بالموازاة مع ترقب إعادة الخطوط الملكية المغربية تشغيل الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وبكين، بعد توقف دام خمس سنوات بسبب تداعيات جائحة “كوفيد-19″، أواخر يناير 2025، تستعد شركة “شنغهاي إيرلاينز” (Shanghai Airlines) لإطلاق أول رحلة جوية لها بين مطار “بودونغ” بهذه المدينة الصينية ومطار العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية بدءا من 19 من الشهر المقبل، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام صينية.
وبالربط الجوي بين الدار البيضاء وشنغهاي، فإن الشركة التابعة لمجموعة “تشاينا إيسترن إيرلاينز” ستكون بذلك أطلقت ثاني خط مع دولة إفريقية، بعد ذلك الذي يربط شنغهاي بالعاصمة المصرية القاهرة، وفق المصادر ذاتها التي أكدت أن خط “شنغهاي-الدار البيضاء” سيتم إطلاقه بثلاث رحلات في الأسبوع، الثلاثاء والجمعة والأحد، على أن تتوقف الرحلات بمدينة مرسيليا في فرنسا”.
ويرى فاعلون في القطاع السياحي أن فتح الخط الجديد يعد “بضخ أعداد كبيرة من السياح الصينيين في المغرب، بما أن السوق الصينية كبيرة أساسا، وبما أن هؤلاء يفضلون السياحة الثقافية التي تتمتع المملكة بمؤهلات كبيرة فيها”، مضيفين أن “عدم تأثر هذه السوق غالبا بالتقلبات الجيو-سياسية نظرا لسلوك الدولة الصينية المحايد في الأزمات، مقارنة بالأسواق الأوروبية والأمريكية، يضاعف حظوظ نجاح الربط الجوي بين المدن الصينية والمغربية واستدامة تدفق السياح الصينيين بالمغرب”.
الإقبال السياحي
جمال السعدي، فاعل في القطاع السياحي، أوضح أن “افتتاح الخط الجوي المباشر الرابط بين شنغهاي والدار البيضاء، الذي سيضاف إلى خط بكين-الدار البيضاء المرتقب أن يستأنف رحلاته يوم 20 يناير المقبل، سوف يلعب دورا مهما في ضخ السياح الصينيين الذين يعدون من أكبر السياح زيارة للعالم في الوجهة المغربية”.
وأبرز السعدي، في تصريح لجريدة النهار، أن “بقاء الخط الجوي ما بين العاصمة الاقتصادية للمغرب وعاصمة الصين مغلقا بعد انتهاء فترة جائحة كورونا، أثر على توافد السياح الصينيين على المملكة”، موضحا أن “أهمية هذا الخط والخط الآخر المرتقب بدء رحلاته بين شنغهاي والدار البيضاء، تكمن في كون رحلات الأخير مباشرة، والثاني تتوقف رحلاته في وجهة قريبة، ما سيتيح عدم ضياع وقت السائح الصيني بسبب توقف الرحلات الجوية في مطارات الدول الأخرى”.
وتابع الفاعل في القطاع السياحي بأنه “خلال السنوات الأربع الماضية، كان السياح الصينيون مضطرين للسفر عبر رحلات الخطوط الجوية الإماراتية أو القطرية التي تمر من الدوحة أو دبي، ما كان يضيع عليهم الكثير من الوقت”.
وأكد السعدي أهمية “الربط الجوي بالمطارات الصينية؛ بالنظر إلى تواجد طبقة متوسطة من السياح الصينيين مولعة أساسا بالسياحة الثقافية التي يتوفر المغرب على عدد من وجهاتها”، مردفا بأن “هذا النوع من السياح يقضون في المغرب فترات تصل إلى 15 يوما بغرض زيارة أقصى عدد ممكن من المعالم الثقافية المغربية”.
واستحضر “الخطوط التي سيتم إطلاقها ما بين نيويورك-مراكش، وتورنتو-الدار البيضاء،” مؤكدا أن “دور المكتب الوطني المغربي للسياحة هو إقناع شركات الطيران الدولية بفتح مزيد من الخطوط، في انتظار تعزيز أسطول الخطوط الملكية المغربية، الذي سيصل قوامه إلى 250 طائرة في أفق 2050”.
مؤشرات النجاح
سفيان بشر، فاعل سياحي رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة-تافيلالت، ذكّر بأنه “خلال نشاط الخط الجوي المباشر بين مطاري الدار البيضاء وبكين سُجلت تدفقات كبيرة للسياح الصينيين بالمملكة”، مبرزا أن “السوق الصينية واعدة للسياحة المغربية؛ فعدد السياح الصينيين الذين يجوبون العالم يتخطى 100 مليون سنويا”.
وأضاف، بشر في تصريح لجريدة النهار، أن “إطلاق هذا الخط الجديد بين شنغهاي والدار البيضاء حتما سيكون له وقع إيجابي على انتعاشة الوجهات السياحية المغربية”، مبرزا أنه “يأتي في فترة أواخر يناير التي تتزامن مع عطلة رأس السنة الصينية، التي يسافر فيها سياح هذا البلد الآسيوي بكثافة صوب الوجهات السياحية العالمية، خصوصا الثقافية التي يملك المغرب عرضا قويا منها”.
وتابع الفاعل السياحي ذاته: “هذه الفترة تتزامن بالنسبة إلينا كفاعلين سياحيين، وتحديدا بدرعة تافيلالت، مع فتور النشاط السياحي، وقيامنا بعروض وتخفيضات لتجاوز هذا الفتور”، مؤكدا أن “إطلاق هذا الخط سوف يجلب عددا كبيرا من السياح الصينيين سيساهم في الرفع من نسب ملء الفنادق، وتعويض الفراغ الحاصل، خاصة بعد تأثر نسب تصدير الأسواق الأمريكية والإنجليزية والأوروبية من السياح نتيجة التوترات السياسية والاقتصادية”.
واستحضر بشر في هذا السياق أنه “بحكم كون الصين دولة محايدة، فإن سوقها السياحية لا تخضع للتقلبات السياسية والجيو-سياسية إلا بشكل ضئيل، وحتى سياحها ليس لديهم إشكال في السفر إلى أي منطقة”، مردفا بأن “السياح الصينيين، ومن خلال اتصالات الفاعلين السياحيين بهم، يبرز حبهم وعشقهم الكبير لثقافة المغرب والوجهة السياحية المغربية”.
وشدد رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة-تافيلالت على أن “هذه مؤشرات على أن الخط الجديد والآخر بين الدار البيضاء وبكين المرتقب أن يستأنف نشاطه في يناير كذلك، لديهما حظوظ كبيرة لأن تعرف رحلاتهما نسبة إشغال كبيرة”، مضيفا: “متيقنون كفاعلين سياحيين أن هذين الخطين سينجحان، ما يحفزنا على المطالبة بخطوط أخرى مباشرة بين المدن الصينية ومراكش وأكادير والداخلة وغيرها”.