وسط أزمة اقتصادية ضاغطة، يجد المغاربة أنفسهم في مواجهة تحدٍّ جديد يتمثل في الارتفاع الجنوني لأسعار زيت الزيتون، أحد أهم المنتجات الغذائية الأساسية في البلاد. بالنسبة للكثير من الأسر المغربية، أصبح الحصول على هذا “الذهب السائل” أشبه بمعركة يومية. فمن يتحمل العبء؟
أزمة إنتاج تضرب القطاع المحلي
تعاني السوق المغربية من انخفاض حاد في إنتاج زيت الزيتون بسبب موسم جفاف طويل أثر بشكل كارثي على محاصيل الزيتون في مناطق رئيسية مثل الحسيمة. هذه المنطقة، المعروفة ببساتينها الشاسعة، شهدت تراجعًا ملحوظًا في إنتاجيتها، ما زاد من الضغوط على العرض المحلي.
في المقابل، تجاوز الطلب المحلي المتزايد بكثير الكميات المتوفرة، مما أدى إلى قفزات كبيرة في الأسعار، جعلت هذا المنتج بعيد المنال عن متناول الأسر محدودة الدخل.
اللجوء إلى إسبانيا لتغطية النقص
لمعالجة هذه الأزمة، اضطر المغرب إلى التوجه نحو إسبانيا، أكبر مصدر لزيت الزيتون عالميًا، وبحسب وسائل إعلام إسبانية، بدأت التعاونيات الزراعية المغربية في استيراد زيت الزيتون الإسباني بعد الحصول على التراخيص اللازمة. وهذه الخطوة تهدف إلى توفير حل مؤقت لتخفيف العبء عن المستهلكين واستقرار السوق المحلية.
التحديات التي تواجه القطاع الزراعي المغربي
على الرغم من محاولات المغرب تعزيز إنتاجه المحلي، لا يزال القطاع يواجه تحديات هيكلية ومناخية خطيرة. فزراعة الزيتون تعتمد بشكل كبير على الري، ومع نقص التقنيات الحديثة في معظم المناطق، يظل القطاع الزراعي هشًا في مواجهة تقلبات المناخ.
ولتجنب تكرار مثل هذه الأزمات، تحتاج السلطات إلى اتخاذ خطوات جريئة لتطوير القطاع الزراعي. ويشمل ذلك، استثمارات كبيرة في البنية التحتية الزراعية لتحسين كفاءة الإنتاج، وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة للحد من تأثير التغيرات المناخية، وكذا إطلاق مبادرات لدعم الفلاحين الصغار وضمان استدامة الإنتاج على المدى الطويل.
وبينما تخفف الواردات الإسبانية الأزمة الحالية، يتعين على المغرب وضع استراتيجية شاملة لضمان الأمن الغذائي وتعزيز إنتاج زيت الزيتون محليًا. فبالإضافة إلى كونه منتجًا غذائيًا رئيسيًا، يعد زيت الزيتون رمزًا للثقافة الزراعية المغربية، واستمرار هذه الأزمات قد يُفقد البلاد أحد أعمدتها الاقتصادية والاجتماعية الأساسية.