قال محمد بنطلحة الدكالي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى الأمة بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعون للمسيرة الخضراء، يوجه رسائل قوية إلى خصوم الوحدة الترابية، ويكرس نجاح المغرب في ترسيخ سيادته على أقاليمه الجنوبية من خلال ثلاث ركائز أساسية، تتمثل في ارتباط سكان الصحراء العميق بمغربيتهم وتعلقهم بمقدسات الوطن، والتنمية الشاملة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، والدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء خاصة التأييد الدولي الواسع لمبادرة الحكم الذاتي.
وأوضح بنطلحة وهو أيضا مدير المركز الوطني للدراسات والابحات حول الصحراء التابع لجامعة القاضي عياض في تصريح ل”الصحراء المغربية”، أن هذه الركائز الثلاثة تضع الديباجة لما يسمى بعالم الواقع الحقيقي، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي يقطع آمال الذين يعيشون على أوهام الماضي فيما يتعلق بالحصول على مكاسب جيواستراتيجية من خلال مزيد من الاستثمار في نزاع الصحراء، ويؤكد أن سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية لن يخضع لأي مساومة أو مزايدة للذين يتاجرون بهذا النزاع أملا في تحقيق أهداف سياسية ضيقة.
وأكد بنطلحة، في هذا السياق، أن واقع مغربية الصحراء تؤطره مبادئ الحق والشرعية ويترسخ كذلك سياسيا بانجازات ونهضة تنموية وكذا بالاعتراف الدولي الحقيقي والواقعي المتزايد من القوى الكبرى ومن عدة دول في العالم بمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها “الأساس الوحيد والأوحد” من أجل التفاوض بشأن حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية.
وأشار إلى أن الخطاب الملكي كان واضحا من حيث تأكيد تشبث المغاربة بسيادة بلادهم غير القابلة للتفاوض على أقاليمها الجنوبية، ومن حيث استمرار بعض الدول في الترويج للأكاذيب والأساطير حول القضية الوطنية في محاولة لتصريف مشاكلها الداخلية، وجعلها أصلا تجاريا الغرض الأساسي منها هو الحصول على منفذ للولوج إلى المحيط الأطلسي، لافتا إلى أن جلالة الملك أكد في خطابه أن الشركات والالتزامات القانونية للمغرب، لن تكون أبدا على حساب وحدته الترابية وسيادته الوطنية.
ووفقا لمحمد بنطلحة الدكالي، فإن خطاب المسيرة الخضراء بمناسبة الذكرى ال 49، وجه دعوة صريحة لا لبس فيها للمنتظم الدولي في شخص الأمم المتحدة من أجل تحمل مسؤولياته في هذا الإطار من أجل ردع مثل هذه الممارسات، وتسوية هذا النزاع الذي عمر لأكثر من نصف قرن على أساس الشرعية الدولية المتمثلة في مبادرة الحكم الذاتي التي تحظى بدعم دولي كبير مقابل إقبار خيار الاستفتاء الذي مازال يوجد في قاموس بعض الجهات المنفصلة عن الواقع الجيو-سياسي الجديد، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه، واستحالة تطبيقه، وفي نفس الوقت، ترفض السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، وتأخذهم كرهائن، في ظروف يرثى لها، من الذل والإهانة، والحرمان من أبسط الحقوق.
ويرى مدير المركز الوطني للدراسات والابحات حول الصحراء التابع لجامعة القاضي عياض، في هدا الصدد، أن الرهينة هو شخص يجري احتجازه مع التهديد بقتله أو بإلحاق الأذى به كوسيلة للضغط لتحقيق أهداف معينة أو للحصول على فدية وغير ذلك، وهو وفق القوانين الوطنية جناية، ووفق القانون الدولي الإنساني جريمة حرب.
من جهة، أخرى ثمن المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية عاليا التصور الجديد لجلالة الملك محمد السادس من أجل تأطير الجالية المغربية المقيمة بالخارج، من خلال مراجعة القانون المنظم لمجلس الجالية المغربية بالخارج، وكذا خلق المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج، مؤكدا أنه يترجم اهتمام جلالته برعاياه في الخارج، وحرصه على تبسيط المساطر الإدارية وتوفير الظروف الملائمة لمغاربة العالم.
وخلص محمد بنطلحة الدكالي، إلى أن خطاب الذكرى 49 للمسيرة الخضراء هو خطاب الحسم في التوجه السياسي والدبلوماسي للمغرب الحديث الذي لا يمكن أن يفرط في شبر واحد من أراضيه، أو التفاوض بشأن حلول غير واقعية