خبراء: مقاولات تستفيد من “المقاول الذاتي”.. والتحفيز الضريبي ضروري
قال جامعيون إن رفض الحكومة مقترحات المعارضة والأغلبية بخصوص رفع رقم الأعمال السنوي للخضوع للضريبة على الدخل بالنسبة للمقاول الذاتي إلى 100 ألف درهم أو 200 ألف درهم، عوض 80 ألف درهم الواردة في نص المشروع، “يستدعي اليوم بالفعل القيام بتقييم شامل لهذه التجربة حتى نكون على بيّنة تجاه جميع الثغرات والعثرات التي واجهت البرنامج منذ انطلاقه”.
الحكومة دفعت أثناء رفض المقترحات أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء، خلال التصويت على تعديلات مشروع قانون مالية 2025، بأن “شركات ومقاولات صارت تتهرب من توظيف الشباب كأجراء وتتعاقد معهم كمقاولين ذاتيين من أجل أن تدفع فقط 1 في المائة عوض 20 في المائة”، وهو ما لم ينكره الجامعيون الذين تحدثوا لجريدة النهار، غير أنهم نبهوا إلى كونه “ليس وضعاً مطلقاً”.
الأغلبية سحبت التعديل بعد أن قدم لقجع وجهة نظر الجهاز الحكومي، لكن السجال المرتبط بالمقاول الذاتي نبه وفق المحللين إلى “مقاولات عمومية صارت بدورها تتوسّل هذا البرنامج كطريقة للتشغيل من أجل تقليص الأعباء”، مبرزين أن “البيانات والأرقام هي وحدها الكفيلة بتقديم معطيات دقيقة حول الأعطاب التي تعتري هذا البرنامج”.
واقع ملتبس
إدريس الفينة، جامعي رئيس المركز المستقل للدراسات الإستراتيجة، لم ينف وجود مقاولات عمومية كبرى تتعاقد مع المقاولين الذاتيين لتتهرب من أداء الضرائب، معتبراً أن “هذه الفئة مع ذلك تظلّ قليلة، ونحتاج إلى أرقام وبيانات دقيقة لنعرف ما الذي تشكله في خريطة المقاولة الذاتية الوطنية”، وأضاف: “هذه ظاهرة موجودة، لا أحد يقول عكس ذلك، غير أنها نادرة ولا يمكن أن يتمّ بها تعليل رفض الحكومة تعزيز قدرات المقاول الذاتي وتأهيل فرص الشغل المماثلة”.
الفينة نبّه، ضمن تصريحه لجريدة النهار، إلى أن “النقاش المرتبط بقانون المالية صارت تغلبُ عليه النزعة التقنية عوض العمق الاقتصادي كما كان سابقاً”، مردفا: “نحن بالفعل بحاجة إلى تقييم شامل لهذه التجربة وفتح نقاش وطني حولها حتى نعرف الثغرات التي تم استغلالها في برنامج المقاولة الذاتية”، وواصل: “أيّ تحفيزات إضافية بالنسبة لها ستكون في صالحها؛ وظاهرة الاستغلال فيها نقاش وتتطلب المزيد من الدقة والبراهين”.
وتابع المتحدث شارحاً: “علينا أن نعرف نسبة الشباب الذين يستفيدون من البرنامج، وكم منهم يدخلون ضمن الدائرة السوداء المرتبطة بالتهرب الضريبي أو من أداء الواجبات الاجتماعية بالنسبة للأجير”، وزاد موضحاً: “هذه النسبة لا تشكل مجمل معاملات مشاريع المقاولة الذاتية في البلد؛ هي موجودة غير أنها لا يمكن أن تكون آلية لحرمان المستثمرين الصغار من مساعدات جبائية جديدة، وأنا أتفق مع الفريق الاشتراكي الذي اقترح رفعها لـ200 ألف درهم”.
خريطة مبهمة
المهدي لحلو، أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، شدد على “ضرورة إعادة النظر في نظام المقاولة الذاتية بشكله الحالي، وكذلك في تحفيزات الدولة لكل مكونات الاستثمار، فضلاً عن تقييم السياسات الاقتصادية المرتبطة بالتشغيل، لكوننا وصلنا إلى مليون و700 ألف عاطل، ما يتطلّب حلولاً جديدة”، مسجلاً أن “التشغيل الذاتي يفترضُ أن يساهم في التقليل من تداعيات البطالة على الاقتصاد الوطني”.
الحكومة تعهّدت بإخراج المرسوم الذي يجري الاشتغال عليه وسيوجه لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في إطار ميثاق الاستثمار، وهو ما قال لحلو لجريدة جريدة النهار الإلكترونية إنه “حلّ ضمن الحلول، بما أن النظام الضريبي يمثل جزءاً من المنظومة العامة للاستثمار”، وأورد: “يوجد أيضاً السوق وإمكانيات المستثمر للقيام بالمغامرة وغيرها من الأمور التي تواجه المستثمرين في السوق المغربية”.
واعتبر المتحدث أننا “نواجه مجموعة من من الأسئلة المطروحة التي تتطلب إرادة سياسية حقيقية للقضاء على ظاهرة البطالة”، مبرزاً أن “الوضعية الحالية تشدّ الانتباه إلى المجلس الوطني للشبيبة والمستقبل”، وزاد: “يبدو وكأننا عدنا إلى نقطة الانطلاق، وعلينا أن نجري تشخصياً مضاعفاً لمعرفة المشاكل التي منعت في تلك الفترة، واليوم، المقاولين الشباب والمقاولات الصغرى والمتوسطة من القيام بالاستثمارات الضرورية؛ هذا هو الإشكال الأساسي”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News