مراكش .. القضاة يعززون قدراتهم في مجال حقوق الإنسان
انطلقت، اليوم الأربعاء بمدينة مراكش، أشغال الدورة التكونية الثانية، التي يشرف على تأطيرها خبراء دوليين، لتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان حول استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب، طبقا لبرتوكول اسطنبول في صيغته المراجعة.
ويأتي تنظيم هذه الدورة التكوينية الثانية، المنظمة على مدى ثلاثة أيام، من قبل رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبتعاون من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، لتمكين أكبر عدد ممكن من نفس الفاعلين الأساسيين المعنيين بالموضوع للاستفادة من برنامج تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب طبقا لبرتوكول اسطنبول في صيغته المراجعة، وستعرف مشاركة حوالي 80 قاضيا وقاضية منتدبين عن كافة محاكم الدوائر الاستئ رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبتعاون من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن نافية بكل من مراكش وأسفي وسطات وكلميم وورززات والعيون. فضلا عن مشاركة ممثلين عن الضابطة القضائية ومندوبية إدارة السجون وإعادة الإدماج وأطباء شرعيين.
وفي كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة التكوينية، قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه هشام بلاوي الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، أن هذا البرنامج، الممتد على خمس سنوات، جرى إطلاقه بتاريخ 7 أكتوبر الماضي بمدينة الرباط، خلال ندوة وطنية نظمت بالمناسبة من طرف رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبتعاون من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، ويعكس إستراتيجية رئاسة النيابة العامة في ما يرتبط بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان.
وأضاف بلاوي ، أن الدورة التكوينة التي نظمت على هامش هذه الندوة الوطنية بمدينة الرباط، استفاذ منها 70 مشاركا من قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وفاعلين آخرين معنيين لاسيما ممثلين عن الشرطة القضائية والمنذوبية العامة للسجون وممثلين عن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هذا البرنامج يأتي في إطار مواصلة تنفيذ برنامج أوسع يتعلق بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان الذي أطلقته رئاسة النيابة العامة بتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتاريخ 10 دجنبر 2020، بمناسبة الذكرى 72 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وأكد بلاوي، أن اعتماد هذا البرنامج التكويني التخصصي، يأتي في إطار مواكبة انخراط المملكة المضطرد في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وترجمة إرادتها الراسخة في تكريس مبادئ حقوق الإنسان وضمان التمتع بها من خلال مجهود متواصل لإدماج المعايير الدولية المترتبة عن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية في التشريعات الوطنية واستحضارها في الممارسات اليومية لمختلف المؤسسات والجهات المعنية.
واستحضر بلاوي مضامين الرسالة السامية لجلالة الملك محمد السادس، الموجهة للمشاركين في المناظرة الدولية التي احتضنتها مدينة الرباط يومي 7 و8 دجنبر 2023، بمناسبة الاحتفاء بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تعكس العناية الملكية لمجال حقوق الإنسان وتعزيز قدرات الفاعلين في هذا المجال.
وعرج بلاوي في كلمته، التي ألقاها نيابة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، على الدستور المغربي لسنة 2011، الذي يعد ميثاقا للحقوق والحريات الأساسية ولاسيما ما تضمنته مقتضيات الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات وغير ها من المقتضيات التي جاءت بمزيد من الضمانات القانونية والقضائية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، شكل ركيزة أساسية لانطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية.
وخلص بلاوي، الى أن رئاسة النيابة العامة تحرص على أن تجعل من حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى الأولويات للسياسة الجنائية، وهو ما تعكسه التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة فيما يخص الجوانب المتعلقة بالمعالجة القضائية لقضايا التعذيب، ومتابعة شكايات ادعاءات العنف والتعذيب وسوء المعاملة.
وتتضمن أشغال هذه الدورة التكوينية، مناقشة مجموعة من المواضيع البالغة الأهمية تهم على الخصوص، الإطار القانوني: المعايير الدولية وتنفيذها على المستوى االوطني، بخصوص حظر التعذيب والتزامات الدول الاطراف بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أهداف ومبادئ وأساليب متعلقة بالأبحاث حول أفعال التعذيب وسوء المعاملة ودور النيابة العامة والقضاة وباقي الفاعلين، توجهات بروتوكول اسطنبول بشأن الأبحاث القضائية بما في ذلك نتائج الطب الشرعي الرسمية وشهادة الخبراء الطبيين، عرض ومناقشة حالة حول إدعاءات التعذيب وتحديد الثغرات التي قد تطال التحقيق القضائي في القضية النموذجية وتوصيات لتطوير خطة تحقيق تتوافق مع بروتوكول اسطنبول، الأدلة الجنائية وتقارير الطب الشرعي، والعناصر التي يجب مراعاتها أثناء التقييم السريري للأطفال، ومبادئ التقييم السريري المناسب لادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، وكيفية تنفيذ هذه التقييمات في المغرب على المدى القصير والطويل.
يذكر أن برتوكول اسطنبول، دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تم اعتماده مند سنة 1999 باعتباره مبادئ توجيهية دولية، يهدف إلى البحث والتحري وتقييم الأشخاص الذي يدعون التعرض للتعذيب وسوء المعاملة والتحقيق في حالات التعذيب المزعومة قصد إبلاغها للجهات القضائية لاتخاذ مايلزم من قرارات بشأنها.
وتكمن أهمية هذا البرتوكول، ليس فقط فيما يحمله من مبادئ وشروط يتعين أن يتقيد بها الخبير الطبي ويستحضرها القضاة وموظفو انفاذ القانون، بل إن تزايد الاهتمام به انعكس في عمل هيئات المعاهدات ولاسيما لجنة مناهضة التعذيب التي تستحضره بمناسبة فحص تقارير الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب في البعد المتعلق بالتوعية والتكوين في هذا المجال حيث تخصص جزءا من ملاحظاتها الختامية وتوصياتها لذلك.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News