“قانون المالية” وأسعار الأدوية .. أي تدابير لتخفيف الأعباء عن المغاربة؟‬

ينص مشروع قانون المالية لسنة 2025 على إعادة هيكلة الفصل 30 من تعريفة الرسوم الجمركية على الواردات المتعلقة بالمواد الصيدلانية. ويأتي ذلك بمراجعة نسبة الرسوم الجمركية على الواردات المطبقة على بعض الأدوية، في إطار دعم الإستراتيجيات الوطنية للنهوض بهذه الصناعة وتسهيل حصول المواطنين على هذه المنتجات.

وقال فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، “لدينا مجموعة من الأدوية أثمانها مضاعفة بنحو 4 مرات مقارنة مع مناطق كثيرة حول العالم، لأنه تحت غطاء الإنتاج الوطني هناك جزء من النشاط يمارس في نطاق الاستيراد”.

في هذا الإطار قال خالد الزوين، رئيس المجلس الوطني للاتحاد الوطني لصيادلة المغرب، إن “المشكل أعمق من ذلك”، وأضاف ضمن تصريح لجريدة النهار أنه “من غير المعقول الاستمرار في الخطاب الشعبوي الذي يتضمن عدة مغالطات، وفي غالب الأحيان يروج له من أجل صناديق التضامن”، بحسبه.

وأكد الزوين أن “ارتفاع تكلفة الاستشفاء أسبابه هي سعر الكشف عند الطبيب وقيمة التحاليل الغالية والقيمة المرتفعة للأشعة وأدوات إجراء العمليات، وكذلك الإقامة الغالية في المصحات الخاصة”.

الصناعات الدوائية

اعتبر رئيس المجلس الوطني للاتحاد الوطني لصيادلة المغرب أن “هذا المشكل يثار للمرور إلى قضايا أخرى لها علاقة بطبيعة الاستثمار في قطاع الصحة عامة والدواء خاصة، محاولين العبث بنصوص قانونية تنظم صرف الدواء في المغرب، وبدل معالجة مشكل الاستثمار مباشرة يلجؤون إلى اللف والدوران”.

وأورد الزوين أن “كل الأدوية المصنعة بالمغرب تعتبر وكأنها مستوردة لأن موادها الأولية كلها مستوردة، ولهذا لا نمثل وكأننا نتوفر على الاستقلال الذاتي في الصناعة الدوائية، بل إن دواء بسيطا ورخيصا مثل levothyrox 25 بثمن 6,35 درهم يستورد”.

وزاد المختص ذاته: “إذا كانوا يريدون تشجيع التركيب الدوائي في المغرب وليس الصناعة الدوائية فهذا التخفيض الضريبي خطوة قد تساهم في ذلك. أما الدواء الغالي فهو المتعلق بأمراض السرطان وقد بدأ الاستثمار في تركيبه بالمغرب، وهنا مربط الفرس والتنافسية مع المعامل الأجنبية بالمملكة”.

ونبه المتحدث إلى كون “الحكومة مطلعة على هامش ربح مصنعي الأدوية، ولها أن تناقش معهم ذلك مستعملة جزرة تشجيع الصناعة المحلية وعصا تخفيض هامش الربح ومواكبة تطلعاتها كما عبر عنها السيد الوزير لقجع”.

أدوية لأمراض مستعصية

من جانبه قال أمين بوزوبع، رئيس الائتلاف الوطني لصيادلة العدالة والتنمية، إن “لائحة المكونات الفعالة للأدوية الواردة في مشروع قانون المالية تضم أدوية تصنع محليا من طرف المختبرات الوطنية”.

وأضاف بوزوبع ضمن تصريح لجريدة النهار أن “هذه الأدوية لا تعتبر غالية ولا تتجاوز أثمانها 70 درهما، وهي على سبيل المضادات الحيوية، ومضادات الالتهاب وأدوية الجهاز الهضمي”، وتابع: “في المقابل اللائحة المقترحة في مشروع القانون تتضمن أيضا بعض الأدوية الغالية، التي يتم استيرادها وهي لعلاج أمراض السرطان والأمراض المستعصية”.

وأردف الطبيب الصيدلاني: “هذه الشريحة من الأدوية هي التي وجب التركيز عليها من أجل خفض أثمانها؛ ولا أظن أن حذف الرسوم الجمركية سيساهم في ذلك، بل تحتاج إلى تحفيزات من أجل استيراد أدوية مشابهة لها أرخص أو تشجيع الصناعة المحلية من أجل إنتاجها بضمانات معقولة تحفزها على ذلك”.

وأكد المتحدث ذاته أن “حذف الرسوم الجمركية على الأدوية لن يكون له دور في التخفيض ما عدا إن كان هناك تعاقد قبلي مع المختبرات التي تعمل على استيرادها”، وأشار إلى أن “هذا النوع من الأدوية الموجه لعلاج الأمراض المستعصية مثل السرطان والفيروسات الكبدية والأمراض المناعية هو الذي يثقل كاهل المواطن وكذا توازنات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.

وتحدث بوزوبع عن “محدودية المرسوم الوزاري المتعلق بتحديد مسطرة أثمان الأدوية الصادر منذ 2013″، وقال إنه “أبان عن فشله تجاه الأدوية الموجهة للأمراض المستعصية، وهو ما يستوجب مراجعته وفق مقاربة تشاركية مع الفاعلين في القطاع، حتى لا يتم تكرار أخطاء الماضي والتخبط في سياسات تفتقد للحكامة وللشمولية والسقوط في إشكالية افتقاد العديد من الأدوية من الصيدليات، وهو ما يكون على حساب صحة المواطن”.

وأورد الطبيب ذاته أن “أي مقاربة لا بد أن تراعي استقرار المنظومة الدوائية والصيدليات الوطنية، لكون الأخيرة ركيزة مهمة في ضمان الأمن الدوائي الوطني”.

هامش ربح الصيدلاني

قالت الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب: “‎نطالب منذ فترة طويلة بتقنين أسعار الأدوية، بما فيها المكملات الغذائية والمستلزمات الطبية ومواد التجميل التي تُستخدم في إطار علاج الأمراض الجلدية، وإدراجها ضمن الحيز الخاص للصرف من طرف الصيادلة وفقط”.

وأوردت الفيدرالية لجريدة النهار: “إذا كنا نهدف إلى تنظيم تسعير الأدوية وتقنينه فلا بد أن يشمل هذا جميع الأدوية، سواء كانت بيطرية أو بشرية، وأيضاً المستلزمات الطبية، والمكملات الغذائية، وبعض المنتجات الصحية التي يصفها أطباء الجلد وتُصرف في الصيدليات، حتى لا يحدث تلاعب في أسعار هذه الأدوية التي يتم استيرادها من دول مختلفة، مثل المكملات الغذائية التي تحتوي على المغنيسيوم أو الزنك أو غيرها من المواد العلاجية التي أصبحت اليوم تُكتب كثيراً في وصفات الأطباء”.

واعتبرت الهيئة ذاتها أنه “‎من الضروري أن تعمل الوزارة المعنية، بالتعاون مع المجالس الجهوية والفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب على إصدار قانون نهائي ينظم صرف المكملات الغذائية ويضع إطاراً قانونياً لها، مع العلم أن وزارة الصحة قدمت منذ فترة مشروع قانون في هذا الباب يحتاج فقط إلى تعديل بند أو بندين لكي تخضع هذه المكملات للمسار نفسه الذي تخضع له الأدوية الأخرى المعترف بها من قبل الوزارة”.

‎وانتقدت الجهة نفسها ما أسمتها “فراغات قانونية”، قالت إنها “تجعل المتطفلين على القطاع يضاربون في أسعار المستلزمات الطبية، إذ تصل أثمانها إلى مبالغ خيالية، ما يستنزف مالية المريض وصناديق التأمين والتغطية الصحية”، وأكدت أنه “يجب دعم الصناعة المحلية الدوائية عبر دعم الدواء الجنيس وسن حق الاستبدال للصيدلاني كما هو متعارف عليه في أغلب المنظومات الصحية العالمية الناجحة”.

كما عبرت الفيدرالية عن رفضها المساس بهامش الربح الخاص بالصيدليات، مردفة: “سبق لنا أن قمنا بإضراب عام 2018 وعام 2023 دفاعاً عن هامش ربح غير صاف لا يتجاوز 30% لفئة معينة من الأدوية ويصل إلى حدود 8% كربح صاف كما حددته مديرية الضرائب في اتفاقية سابقة مع صيادلة الصيدليات. ونطالب بتدابير عاجلة لدعم هامش ربح صيادلة الصيدليات عبر تعويض عن العمل الصيدلاني لمواجهة التخفيضات المتتالية للأدوية التي تعصف بالاستقرار الاقتصادي لأغلب الصيدليات، عكس أسعار العقارات والوقود والحد الأدنى للأجور التي ترتفع باستمرار”.

Exit mobile version