الولوج إلى “القارة السمراء” يغري مصدرين أمريكيين بالاستقرار في المغرب

تجري بعثة تجارية زراعية من المصدرين الأمريكيين الحاليين والمحتملين للمنتجات الزراعية إلى السوق المغربية، برئاسة وكيل وزارة الزراعة للتجارة والشؤون الزراعية الخارجية بالولايات المتحدة، أليكسيس إم تايلور، زيارة لمدة ثلاثة أيام مطلع دجنبر المقبل إلى المملكة المغربية، على رأس أجندتها إجراء المشاركين اجتماعات عمل بالدار البيضاء مع مستوردين محتملين من المغرب ومن دول أخرى في غرب القارة الإفريقية، في ما يشكل فرصة مهمة للشركات الزراعية الأمريكية من أجل الوقوف عند سبل الاستفادة من دينامية السوق المغربية والموقع الإستراتيجي للمغرب للوصول إلى نطاق واسع من الأسواق الإفريقية، وفقا لبيان صحافي صدر أمس عن وزارة الزراعة الأمريكية.

وزارة الزراعة ذاتها، التي أكدت التزامها بتسهيل هذه “الاتصالات الحيوية”، لفتت انتباه المصدرين الأمريكيين في البيان الذي اطلعت عليه جريدة النهار إلى أن المغرب يوفّر سوقًا مستقرًا ومركز توزيع رئيسيا لأسواق لقارة الإفريقية، ويعد بفرص واعدة في مجموعة من القطاعات، بما فيها لحوم البقر ومنتجاتها، ومنتجات الألبان، والحبوب العلفية، والحيوانات الحية والجينات، والأرز، والمأكولات البحرية، وبذور البطاطس، وفول الصويا، والمكسرات.

وتضيف الوزارة أن قيمة صادراتها من المنتجات الزراعية إلى المغرب بلغت العام الماضي 619 مليون دولار، ما يمثل 16 في المائة من قيمة صادرات هذه المنتجات إلى القارة الإفريقية؛ فيما كشفت بيانات أصدرتها مطلع هذا الشهر أن فول الصويا يتصدر قائمة المنتجات الفلاحية الأمريكية المشتراة من قبل المغرب بإجمالي 427.272 طنا، بقيمة تعادل 225.40 مليون دولار، ثم في المرتبة الثانية المكسرات بإجمالي 32.381 طنا، وصلت قيمتها إلى 137.03 ملايين دولار، متبوعة “بحبوب التقطير” بإجمالي 283 طنا بقيمة 91,41 مليون دولار.

فيما استورد المغرب بحسب البيانات ذاتها 235,27 طنا من الذرة، بلغت قيمتها 67.1 مليون دولار، و88,65 طنا من الحبوب العلفية بقيمة 22.53 مليون دولار أمريكي، فضلا عن 21,160 طنا من القمح بقيمة 6.73 مليون دولار أمريكي.

واهتمام الشركات الزراعية الأمريكية بتنمية صادراتها إلى المغرب سبق أن تجلى في قيام وفد من ولاية مينيسوتا، مكون من ممثلي تنظيمات مهنية فلاحية أمريكية، بزيارة إلى المملكة أواخر يناير الماضي، للبحث عن موطئ قدم لمنتجاتها داخل السوق المغربية، وهي الزيارات التي تعكس إدراك المصدرين الأمريكيين أهمية ولوج سوق واعدة تضمن الاستفادة من المنتجات الفوسفاطية بأسعار تنافسية وتشكل مركزا للانطلاق نحو أسواق القارة السمراء.

وفي تعلقيه على الزيارة المرتقبة قال الخبير الفلاحي رياض أوحتيتا إن “المصدرين الأمريكيين يدركون أن تراجع الإنتاج الفلاحي بالمغرب، نتيجة توالي ست سنوات من الجفاف، يجعله سوقا واعدة لتصريف مختلف منتجاتهم الفلاحية الأساسية بناء على اتفاقات مع المستوردين المغاربة، خاصة مع لجوء وزارة الفلاحة إلى دعم استيراد المواشي للحفاظ على القطيع المغربي واستمرارها في مدّ الفلاحين بدعم شعير الماشية الذي يأتي أغلبه من الولايات المتحدة الأمريكية”، مشيرا إلى أن “المزارعين الأمريكيين بدورهم يرون أن المشاريع الكبرى لتحلية مياه البحر التي أطلقها المغرب لتجاوز تداعيات الجفاف ستسهم في تعافي القطاع الفلاحي المغربي، وبالتالي سيضاعفون من استثماراتهم بالمملكة”.

واعتبر أوحتيتا، في تصريح لجريدة النهار، أن “امتلاك الأسمدة التي هي أحد الركائز الأربعة لتحقيق الأمن الغذائي يجعل السوق المغربية أكثر إغراء لهؤلاء المصدرين من غيرها، ويشكل نقطة قوة في النهج التفاوضي للمغرب مع هؤلاء المصدرين”، مشيرا إلى أن “المغرب لجأ إلى تفعيل الدبلوماسية الفوسفاطية لتدبير تراجع إنتاج قطاعه الفلاحي جراء الجفاف بمنطق رابح رابح، إذ موازاة مع فتح السوق المغربية في وجه المنتجات الفلاحية الأجنبية يلجأ إلى رفع صادراته من الأسمدة الفوسفاطية إليها وبأسعار تنافسية، وهو النهج الذي أثبت نجاحه في السنوات الأخيرة مع البرازيل التي تزامن غدوها موردا رئيسيا للقمح إلى المغرب مع ارتفاع حصة الأسمدة المغربية ضمن واردتها”.

وأكد الخبير الفلاحي ذاته أن “إطلاق الملك محمد السادس المبادرة الأطلسية لتعزيز ولوج دول الساحل الإفريقي إلى المحيط الطلسي، وتقدّم أشغال مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، باتا يسيلان لعاب الفاعلين الاقتصادين الأمريكيين الراغبين في تعزيز حصص المنتجات الزراعية داخل أسواق القارة الإفريقية”، مضيفا أن “توفر المغرب على يد عاملة مؤهلة ورخيصة سيشجع هؤلاء على تصدير منتجاتهم الفلاحية، خصوصا تلك التي قد تتعرض للتلف، بشكل خام، لأجل إعادة تلفيفها أو تصبيرها داخل المغرب ثم توجيهها إلى المستهلكين الأفارقة جنوب الصحراء”.

Exit mobile version