39.5 في المائة من النساء يصبن بسرطان الثدي في المغرب سنويا
يصيب سرطان الثدي 39.5 في المائة من النساء، سنويا، في المغرب، الأمر الذي يدعو وزارة الصحة إلى تكثيف جهودها للتوعية بأهمية الفحص المبكر، وهو ما تمحور حوله اللقاء الإعلامي الذي نظمته الوزارة مع شركة فايزر، والذي تناولت مداخلاته مجمل الجوانب المتعلقة بهذا التحدي الصحي، مؤكدة على دور الدعم النفسي والمجتمعي للمريضات خلال رحلة العلاج، كما قدمت الإحصائيات المتعلقة بعوامل الإصابة والفئات الأكثر عرضة لها، مسلطة الضوء على المبادرات التي تطلقها الجمعيات للتخفيف من معاناة المريضات، في ظل التقدم الملحوظ الذي يسجله المغرب في مجال العلاجات الطبية للتصدي لهذا المرض.
كشفت الدكتورة لبنى أبوسلهام، رئيسة قسم الوقاية ومكافحة السرطان بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية أن 39.5 في المائة من النساء يصبن بسرطان الثدي في المغرب سنويا، وذلك خلال لقاء إعلامي نظمته وزارة الصحة وشركة فايزر، أمس الثلاثاء، تحت عنوان “لنتحدث معا عن سرطان الثدي: التوعية ودعم مسيرة الورود”، بمشاركة نخبة من الخبراء الوطنيين.
ويندرج هذا اللقاء الذي أداره الدكتور فيصل أحمد نَمْلي، المدير الطبي لشركة فايزر بالمغرب، في إطار الحملة العالمية السنوية لشهر أكتوبر الوردي، حيث يهدف إلى التوعية والتحسيس بمكافحة سرطان الثدي والتأكيد على أهمية الفحص المبكر والتشخيص في المراحل الأولى للمرض.
الفحص المبكر يساوي العلاج النهائي من المرض
في مداخلته حول هذا الموضوع، أكد حسن الريحاني أستاذ علم الأورام في المعهد الوطني للسرطان بالرباط، على ضرورة الكشف المبكر، معتبرا أن هذا الأخير يساوي العلاج النهائي من المرض، كما يمكنه التخفيف من نسبة الضرر، ولا سيما تحسين نجاعة العلاجات.
ومن جهتها، شددت أبو سلهام على تعزيز التوعية والتحسيس بأهمية الكشف المبكر، من قبل الإعلام والصحافة، موضحة أن الحث على تنظيم حملة أكتوبر الوردي دليل غياب الوعي بمدى أهمية هذا الكشف، ولو بنسب منخفضة مقارنة بالسنوات الفارطة.
وأوضحت المتحدثة ذاتها أن سرطان الثدي يعد من أنواع السرطانات التي تستجيب للوقاية الأولية، مبرزة أنه من بين الطرق الناجعة للفحص المبكر هي تصوير الثدي الشعاعي، الفحص السريري من طرف مهني الصحة، أو عن طريق الكشف الذاتي، غير أن استشارة الطبيب مرة كل سنتين تظل مسألة حتمية.
إحصائيات.. السن أكبر عامل لخطر الإصابة
صرحت لبنى بوسلهام أن سرطان الثدي يتصدر لائحة السرطانات المسجلة لدى النساء، سنويا، بالمغرب، حيث يحتل المرتبة الأولى بنسبة 39.5 في المائة من مجموع السرطانات النسائية، أي ما يعادل إصابة 12 ألف امرأة في كل سنة، بينما يأتي سرطان عنق الرحم في الرتبة الثانية بنسبة 6.5 في المائة، حسب أحدث تقرير لسجل السرطانات للفترة ما بين 2018-2021.
كما أوضحت أن سرطان الثدي يهدد الفئة العمرية ما بين 40 و69 سنة، لكن الفئات العمرية الأخرى بدورها معرضة لخطر الإصابة.
وفي سياق متواصل، فسر الأستاذ الريحاني، أن سرطان الثدي مرض جيني وليس وراثي إلا في حالات لا تتعدى 10 في المائة، ويعد السن هو العامل الأكبر لخطر الإصابة به، إلى جانب تراكم السلوكيات اليومية الحياتية المضرة بصحة الإنسان على مدار عدة سنوات، والتي تتمثل في التدخين، استهلاك الكحول، كثرة تناول الذهنيات والسكريات، وغيرها.
الدعم النفسي والمجتمعي
في هذا الإطار، سلطت ماجدة غربي، مديرة جمعية دار زهور لدعم مرضى السرطان، الضوء على دور الجمعية الذي يتمثل في مرافقة المرضى، بقولها “إننا على وعي تام بالدور الأساسي الذي يلعبه العامل النفسي في المسيرة العلاجية للمرضى، ولهذا نولي أهمية قصوى لهذا الجانب عبر توفير فضاءات خاصة للمريضات، قصد التعبير عن أحاسيسهم ومعاناتهم سواء خلال الفترة العلاجية أو ما بعدها”.
وأردفت كما نتابع عن كثب تطورات الحالة النفسية للمريضات، ومدى تحسنها، بالاعتماد على وسائل متنوعة، من بينها تنظيم حصص فردية أو جماعية مع أخصائيين نفسيين، أو عن طريق التنويم السريري، والتي تولد لديهم الإحساس بالراحة مع توالي الحصص، ولا سيما اكتساب القدرة على البوح ومشاركة أحاسيسهم، بغرض مواجهة مخاوفهم، بداية بتقبل المرض وصولا إلى تجاوز الخوف من العلاجات الطبية.
وبدوره، لفت الريحاني، إلى أهمية دور العائلة في احتواء المريضات في كل خطوة من معركتهن، منبها إلى مدى تأثيرها على صحتها النفسية والعاطفية، مذكرا بأن التأثير النفسي للمحيط الأسري، بالخصوص، قد ينعكس سلبا أو إيجابا على نسب علاج المريض، كما قد يقلل من فرص شفائه.
التقدم في العلاجات.. التزام مستمر
ألقت المداخلات المختلفة الضوء على التقدم الذي تم إحرازه في مجال علاج سرطان الثدي ورعاية المرضى، وكذلك على التحديات التي تواجهها المريضات، وخاصة في المناطق النائية.
وفي كلمته الافتتاحية، أشار الدكتور نَمْلي إلى أنه رغم التقدم الكبير الذي تحقق في علاج هذا المرض، لا يزال هناك الكثير للقيام به، مؤكدا على التزام فايزر، “التي تمتلك تاريخا طويلا في مجال مكافحة سرطان الثدي” وفق تعبيره، بتسريع تطوير أدوية مبتكرة لصالح المرضى.
ومن جهة ثانية، عززت أبو سلهام التقدم الملموس الذي شهده مجال الأنكولوجيا في المغرب، بالقول إن “هذا التقدم أضحى يضاهي التطور الذي تعرفه الدول المتقدمة جدا”، وثمنت النتائج المحمودة التي حققها البرنامج الوطني المهيكل الذي وضعته وزارة الصحة للوقاية ومراقبة السرطان منذ انطلاقه سنة 2010، مشيدة بما وصفته بـ “قصة نجاح” هذا المخطط في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
وقدمت الدكتورة لمحة عامة عن البرامج التي وضعتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية للوقاية من سرطان الثدي ومكافحته في المغرب، أبرزها المخطط الوطني الثاني للوقاية ومراقبة السرطان 2020-2029، الذي يدعم المكتسبات التي حققها المخطط الأول مع العمل على تجويد العلاجات واقتراح تدابير مبتكرة في كل المجالات.
وتناول الأستاذ حسن الريحاني الجوانب السريرية والعلاجية المتعلقة بسرطان الثدي، وشارك من واقع خبرته، التطور العلمي الكبير الذي شهده ولا يزال يشهده مجال علم الأورام بشكل عام وسرطان الثدي بشكل خاص.
مبادرات وحملات توعية
أفادت غربي في تصريح خصت به “الصحراء المغربية” أن دور الجمعية يغدو فعالا بتوالي السنوات، من خلال إطلاق عدة مبادرات، من ضمنها حملة توعوية على مواقع التواصل الاجتماعي تروم استهداف 10 ملايين شخص من رواد هذه المواقع، إلى جانب تنظيم جولات وحصص توعوية بداخل الشركات، لتحسيس المستخدمات بضرورة الكشف المبكر، حيث زرنا أكثر من 15 شركة إلى حدود الآن وستستمر هذه المبادرة إلى نهاية أكتوبر الجاري.
وتدخل المبادرة الثالثة في إطار الأنشطة الاجتماعية، والتي تتمثل في زيارة بعض المناطق أو الأحياء التي تقطنها نساء في وضعية هشاشة، بمرافقة مختصين للإجابة على كل الأسئلة المتعلقة بهذا المرض، مع الاستفادة من مجانية الكشف الطبي والتصوير الإشعاعي، غير أن الجمعية تواكب كل تطور كل الحالات لإجراء الفحوصات أو تلقي العلاجات اللازمة، تضيف غربي.
وأردفت أن الجمعية ستنظم مسيرة تضامنية يوم 10 نونبر القادم، تطمح من خلال لاستقطاب النساء والرجال على حد السواء للتحسيس والتوعية بأهمية التشخيص المبكر للوقاية وكذا لضمان فرص أكبر للعلاج.
التزام فايزر بمكافحة سرطان الثدي
تواصل شركة فايزر، كفاعل رئيسي في مجال علم الأورام، العمل على تعزيز التقدم العلمي وتسريع الابتكار في علاج سرطان الثدي، وذلك من خلال تطوير البحث العلمي والاستفادة من التقنيات الحديثة، مستندةً إلى شراكات استراتيجية، بهدف أساسي يتمثل في توفير حلول ملائمة لاحتياجات كل مريضة مصابة بسرطان الثدي.
وفي سياق آخر، صرح المدير الطبي لشركة فايزر المغرب، في تصريح لـ”الصحراء المغربية” بالقول إن “اهتمامنا ليس مقتصرا على سرطان الثدي كمحور، بل ينخرط في سياسة شمولية لشركة فايزر، التي تضع المريض في قلب اهتماماتها، حيث أننا نسعى لضمان حاجيات المريض ومواكبة مراحل استشفائه، بغض النظر عن مسار رحلة علاجه، والتي تنطلق من مرحلة التوعية إلى التشخيص المبكر، وصولا إلى الحصول على العلاجات الأكثر فعالية”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News