تمويلات سخية دون ألقاب أولمبية .. دعم الجامعات الرياضية يطلق التساؤلات

بَعث إخفاق الرياضيين المغاربة خلال مشاركتهم بفعاليات “أولمبياد باريس 2024” نقاشا متجددا حول مدى انعكاس الإنفاق العمومي على الرياضة ودعمها وتنميتها، خاصة أنها تحظى باهتمام واسع جدا بين مختلف فئات المواطنين والرأي العام، إضافة إلى الإشارات الملكية الدالة في أكثر من رسالة وخطاب (خصوصا رسالة المناظرة الوطنية للرياضة 2008).

واقتربت الميزانية المرصودة لتنمية وتطوير الرياضة الوطنية عبر دعم يُقره كل قانون مالي لفائدة “الصندوق الوطني لتنمية الرياضة” في إطار ‘الحسابات الخصوصية للخزينة (CST) من حوالي 3 مليارات درهم، حسب ما طالعته جريدة جريدة النهار الإلكترونية في تقارير وزارة الاقتصاد والمالية المتعلقة بعدد من مشاريع قانون المالية للسنوات ما بين 2021 و2024.

تقرير حول الحسابات الخصوصية للخزينة مرفق بقانون مالية السنة الجارية أكد أنه “خُصصت النفقات المنجزة من طرف هذا الصندوق الوطني لتنمية الرياضة برسم الفترة 2020-2022 بالأساس لتمويل العمليات التالية: دعم الجامعات الرياضية التي تستفيد، “في إطار اتفاقي، من إعانات الدولة التي يتم ضخها من الصندوق الوطني لتنمية الرياضة؛ وذلك لضمان تطوير الأنشطة الرياضية، وتأهيل مختلف التخصصات الرياضية بالمغرب”.

وبلغ، وفق أرقام التقرير الذي تُصدره مصالح وزارة المالية، “حجم الإعانات الممنوحة للجامعات الرياضية خلال الفترة الممتدة ما بين 2020 و2022 ما قدره 2901,90 مليون درهم؛ موزعة على مبلغ 846,13 مليون درهم سنة 2020 و727,19 مليون درهم سنة 2021، ثم 1.328,58 مليون درهم سنة 2022 (أي أزيد من 1,3 مليارات درهم).

تمويلات دون أثر؟

ما يُنفقُه المغرب على الجامعات الرياضية الوطنية الـ55 (المُمثلة لمختلف الأصناف/الأنواع الرياضية) من جيوب دافعي الضرائب أثار جدلا واسعا بين المغاربة، سواء في المواقع أو الواقع، حول “مدى فاعلية وأثر التمويل العمومي للجامعات الرياضية المختلفة على نتائج هذه الأخيرة”، خصوصا بالنسبة لأصناف متخصصة تنتمي إلى رياضة ألعاب القوى والتي طالما تميز فيها منذ عقود.

وكانت الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، التي تحملت جزءا كبيرا من الانتقادات الموجهة، قد صادقت بالإجماع، خلال عقد “جمعها العام العادي” للموسم الرياضي 2022-2023، على تقريرين مالي وأدبي.

وحسب معطيات طالعتها الجريدة، وفق التقرير المالي للموسم 2022-2023 لجامعة ألعاب القوى، فإن موارد ومداخيل جامعة ألعاب القوى قُدرت بـ 124,60 مليون درهم، بزيادة 32,50 في المائة؛ فيما وصلت نفقات التشغيل إلى 116.34 مليون درهم مقارنة بـ74.53 مليون درهم في الموسم 2021-2022، بزيادة قدرها 56 في المائة. أما النفقات الاستثمارية فارتفعت إلى 6.7 ملايين درهم.

كما أُنجزت من طرف “الصندوق الوطني لتنمية الرياضة في إطار الحسابات المرصودة لأمور خصوصية، برسم سنة 2022، 1612 مليون درهم في شق النفقات، وفق تقرير الحسابات الخصوصية للخزينة المرفق بمشروع السنة المالية 2024.

وفضلا عن تأهيل البنيات التحتية الرياضية ومراكز رياضية للقرب، تشير معطيات رسمية إلى أنه برسم الفترة 2018-2020 “بلغت النفقات المنجَزة حوالي 4.750,15 مليون درهم (أزيد من 4 مليارات درهم)، خصصت بالأساس لتمويل “دعم الجامعات الرياضية” التي تستفيد “في إطار اتفاقي من إعانات الدولة التي يتم ضخها من الصندوق الوطني لتنمية الرياضة؛ وذلك لضمان تطوير النشاط الرياضي وتأهيل مختلف التخصصات الرياضية بالمغرب”.

وحسب التقرير ذاته، “بلغ حجم الإعانات الممنوحة للجامعات الرياضية خلال الفترة الممتدة ما بين 2018 و2020 ما قدره 2.560,53 مليون درهم؛ بما فيها 642,62 مليون درهم سنة 2018، و1.071,78 مليون درهم سنة 2019، و846,13 مليون درهم سنة 2020.

مراكز رياضية للقرب

حسب المعطيات الرسمية التي تحققت منها جريدة النهار، “قام القطاع المكلف الرياضة، خلال الفترة 2020-2022، بإطلاق برنامج بناء 155 مركزا رياضيا للقرب بمبلغ إجمالي يقدر بـ450 مليون درهم”؛ غير أن متابعين للشأن الرياضي تساءلوا عن فعالية هذا الإنفاق في ظل توالي فشل رياضيين مغاربة أو إقصائهم حتى قبل الوصول إلى منافسات باريس أو بطولات العالم.

كما لوحظ في الإطار نفسه تدني عدد الميداليات التي حازها الرياضيون الأولمبيون المغاربة خلال مشاركاتهم في العشرين سنة الماضية؛ فيما غاب رياضيون من أصناف متعددة عن المنافسات النهائية.

إعداد رياضيي النخبة

أبانت نتائج أولمبياد باريس 2024 عن “فشل ذريع” رافَق “البرنامج المسمى رسميا بإعداد رياضيي النخبة” الذي يمتد للفترة 2019-2028، حسب ما أورده تقرير الحسابات الخصوصية للخزينة للسنة المالية 2024. ويهدف إلى “إعداد رياضيي النخبة الذين سيمثلون المملكة المغربية في مختلف المحافل الرياضية الدولية”.

وحسب المصدر نفسه، كان تنفيذ البرنامج المذكور “موضوع اتفاقية” أُبرمت بين الدولة وبين اللجنة الأولمبية الوطنية المغربية خلال سنة 2019، الغرض منها هو “تحديد شكليات التمويل والإدارة للبرامج المخصصة لإعداد ومشاركة الرياضيين المغاربة الذين لديهم الإمكانات اللازمة لتمثيل المغرب في الأحداث الدولية الكبرى المستقبلية، خاصة دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 وكأس الأمم الإفريقية لكرة القدم 2025 ودورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس 2028”.

وحسب استقراء وجرد للبيانات التي طالعتها جريدة النهار، أبان “توزيع نفقات صندوق تنمية الرياضة برسم سنة 2023” أن “تحويل لفائدة اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية في إطار إعداد الرياضيين” حاز 12 في المائة من النفقات المتوقعة، أما “تحويل لفائدة الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى برسم عقد البرنامج شكل 13 في المائة”، مقابل 23 في المائة كـ”إعانات تسيير للجامعات والجمعيات الرياضية الأخرى”، فضلا عن 8 في المائة “إعانة للمشاركة في تظاهرات رياضية”.

في السياق، سجلت الوثيقة المالية الرسمية أن “موارد ونفقات الصندوق الوطني لتنمية الرياضة برسم الفترة 2020-2022 سجلت “ارتفاعا سنويا متوسطا بلغ، على التوالي، 11 في المائة و10,96 في المائة”.

Exit mobile version