، خبير اقتصادي، أن “الخط التجاري البحري الجديد من المفترض أن يساهم في تعزيز المبادلات التجارية بين المغرب ودول العمق الإفريقي”، موضحا أن “جهة سوس ماسة اليوم لديها دينامية اقتصادية كبيرة، وهي منطقة منفتحة على العمق الإفريقي، خصوصا دول غرب القارة”.
وأوضح الفيلالي، في تصريح لجريدة النهار، أن “المملكة يمكنها أن تستغل الحركية الاقتصادية التي تعرفها سوس ماسة والجنوب المغربي من أجل تقوية المبادلات التجارية الخاصة بها مع الدول الجنوبية”، موضحا أن “كل هذه المبادرات ذات الصبغة الاقتصادية من شأنها تعزيز مكانة المغرب اقتصاديا وتعزز انفتاحه الاقتصادي كذلك على المناطق الجنوبية”.
وبحسب رأي المحلل الاقتصادي محمد جدري فإن “الأمر يتعلق أساسا بإجراءات تندرج في إطار التعويل المغربي على عمقه الإفريقي، ما دام من بين المستثمرين الكبار ضمنه، فضلا عن تعويله كذلك على تعزيز التعاون جنوب ـ جنوب مع الدول الإفريقية”.
ويرى جدري، ضمن إفادته لجريدة النهار، أن “المغرب ذهب بعيدا بخصوص الموضوع المتعلق بالربط التجاري بينه وبين الداخل الإفريقي، وهو ما يظهر في تجربة الطريق السريع الرابط بين تزنيت والداخلة، الذي يروم أساسا تسهيل عبور المسافرين والسلع كذلك نحو إفريقيا، أو نحو المغرب صوب إفريقيا”.
وعزا المتحدث ذاته خطوة توقيع اتفاق من أجل فتح الخط التجاري البحري بين عاصمة سوس ماسة ودكار السنغالية إلى “رغبةٍ يبدو أنها توجد لدى المغرب وتخص أساسا تسهيل أمور الشحن واللوجستيك والنقل، على اعتبار أن هذه العناصر دائما ما تبقى مهمة في ميزان سلاسل القيمة”، موردا أن “هذه الخطوة تفيد كثيرا وتكمّل التعاون التجاري المغربي الإفريقي، سواء تعلق الأمر بتوجيه السلع نحو عمق إفريقيا أو توجيه السلع الإفريقية صوب المغرب”.