توفي النجم السينمائي ألان ديلون، آخر عمالقة السينما الفرنسية وصاحب الشهرة العالمية الواسعة، عن 88 عاما، بعدما طبع أجيالا بوسامته وأدواره اللامعة على الشاشة.
وقال أبناء النجم السينمائي الثلاثة، في بيان مشترك، واضعين خلافاتهم جانبا بعدما كانوا في نزاع قضائي لأشهر بشأن والدهم الذي أضعفه المرض، إن “ألان فابيان وأنوشكا وأنتوني، وكذلك لوبو (كلب ديلون)، يعلنون بعميق الحزن رحيل والدهم. لقد توفي بسلام داخل منزله في دوشي، محاطا بأولاده الثلاثة وعائلته (…) التي تطلب منكم احترام خصوصيته، في لحظة الحداد المؤلمة هذه”.
وقال نجله أنتوني لوكالة فرانس برس إن نجم “بلان سولاي” و”لو ساموراي” و”لا بيسين” توفي قرابة الساعة الثالثة صباحا.
وتصدر ديلون عناوين الأخبار في صيف 2023 عندما رفع أبناؤه الثلاثة دعوى ضد المعاونة المنزلية للنجم هيرومي رولان، التي يُقال أحيانا إنها شريكته، متهمين إياها بـ”استغلال ضعف” والدهم. وقد رُدت الشكاوى وأُغلق الملف.
ثم خاض أولاده سنة 2024 معارك في ما بينهم، عبر الإعلام والقضاء. واتهم الابنان أختهما بالتلاعب بوالدهما، الذي كان يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية وأصيب بجلطة دماغية عام 2019، وإخفاء حقيقة وضعه الصحي عنهما.
وفي ماي 2019، عاد إلى السجادة الحمراء ضمن مهرجان “كان” السينمائي ليتسلم سعفة ذهبية فخرية. وقال، حينها، دامعا وبلهجة مؤثرة “إنه كتكريم بعد الوفاة، ولكن في حياتي”.
وأضاف الرجل، الذي عاش سنواته الأخيرة في منزله المحاط بأسوار عالية في دوشي حيث كان يرغب أن يُدفن على مقربة من كلابه: “سأغادر، لكنني لن أذهب من دون أن أشكركم”.
وعام 2015، قالت شريكته السابقة ميراي دارك لوكالة فرانس برس، قبل أن يبلغ النجم الثمانين، “إن ألان يعيش في عزلة عميقة، اختارها، في عالم آخر، في الماضي مع كائنات يحبها كثيرا (…) إن ضعف وضعه كان دائما حاضرا”.
وقالت بريجيت باردو عندما بلغ ديلون الثمانين “إنه نسر برأسين… الأفضل والأسوأ”، مجسدا خلال مساره الفني ازدواجية “الظل والنور”.
وكان ديلون يفتخر بأنه لم يعمل مطلقا على أسلوبه؛ بل اعتمد على الكاريزما التي كان يتمتع بها.
وقال الممثل فنسان ليندون عن آلان ديلون، في وثائقي “ريفولفرز”، عام 2012: “إنه ليس ممثلا عاديا. أستطيع النظر إلى صوره لساعات. إنه أجمل ما يمكن رؤيته في العالم. أجمل من النظر إلى امرأة جميلة”.
وكان جمال ديلون نقطة مهمة لمخرجي الأفلام، فيما طبع عدد كبير من أفلامه المجال السينمائي؛ ومن بينها “بلان سولاي” لرينيه كليمان (1960) الذي حقق بفضله شهرة عالمية، و”روكو ايه سي فرير” (1960) و”لو غيبار” (1963) للإيطالي لوتشينو فيسكونتي، و”لا بيسين” (1969) لجاك ديراي.
في هذا الفيلم، يؤدي ديلون دور البطولة إلى جانب رومي شنايدر، التي شكل معها ثنائيا مذهلا.
انتقاد وسخرية
كان أهم مخرج سينمائي في مسيرته جان بيار ملفيل، الذي عمل معه في فيلمين هما “لو ساموراي” (1967) و”لو سيركل روج” (1970)، قبل “ان فليك” (1972).
وبفضل هذه الأدوار، استحال ديلون اسما بارزا في السينما، وعزز شهرته من خلال أفلام إثارة كثيرة أخرى.
وألهمت شخصية ديلون مخرجين من مختلف أنحاء العالم؛ منهم جون وو من هونغ كونغ، والأمريكي كوينتن تارانتينو، على الرغم من أن ديلون لم يصل مطلقا إلى هوليوود.
ومن التنافس إلى التعاون النادر (“بورسالينو” عام 1970 و”اون شانس سور دو” عام 1998)، سارت مسيرة ديلون المهنية جنبا إلى جنب مع نجم آخر هو صديقه جان بول بلموندو الذي كتب عام 2016 “هو وأنا كالليل والنهار”.
ومع أن ديلون كان يحظى بإعجاب جارف، تعرض كثيرا للانتقاد على خلفية شخصيته التي كانت توصف أحيانا بأنها غير ودية.
وقد انتقده البعض بسبب مواقفه المؤيدة لصديقه جان-ماري لوبن، زعيم اليمين المتطرف، بشأن عقوبة الإعدام أو ضد المثلية الجنسية.
وقبل ظهوره في مهرجان “كان” في ماي 2019، أثارت ناشطات نسويات جدلا بشأن تكريمه.
وتعرض ديلون للسخرية بسبب غروره، إذ عُرف بتحدثه عن نفسه بصيغة الغائب.
وبعد وفاة آلان ديلون، لا شك في أن رواد السينما الذين أحبوه سيتذكرون الجملة الافتتاحية لفيلم “لو ساموراي”: “ليس هناك عزلة أعمق من عزلة الساموراي، باستثناء عزلة النمر في الغابة… ربما”.
وقال جيل جاكوب، الرئيس السابق لمهرجان “كان” السينمائي، لوكالة فرانس برس، إن السينما الفرنسية فقدت “أسدا” و”ممثلا ذا نظرة فولاذية”، معتبرا أن ديلون “صمم وسيطر على كل شيء باستثناء نهايته”.
كما قالت المغنية والممثلة أماندا لير لوكالة فرانس برس إن “فرنسا فقدت نجمها”.