علمت جريدة النهار من مصادرها الخاصة إيفاد المفتشية العامة للإدارة الترابية لجان تفتيش نوعية بجهتي الدار البيضاء- سطات ومراكش- آسفي، لغاية التدقيق في سندات طلب “مفخخة” تسببت في حرمان مقاولات من حصصها في الصفقات العمومية، المنظمة من قبل جماعات ترابية في الجهتين المذكورتين، موضحة أن المصالح المركزية استنفرتها شكايات واردة عن مقاولين متضررين، فوجئوا ببنود استثنائية ضمن طلبات عروض معلنة عبر البوابة الوطنية للصفقات العمومية، أقصت عددا كبيرا من المقاولات وأجبرتها على الخروج من المنافسة.
وأفادت المصادر ذاتها بأن المعطيات الأولية الواردة عن عملية التفتيش الجارية كشفت تضمين جماعات ترابية طلبات عروض بندا يلزم المقاولات بإيداع مبلغ الضمان caution لدى مقر الجماعة، ما تسبب في حرمان عدد كبير من المقاولات الموجودة خارج المجال الجغرافي للجماعة صاحبة الصفقة من المنافسة على سند الطلب المعلن عبر البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية، موضحة أن جماعات أخرى أمهلت مقاولين أجلا لا يتعدى 48 ساعة بين تقديم الملفات وفتح الأظرف، ما عزز الشكوك حول تفصيل الجهات صاحبة المشاريع صفقات على مقاس مقاولات بعينها.
وأكدت مصادر الجريدة أن مفتشي الداخلية شرعوا في التدقيق مع المصالح المكلفة بتنظيم وتدبير طلبات العروض الخاصة بسندات الطلب في الجماعات الترابية المعنية، موردة أن مهام الافتحاص امتدت إلى محاضر صفقات سابقة تعود إلى السنتين الماضيتين، وأخرى خلال فترة زمنية قريبة، إذ استند المفتشون إلى مضامين شكايات وإخباريات واردة ضد رؤساء جماعات متورطين في شبهات التلاعب في صفقات وتسريب أسرار عنها لفائدة مقاولين، ومشددة على أن هذه الممارسات اتخذت شكل تحايل على مساطر الرقمنة المعتمدة بواسطة البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية.
ونص المرسوم رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، بالإضافة إلى رفع السقف المالي لسندات الطلب إلى 500 ألف درهم، بعدما كان هذا السقف لا يتجاوز 200 ألف درهم في 2013، على ضرورة تخصيص نسبة 30 في المائة من المبلغ المتوقع للصفقات المزمع طرحها من طرف الدولة ومؤسساتها برسم كل سنة مالية بشكل عام للمقاولة الوطنية المتوسطة والصغيرة، بما فيها المبتكرة والمبتدئة، وللتعاونيات ولاتحاد التعاونيات والمقاول الذاتي.
وكشفت مصادر جريدة النهار عن تركيز لجان التفتيش على الثبت من صحة إخباريات حول شبهات علاقات بين رؤساء جماعات وأرباب مقاولات استفادوا من صفقات على المقاس، مقابل عمولات وامتيازات، مردفة بأن المعطيات الواردة همت أيضا تعرض مقاولين لضغوط من قبل المنتخبين المذكورين لغاية تقديم عروض مشتركة مع مقاولات مملوكة لأقارب ومعارف، من أجل الحصول على الصفقات، التي يجري تنظيمها بطريقة رقمية عبر البوابة الوطنية للصفقات العمومية، إلا أن عملية صياغة طلبات عروضها ودفاتر الشروط CPS الخاصة بها بقيت تحت مظلة الإدارات الجماعية.
يشار إلى أن مناقشات مشروع قانون المالية 2025، الذي تمت المصادقة على جزئه الأول من قبل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، عرفت ضغوطات من أجل إعادة النظر في الإطار التشريعي المنظم للصفقات العمومية، خصوصا المؤطر لسندات الطلب، بعد ثبوت عدم استفادة المقاولات الصغرى والصغيرة جدا من هذه الصفقات، إذ لجأ كبار المزودين ومقدمي الخدمات بالجملة إلى تأسيس مقاولات من أجل المنافسة على الصفقات الصغيرة، مستغلين وضعهم التجاري في السوق وإمكانياتهم المالية واللوجستية.