مصدرو الخضر والفواكه يعلنون عن خسائر بسبب البطء في معبر الكركرات

يشتكي مصدرو الخضر والفواكه المغاربة إلى الأسواق الإفريقية من صعوبات كبيرة في عمليات التصدير، تتعلق، بحسبهم، ببطء إجراءات التفتيش والعبور عبر معبر الكركرات، إضافة إلى غياب نقاط التخزين المكيفة والوسائل اللوجستية التي تضمن وصول منتجاتهم إلى وجهتها النهائية بالجودة المطلوبة، مؤكدين أن هذا الوضع يسبب لهم خسائر مادية كبيرة أصبحوا يبحثون معها عن بدائل أخرى لطرق النقل، مطالبين في الوقت ذاته بإعادة هيكلة هذا المعبر البري وتوفير وسائل لوجستية متطورة لتحسين انسيابية العبور وحماية مصالحهم في ظل تنافسية السوق الإفريقية.

من جهته، أفاد مصدر جمركي جريدةَ جريدة النهار الإلكترونية بأن إدارة الجمارك بهذه النقطة الحدودية تواجه عددا من التحديات الذاتية والموضوعية تؤثر على سرعة الإجراءات، من ضمنها ضعف التنظيم من جانب شركات التصدير، وضرورة تشديد عمليات المراقبة لمحاربة مجموعة من الممارسات غير القانونية، إضافة إلى نقص بعض الوسائل اللوجستية، مؤكدا في الوقت ذاته أن السلطات المعنية تعمل على إعادة تأهيل معبر الكركرات بهدف تعزيزه كمنصة تجارية استراتيجية مع إفريقيا.

بطء وبدائل

قال محمد الزمراني، رئيس الجمعية المغربية لمصدري مختلف السلع نحو إفريقيا والخارج، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، إن “معبر الكركرات يعرف بطئا شديدا في عملية التفتيش والعبور إلى موريتانيا ومنها إلى باقي الدول الإفريقية بسبب افتقاره لعدد من البنيات التحتية والأدوات اللوجستية، الأمر الذي أضر كثيرا بمصدري الخضر وكبدهم خسائر مالية كبيرة”.

وأوضح الزمراني أن “إدارة الجمارك تعتمد على إجراء عمليات التفتيش اليدوي من خلال تفريغ كل حمولة الشاحنات في ظروف غير مواتية وفي غياب نقاط تخزين وتفريغ مكيفة تضمن الحفاظ على جودة الخضر والفواكه، وذلك بالرغم من وجود جهاز للمسح الضوئي بالمعبر”، مضيفا: “نحن لسنا ضد تشديد إجراءات التفتيش، وندعو إلى توقيع أقصى العقوبات على كل من يثبت تورطه في أنشطة غير قانونية، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب مصالح المصدرين”.

وتابع قائلا: “طالبنا إدارة الجمارك بتشييد نقطة تخزين مكيفة تضمن لنا الحفاظ على الخضر والفواكه في درجة حرارة مناسبة تقيها من التلف، وعبرنا عن استعدادنا لبناء هذه النقطة من مالنا الخاص شريطة توفير وعاء عقاري لذلك، غير أنه لم يتم التجاوب مع هذا المطلب. كما اقترحنا شراء رافعات (كلارك) من مالنا الخاص أيضا، لأن منتجاتنا تصل إلى الموردين دون الجودة المطلوبة والمتفق عليها بسبب غياب هذه الوسائل، ونحن مهددون بفقدان الأسواق الإفريقية أمام منافسة المصدرين المصريين والجنوب إفريقيين”.

وأكد رئيس الجمعية المغربية لمصدري مختلف السلع نحو إفريقيا والخارج أن “الخضر والفواكه يتم تفريغها من الشاحنات من أجل تفتيشها يدويا ووضعها مباشرة على الأرض في ظروف غير ملائمة، ما يساهم في تلفها السريع، مع ما يعني ذلك من خسائر مادية وتراكم للديون التي أثقلت كاهل المنتجين والمصدرين”، مطالبا بـ”إعادة هيكلة معبر الكركرات وتوسيع بنياته التحتية وضخ وسائل لوجستية وآليات حديثة تضمن تسهيل عمليات المراقبة من جهة، وتحفظ مصالح المصدرين من جهة أخرى”.

وبين أن “العراقيل والصعوبات التي تواجهها عملية العبور من الكركرات جعلت منتجي ومصدري الخضر والفواكه إلى إفريقيا يفكرون في التوجه إلى طرق النقل البحري باعتبارها أقل تكلفة وأكثر سرعة، وقد دخلت بعض شركات النقل على الخط من خلال إطلاق خط بحري بين مينائي أكادير ودكار، عبر سفن مخصصة لنقل الركاب وكذا الشاحنات المحملة”، مؤكدا أن “استمرار الوضع على حاله يهدد بفقدان معبر الكركرات جاذبيته التجارية والموارد التي يدرها على خزينة الدولة”.

ضعف وتأهيل

أكد مصدر مسؤول بإدارة الجمارك أن “أحد أهم أسباب بطء إجراءات العبور والتفتيش بمعبر الكركرات، هو ضعف التنظيم من طرف المصدرين وسائقي الشاحنات الذين يلجون إلى المعبر”، موضحا أن “هناك إشكالا في التنظيم من قبل الشاحنات حتى قبل دخولها إلى منطقة المراقبة، خاصة من حيث الإدلاء بالوثائق المصاحبة للشاحنات الموجهة للتصدير، مما يفرض على أعوان الجمارك بذل جهود مضاعفة من أجل ضمان سلاسة العبور”.

وأضاف المصدر الجمركي الذي تحدث لجريدة النهار أن “مصدري الخضر والفواكه عبر الكركرات يجب أن يبذلوا مجهودا مضاعفا في طريقة التصفيف داخل مقطورات الشاحنات، إذ يتم وضع المنتجات الموجهة للتصدير بشكل عشوائي وغير منتظم، مما لا يساعد أبدا أعوان الجمارك في القيام بعمليات التفتيش اليدوي دون الحاجة إلى إنزال كل الحمولة”.

وحول أسباب اللجوء إلى التفتيش اليدوي في ظل وجود أجهزة المسح الضوئي، أفاد المصدر ذاته بأن “المعبر أصبح يتوفر على أجهزة سكانير حديثة ومتطورة أسفرت عن ضبط أكثر من 5 أطنان من مخدر الشيرا كانت مخبأة بعناية في المقطورات وداخل تجاويف الشاحنات، وهذا الأمر يفرض تشديد إجراءات المراقبة”، مضيفا أن “اللجوء إلى التفتيش اليدوي يكون بهدف معاينة طبيعة ونوعية الخضر والفواكه التي يتم تصديرها، حيث يتم إخفاء منتجات زراعية منعت السلطات الحكومية تصديرها بين الأنواع المسموح بتصديرها، وقد جرى ضبط عدد من الحالات بواسطة هذا النوع من التفتيش”.

وحول غياب بعض الوسائل اللوجستية في المعبر، أشار مصدر جريدة النهار إلى أن “معبر الكركرات تعوزه نقاط للتخزين والتفريغ وقلة عدد الرافعات الشوكية (كلارك)، غير أن هذا الأمر يقع تحت مسؤولية كافة المتدخلين في تسيير هذا المعبر الحدودي، بما في ذلك السلطات المحلية”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “السلطات تعمل على إعادة تأهيل المعبر، وهناك مجموعة من الإجراءات في طور التنفيذ من أجل ضمان سلاسة عمليات العبور والتصدير، كما يتم العمل على توسيع وتهيئة ممرات العبور وتشييد ممرات خاصة بكل من فئة الشاحنات الثقيلة والسيارات الخفيفة، إضافة إلى الراجلين”.

ولفت المتحدث الانتباه إلى أن “مختلف المعابر البحرية والجوية في المغرب توجد بها شركات مكلفة بتدبير البضائع، وهذا ما يفتقر إليه معبر الكركرات، حيث تتكلف السلطات المحلية بهذا الأمر في حدود الإمكانيات، كما أن هناك نقصا كبيرا في عدد العمال الذين يشرفون على إفراغ الشاحنات من أجل المراقبة اليدوية، وكلها عوامل موضوعية تؤثر بالضرورة على انسيابية حركة السلع عبر الكركرات”.

وخلص المسؤول ذاته إلى أن “إدارة الجمارك بالمعبر تكثف من عمليات المراقبة من أجل حماية المستهلك وضمان استخلاص الضرائب والرسوم لفائدة خزينة الدولة، وهي منفتحة على الحوار الجاد والمسؤول، وعلى كل المقترحات المعقولة المرفوعة إليها من طرف شركات تصدير الخضر والفواكه، بمشاركة جميع المتدخلين والجهات المعنية الأخرى بهذا المعبر، إذ من الضروري تنسيق الجهود وتبادل الأفكار بين الجميع خدمة للأهداف الوطنية المشتركة الرامية إلى تحويل الكركرات إلى منصة اقتصادية وتجارية تربط المغرب بعمقه الإفريقي”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى