عد خبراء في الشأن الطاقي أن إصلاح الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء من خلال توسيع مهامها لتغطي جميع قطاعات الطاقة، الذي سيمضي فيه المغرب بتوجيهات من الملك محمد السادس، سوف يساهم في تسريع وتيرة الانتقال الطاقي بالمملكة ويكرس سيادتها الطاقية في ظل تزايد حاجاتها من الطاقة.
ويأتي الإصلاح الذي سيشرع فيه المغرب بعدما بصم على مجموعة من الأرقام المهمة في ميدان الطاقات المتجددة، إذ فاقت نسبة مزيج الكهرباء المعتمد على هذه الأخيرة 46 في المئة في سنة 2024، بعد أن كانت المملكة تراهن على تحقيقها في أفق 2030، وهو ما صنف البلاد الأولى في إفريقيا من حيث جاذبية الاستثمارات في الطاقات المتجددة، وفقا لمؤشر جاذبية الاستثمار في الطاقات المتجدد (RECAI).
في غضون ذلك، يصنف المغرب من طرف الوكالة الدولية للطاقات المتجددة ضمن الدول الثلاث الأولى في العالم المرشحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة.
وسجّل خبراء وباحثون في الشأن الطاقي أن إصلاح الهيئة سيساهم في “تعزيز شفافية مشاريع الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر والغاز بالمغرب، ويضاعف ثقة المستثمرين الأجانب في الوجهة المغربية؛ إذ من المرتقب أن تسهر الهيئة بموجب هذا الإصلاح على ضمان حقوق هؤلاء والدفاع عنهم أمام المؤسسات الرسمية المتدخلة في قطاع الطاقة بالمغرب”.
“تسريع الانتقال وجذب الاستثمارات”
حسن نايت بلا، خبير في الطاقات المتجددة، أوضح أن “الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء لم تحقق خلال السنوات الست الماضية على إنشائها الرهان المعلق عليها في تعزيز الولوج الشفاف والديمقراطي للمستثمرين الأجانب إلى شبكات الكهرباء، بحيث لم تخرج تسعيرة هذا الولوج إلى حدود اليوم”.
وأضاف بلا، في تصريح لجريدة النهار، أن “تعيين زهير الشرفي مسؤولا جديدا على رأس الهيئة، هو دعوة إلى تسريع إخراج هذه التسعيرة”، مفيدا بأن “توسيع مهام الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء لتشمل جميع قطاعات الطاقة، بعد أن كانت مقتصرة على الكهرباء، هو إصلاح سيمكن من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في هذه الميادين بالمغرب، ما سيضخ مجموعة من الاستثمارات في مشاريع الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر والغاز التي فتحها المغرب”.
وأوضح الخبير في الطاقات المتجددة أن “هذه المشاريع كانت في أمس الحاجة إلى هيئة تنظيمية، تكون وسيطا مستقلا يتموقع على المسافة نفسها من جميع المتدخلين الرسميين في قطاعات الطاقة والمستثمرين الخواص”، مردفا بأنها “ستساهم في كفل حقوق هؤلاء والدفاع عنها، ما سيعزز شفافية هذه المشاريع”.
وتابع المصرح عينه بأن الإصلاح الجديد “سوف يمكن من تحديد الأثمنة والتسعيرة والطاقة الاستيعابية لكل جهة في هذه المشاريع، عدا عن فصله للاختصاصات والمهام بين المتدخلين الرسميين في ميدان الطاقات المتجددة وّالهيدروجين الأخضر؛ فأكبر مشكل عطلّ مشاريع الطاقات المتجددة بالمغرب، وبالتالي فرملة سرعة الانتقال الطاقي به، هو تداخل مهام هؤلاء الفاعلين”.
وأشار إلى أن ما شهدته الهيئة من إصلاحات يأتي ضمن مسار من إعادة هيكلة المؤسسات المتدخلة في القطاع الطاقي الذي شرع فيه المغرب، خلال السنوات الأخيرة، “من خلال جعل الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) بوابة فقط في إطار مشروع [عرض المغرب] من خلال مواكبة المستثمرين ومصاحبتهم، وكذا إنشاء الشركات متعددة الخدمات بالنسبة للمكتب الوطني للكهرباء”.
المواكبة والحكامة
من جهته، قال علي شرود، خبير في الشأن الطاقي، إن “المغرب منذ أن أحدث وزارة خاصة بالانتقال الطاقي أثبت بما لا يدع مجالا للشك طموحه القوي في تسريع الانتقال الطاقي من خلال مشاريع الطاقات المتجددة الشمسية والريحية فالهيدروجين الأخضر التي دشّنها الملك محمد السادس”، مفيدا بأن “تعيين رئيس جديد للهيئة وتوسيع مهامها يهدف إلى ضمان حكامة هذه المشاريع وتحقيقها للسيادة الطاقية وترشيد الموارد الكهربائية الناتجة عنها”.
وأيد شرود، في تصريح لجريدة النهار، أنه “كان لا بد من توسيع مهام هذه الهيئة لتمتد إلى جميع قطاعات الطاقة؛ نظرا لأن هناك مشاريع مفتوحة للطاقات المتجددة وأخرى في الهيدروجين الأخضر في إطار عرض المغرب يجب أن تكون هناك هيئة تسهر على تسريع تنزيلها ومراقبتها”، مضيفا أن “هذه الهيئة ستساهم في مواكبة المغرب لجميع التطورات الموجودة في مجال هذه الطاقات، وستضمن الالتقائية بين جميع هذه المشاريع”.
ولفت إلى أن “استهلاك المغرب من الكهرباء يأخذ اتجاها مرتفعا، ومن المتوقع أن يستمر عليه مع مشاريع تطوير البنية التحتية التي سوف ينجزها استعدادا لكأس العالم 2030. ولذلك، لا مناص له من ضمان سيادته الطاقية إن أراد تخفيض فاتورته الطاقية، وهو ما يعوّل عليه من خلال الإصلاح المؤسساتي الذي نحن بصدده”.
واستحضر الخبير في الشأن الطاقي “وجود جاذبية استثمارية كبيرة للمغرب في قطاعات الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر في المغرب، وهو ما ظهر في حجم الاتفاقيات التي تهم هذه القطاعات الموقعة خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، تضاف إلى الاسثتمارات الخليجية الكثيرة”.