بعد تدخل وسيط المملكة على الخط ..توقيع محضر تسوية بين طلبة الطب ووزارتي التعليم العالي والصحة
وقعت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة، اليوم الجمعة، محضر تسوية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تحت إشراف وسيط المملكة، التي تكللت جهوده لحلحة الأزمة في رفع أطول مقاطعة شهدتها الكليات والتي استمرت لحوالي سنة كاملة من طرف طلبة الطب.
وقالت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة إن توقيع محضر التسوية جاء بعد ما وصفته باليوم الديمقراطي الذي شهدته كليات الطب والصيدلة، حيث صوت الطلبة عبر صناديق الاقتراع على المقترح الحكومي وبعدها التصويت على تعليق الإضراب المفتوح، معلنة رفع المقاطعة التي امتدت لأزيد من 11 شهرا والعودة إلى الكليات لاستئناف الدراسة وطلب العلم والمساهمة في تقديم عرض صحي يليق بتطلعات الشعب المغربي وللرفع من جودة التكوين الطبي والعرض الصحي لمؤسسات الوطن.
وتضمن محضر التسوية، وفقا للمصدر ذاته، استجابة لأغلبية مطالب طلبة الطب التي تضمنها ملفهم المطلبي الذي حركهم منذ 16 دجنبر 2023 للدخول في اضراب مفتوح وتسطير حراك طلابي هو الأطول في التاريخ عالميا، والذي شهد عدة محطات وعواصف وقف أمامها الطلبة وقفة رجل واحد، من طرد وتوقيف وشكايات وجلسات استماع بمخافر الشرطة ومثول أمام القضاء.
بدورها، أعلنت مؤسسة وسيط المملكة، أمس الجمعة، عن نجاح مبادرة التسوية التي قادتها بين الإدارة وطلبة كليات الطب والصيدلة، باعتبارها مؤسسة دستورية وطنية مستقلة لضمان تواصل مؤسساتي فعال، وهي التسوية التي ترتب عنها عودة الطلبة المعنيين إلى مدرجاتهم وتداريبهم السريرية الميدانية، ووضع حد لكل الأشكال الاحتجاجية المتخذة منذ ما يناهز إحدى عشر شهرا، والتي بلغت حد المقاطعة التامة للدروس والامتحانات.
وأكدت مؤسسة الوسيط، في بلاغ لها، توصلت به “الصحراء المغربية”، أن تسوية ملف طلبة الطب هي نتيجة تعكس الجهود المشتركة التي بذلتها كافة الأطراف المعنية، وتجسد التنسيق المثمر بين المؤسسة وباقي المتدخلين، مما ساهم في خلق أجواء حوار ملائمة، وساعد على بناء الثقة وتسهيل تبادل الرأي وفرص تقريب وجهات النظر، التي أنتجت حلولا تضمن استجابة دستورية وقانونية، فعالة وواقعية، للملف المطلبي المعبر عنه منذ انطلاق الأشكال الاحتجاجية.
وفي سياق إعلان المؤسسة عن إنهاء التوتر الذي ساد كليات الطب والصيدلة خلال هذه المدة، عبرت عن إشادتها بالتجاوب الكبير والتفاعل الإيجابي والمسؤول الذي اتسمت به المشاورات المجراة مع رئيس الحكومة ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزير الصحة والحماية الاجتماعية، ومع عمداء كليات الطب والصيدلة، وممثلي أساتذة التعليم العالي، وممثلي الطلبة المعنيين، وممثلي بعض هيئات المجتمع المدني النشيطة في المجال، وكل المعنيين الذين تسنى الإنصات إليهم حول كافة جوانب الموضوع في مراحل مختلفة.
وأكدت المؤسسة في السياق ذاته على أهمية الجهود المبذولة لتسهيل سبل الوصول إلى هذه التسوية، وتدعو الأطراف المعنية إلى مواصلة الحوار الهادئ في سياق علاقات ارتفاقية قائمة على الثقة وحسن النية، بما يضمن جودة التكوين الطبي ويساهم في الرقي بالوضع الصحي ببلادنا وفي تطوير المنظومة الصحية وتحصين سيادتها الوطنية كما أراد ذلك جلالة الملك نصره الله وحفظه، داعية جميع المتدخلين، إلى ضرورة إيجاد الأرضية المناسبة لتعزيز الثقة بين الأطراف المعنية وخلق جسور التواصل المستمر بينها، لتنزيل ما تم التوافق عليه لما فيه مصلحة التكوين الطبي والكلية العمومية ببالدنا.
وتأتي هذه المستجدات، وفقا لمصادر “الصحراء المغربية” بعدما ارتأت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة إجراء تصويت إلكتروني خاصا بكل كلية، أول أمس الخميس، من أجل الحسم في موقف الطلبة من قرار الاستمرار في المقاطعة من عدمه، وذلك بعدما أسفرت نتائج التصويت الحضوري الذي تم بجميع كليات الطب، الأربعاء، عن رفض أغلبية طلبة الطب للمقترح الوزاري الأخير بسبب استثناء الدفعة الأولى من طلبة الطب من قرار عدم تطبيق تقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات، وهو المطلب الذي كانت الدفعات الخمس الأولى متمسكة به طيلة الشهور الماضية من عمر المقاطعة.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الطلبة الموافقين على العرض الحكومي هددوا بإنهاء المقاطعة وعدم احترام رأي الأغلبية، وهو ما دفع اللجنة إلى إجراء تصويت عن بعد بشأن تعليق الإضراب، حيث أيد أغلبية الطلبة في التصويت الإلكتروني رفع الإضراب، وبالتالي تم الحسم في الموقف النهائي للطلبة والاتفاق على توقيع محضر تسوية مع وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحت إشراف وسيط المملكة.
وتضمن العرض الوزاري الجديد الذي صوت عليه طلبة الطب، وتوصلت “الصحراء المغربية” بنسخة منه، عدم تطبيق قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7177 بتاريخ 13 مارس 2023 على الأفواج الأربعة السابقة عن صدوره وإخضاعهم للقرار الذي كان ساري المفعول قبل صدوره، وإخضاع الفوج 2023-2024 للقرار الساري المفعول في تاريخ التحاقه بالكليات، ويمكنهم الاستفادة من تداريب سريرية اختيارية قد تصل إلى سنة، مدة كل تدريب 3 أشهر، قبل مناقشة الأطروحة، مقابل إشهادات عن كل فترة من هذه التداريب، مع إعادة برمجة تداريب التكوينات للسنة السادسة الجديدة بغلاف زمني يمتد لـ44 أسبوعا بالإضافة إلى التكوين في طب الأسرة، والرفع من الغلاف الزمني 5986 ساعة بالنسبة لـ5+1 وإدراجها في الملفات الوصفية للدفعة المعنية.
وبخصوص مستقبل السنة السادسة، فقد تعهد وزير التعليم العالي الجديد بأن ثوابت المملكة ثلاثة فقط، وأي شيء آخر فهو قابل للنقاش وللتراجع عنه إن ثبت فيه مضرة للوطن، وأي قرار مستقبلا بعد انفراج الأزمة سيمر بإشراك جميع الفاعلين بالجامعة، وبعد التأكد من جدواه ومنفعته، وأي قرار اتخذ سابقا ولا يحترم هذا المبدأ من المرجح أن يعاد البث فيه ومراجعته حفاظا على جودة التكوين وسمعة الجامعة المغربية.
وفي نفس السياق، أوضح الوسيط في آخر لقاء معه أن الإدارة تؤكد أنها بعد انفراج هذه الازمة وروجع الأمور إلى نصابها، ستتفتح كل المبادرات التحسينية القانونية الممكنة والنقاشات الجادة والهادئة التي من شأنها الرقي أكثر بمنظومة التكوين الطبي في يلادنا، في سياق تشاركي يساهم فيه كل المتدخلون بما يخدم جودة التكوين الطب التي هي جزء من جودة المنظومة الصحية في البلاد.
وتضمن العرض الوزاري رفع كافة القرارات التأديبية الصادر في حق الطلبة المعنيين، بشكل استثنائي، وتبدأ في مباشرة الإجراءات المسطرية المتعلقة بذلك خلال هذه الأيام، كما أكد العرض استمرار مكاتب طلبة كليات الطب والصيدلة القائمة، ويجب عليها أن تعمل على مواءمة وضعيتها مع المقتضيات القانونية والبنيات التنظيمية المتخذة تطبيقا للمادة 72 من القانون رقم 01.00، وذلك في مدة أقصاها ستة أشهر ابتداء من تاريخ قيام الإدارة بتعميم او تحديد أو اعتماد البنيات المذكورة بموجب الأنظمة الداخلية للكليات.
وفيما يتعلق بالتعويضات عن المهام، التزمت الحكومة بتحقيق زيادة في التعويضات بالنسبة للسنة الثالثة والرابعة والخامسة، 1200 درهما، وبالنسبة للسنة السادسة والسنة السابعة وسنة التداريب التكميلية 2400 درهما، أي ما مجموعه 100800 درهما خلال مدة التكوين كاملة مقابل 54240 درهما سابقا.
وتضمن المقترح الوزاري في المحور المتعلق بتدبير مرحلة العودة، استعداد الإدارة لبرمجة امتحانات استثنائية لكل أسدس، تسهر عليها الجهات البيداغوجية المعنية، إدارة وأساتذة، وفي احترام تام لاختصاصات الطاقم البيداغوجي، مع تمكين الطلبة من اجتياز الامتحانات في ظروف بيداغوجية سليمة وملائمة، بالنسبة لمطلب crédit de système، أكدت الإدارة أنه لا يوجد مانع مبدئيا في تمكين الطلبة منه على ان تتم مراعاته في الحدود الممكنة والمعقولة بيداغوجيا، وعلى أن تبقى الكلمة الفصل فيه للطاقم البيداغوجي.
وفي هذا الصدد، عرضت الإدارة ثلاث سيناريوهات لبرمجة الامتحانات وهي أربع دورات امتحان ضيقة، او ثلاث دورات امتحان تتضمن دورتين عاديتين ودورة استدراكية جامعة، أو دورتي امتحان بفارق زمني مريح.