أثار حكم صادر عن قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بمراكش، شهر يوليوز 2024، والقاضي بإرجاع طفل ذي أربع سنوات ونصف السنة، لبلد أجنبي (سويسرا) حيث كان يقيم رفقة أبويه، جدلا قانونيا.
كما أثار هذا الحكم القضائي إشكالات تتجاوز حدود الحكم بإرجاع أطفال مغاربة إلى بلدان أجنبية بذريعة أنها بلدان إقامتهم الاعتيادية، وهو ما اعتبرته فدرالية رابطة حقوق النساء وعدد من المنظمات الحقوقية، تطبيقا منحرفا لبنود اتفاقية لاهاي المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال، المؤرخة في 25 أكتوبر 1980.
وفي هدا الإطار، وجهت الأم لمياء أستاذة جامعية المعنية بهذا الحكم، في تصريح ل”الصحراء المغربية، رسالة وصرخة تطالب من خلالها باحترام مبدأ المصلحة الفضلى للطفل التي تنص عليها كل التشريعات و المواثيق الدولية لحقوق الطفل والتي صادق عليها المغرب، وذلك على هامش ندوة صحفية نظمت بمقر جمعية النخيل حول موضوع “إرجاع الطفل المغربي إلى بلد أجنبي و مسألة السيادة التشريعية و القضائية”.
واستعرضت الأم لمياء الوقائع التي تضمنتها القضية، حيث أقرت بعودة الأسرة التي كانت تعيش بسويسرا بعد جائحة كورونا للاستقرار بالمغرب باقتراح من زوجها السابق، واستقرت بالدار البيضاء قبل الانتقال الى مدينة مراكش، وفي غلفة منها قرر زوجها ودون علمها أن يعود لسويسرا من جديد، ويتقدم بدعوى قضائية في مواجهة مطلقته للمطالبة بحضانة طفلهما، وبعد معركة طويلة قضت المحكمة ابتدائيا واستئنافيا بحق الأم في حضانة الطفل وظنت الأم أن هذا الملف طوي إلى الأبد إلى أن ظهر حكم آخر يقضي بإعادة الطفل إلى مكان إقامته الاعتيادي “سويسرا”.
وأكدت الام لمياء التي تعيش في دوامة حقيقة، في حديتها ل”الصحراء المغربية”، أن زوجها السابق لم يسبق له زيارة ابنه طيلة السنوات الأخيرة ولا التحدث معه عبر الهاتف، حتى أن الطفل لا يعرفه، متسائلة كيف يمكن حرمانه من أمه وإعادته إلى مكان إقامته الإعتيادي بسويسرا بعيدا عن حضن أمه ووطنه الأم، علما أنه عاش في المغرب منذ أن حل به رفقة والديه.
من جانبها، أوضحت سناء زعيمي رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، أن هذه القضية تساءل اليوم الرأي العام الوطني حول إعمال مبدأ المصلحة الفضلى للطفل الذي لم يجري احترامه بعد الحكم القضائي الصادر ضد الأم لمياء بحرمانها من حقها في حضانة طفلها، الذي كان يعيش في كنفها لثلاث سنوات، منذ عودتهما رفقة زوجها المغربي إلى الوطن الأم.
وأشارت الى أن هذه القضية تهم وضعية العديد من الأمهات المغربيات اللواتي يحرمن من حقهن في حضانة أطفالهن، وهو ما يستدعي طرح السؤال حول مدى احترام مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، ومدى ملاءمة التشريع الوطني للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي شكلت مطلبا أساسيا للحركة النسائية المغربية.
بدوره، أكد الحسين الراجي محامي بهيئة مراكش، أن موكلته الأم لمياء أنصفها القضاء في مجموعة من القضايا، منها الحكم لها بحق حضانة فلدة كبدها الذي يعيش في كنفها منذ عودتهما رفقة زوجها السابق إلى المغرب، موضحا أن مكان إقامة هذا الطفل الاعتيادي هو المغرب، حيث انتقل وعمره سنة ونصف إلى بلد أبويه الأم المغرب.
وعبر الراجي الذي يرأس جمعية النخيل للمرأة والطفل، عن استغرابه من صدور حكم قضائي يقضي بإرجاع الطفل لمكان إقامته الاعتيادية بسويسرا، مؤكدا أنه لأول مرة في مساره المهني كمحام وحقوقي يقف على مثل هذه القضية عندما قررت النيابة العامة استئناف حكم قضائي نهائي يمنح أما الحق في حضانة ابنها، متسائلا عن الغاية والهدف من هذا التوجه الذي أخذه هذا الملف، وهي أسئلة تنتظر من الجهاز القضائي بمراكش الاجابة عنها.
وأشار الراجي إلى أن حقيقة ما وقع هو أن رئاسة النيابة العامة في سويسرا مكان إقامة الأسرة سابقا وأب الطفل حاليا، تلقت شكاية من قبل هذا الأخير بخصوص عملية الاختطاف التي تعرض لها ابنه، وبحكم أن الشكاية مقدسة ومن حق أي مواطن تقديمها، فإنها تستدعي فتح تحقيق في مزاعم الزوج ب”خطف ابنه”، وهو ما لم تذهب فيه النيابة العامة المختصة بمدينة مراكش، واعتبرته اتهاما للأم اعتمدت عليه حكمها دون أن تفتح أي تحقيق يذكر، رغم المطالبة المتكررة بضرورة إجراء بحث اجتماعي و فتح تحقيق قضائي للتأكد من أن الطفل قدم إلى المغرب رفقة أبويه على متن طائرة واحدة في فبراير سنة 2022 ولم يجر اختطافه كما يزعم الأب.