كراء الشقق يخفض الإقبال على الخدمات الفندقية في ذروة السياحة الداخلية

على بعد أقل من ثلاثة أسابيع على بدء الموسم الدراسي الجديد، ومع اقتراب عودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى ديار المهجر، يسابق المغاربة الزمن لقضاء أكبر عدد ممكن من الأيام المتبقية من العطلة الصيفية في إحدى الوجهات السياحية بالمملكة؛ إلا أن نجاح أرباب الفنادق في الاستفادة من الدينامية التي تشهدها السياحة الداخلية في بداية شهر غشت لتدارك التراجع المسجل أواخر يوليوز في ليالي المبيت يصطدم بميل نسبة مهمة من المغاربة إلى اكتراء الشقق السياحية، وفق مهنيين.

المهنيون الذين تحدثوا لجريدة النهار كشفوا عن مستويات متفاوتة من الإقبال على الفنادق، إلا أنهم اتفقوا على وجود تأثير واضح لانتشار ثقافة كراء الشقق بين المغاربة، كونها تراعي القدرة الشرائية لأرباب الأسر الكبيرة غير القادرين على اكتراء أكثر من غرفة، وتسمح للمكترين بهامش حرية أكبر في الالتئام بالأصدقاء والأسر الأخرى، لافتين إلى أن أرباب الفنادق باتوا يراعون في أثمان الحجز المنافسة القوية لهذه الشقق.

تأثير واضح

علي القادري، رئيس الجمعية الجهوية لأرباب الفنادق بطنجة تطوان الحسيمة، قال “إن تأثير انتشار ثقافة كراء الشقق السياحية لدى المغاربة على الفنادق يبقى واضحا هذه السنة، ففي وقت تمتلئ مدن الشمال بالسياح في هذه الأيام من غشت نجد أن معدل الملء في الفنادق يتراوح ما بين 50 إلى 60 المائة، بسبب اتجاه عدد كبير من المغاربة نحو تأجير الشقق التي ينتمي أغلبها إلى القطاع غير المهيكل”، مشيرا إلى أن “كراء الشقق ليس العامل الوحيد لتراجع الإقبال، بل هناك أسباب أخرى مثل عدم دخول أعداد كبيرة من المغاربة المقيمين بالخارج، واتجاه عدد مهم من السياح نحو وجهات الجنوب”.

وأضاف القادري في تصريح لجريدة النهار أن “اختيار هذه الشقق عوض الفنادق راجع إلى سببين؛ الأول أن أرباب الشقق لا يفرض أغلبهم على المكتري عددا أقصى من الأشخاص، ولذا فهي تبقى الخيار الوحيد بالنسبة للأسر الكبيرة، التي لا تسمح قدرتها الشرائية باكتراء أكثر من غرفة في الفندق، خاصة أن هذه الأسر مقبلة على موعد مع مصاريف مهمة خلال الدخول المدرسي الجديد؛ فيما السبب الثاني هو إتاحة هذه الشقق هامش حرية أكبر بالنسبة للمكتري لإدخال أي شخص يريد وفي الوقت الذي يريد، دون أن يخضع لأي مساءلة، وهو ما لا يتوفر في الفنادق”، رافضا في الآن نفسه “الحديث عن أي دور لغلاء أسعار ليالي المبيت بالفنادق، لأنها تظل معقولة قياسا إلى جودة الخدمة، ولأن أسعار بعض الشقق تكون أحيانا أغلى من الفنادق”.

واعتبر رئيس الجمعية الجهوية لأرباب الفنادق بطنجة تطوان الحسيمة أن “مطابقة الشقق المكتراة لمعايير الجودة المطلوبة تطرح إشكالا؛ إذ بات كل من يملك منزلا غير مأهول يلجأ إلى كرائه باليوم حسب طلب الزبون، دون أن يستصدر رخصة التأجير ويوقع على دفتر تحملات، وهو ما يتعارض مع مطلب المهنيين بشأن تشديد المراقبة على هذه الشقق والاقتداء بعدد من الدول الأوربية التي تلزم أصحابها بالتصريح بكرائها للسياح، وتخضع للمراقبة بشكل دوري من طرف مصالح وزارة السياحة، للنظر في ما إذا كانت مطابقة لمعايير الجودة اللازمة”.

سعي إلى المنافسة

قال سفيان بشار، مهني رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة تافيلالت، إنه “بخلاف الوضع في الشمال يبقى إقبال السياح على الوجهات السياحية بالجنوب الشرقي متواضعا في هذه الفترة من السنة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وأغلبهم من المغاربة الذين يقصدون وجهة مرزوكة بغرض تجربة الدفن بالحمامات الرملية”، مسجلا أن “نسبة كبيرة من هؤلاء يفضلون كراء الشقق على النزول بالفنادق التي يبقى معدل الحجز فيها ضعيفا”.

وأضاف بشار في تصريح لجريدة النهار أن “الرواج الذي تخلقه السياحة الاستشفائية في كراء الشقق بالمنطقة يعزى إلى انخفاض تكلفة كراء هذه الشقق بالنسبة للسياح الذين يفدون في مجموعات كبيرة في الغالب، مقارنة بتكلفة المبيت في الفنادق، خاصة أن مدة السياحة الاستشفائية ينبغي ألا تقل عن ثلاثة أيام حتى يستفيد السائح من المزايا الصحية المنتظرة من هذه السياحة”، مشيرا إلى أن “من يقومون بعملية الدفن في الحمامات الرملية هم غالبا من يعرضون على السياح كراء شقة يتراوج ثمنها في الغالب بين 100 و300 درهم”.

وأكد رئيس الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية بدرعة تافيلالت أن “السياح يفضلون هذه الشقق رغم جودتها المتدنية من ناحية البناء والتجهيزات؛ لأنهم يجدون فيها الراحة التامة في طهي الوجبات والالتئام بالأصدقاء والأسرة الأخرى”، مستدركا بأنه “مع كل هذه المزايا يبقى الكثير من السياح المغاربة أوفياء للفنادق التي زاروها في المنطقة، لاقتناعهم بجودة خدماتها وبحكم العلاقات الإنسانية التي تنشأ بين هؤلاء السياح وأرباب الفنادق ومستخدميها”.

ولفت بشار إلى أن “أغلب الفنادق بالمنطقة باتت تأخذ على محمل الجد المنافسة القوية لهذه الشقق، ولذلك تلجأ إلى إقرار تخفيضات تصل أحيانا إلى 60 في المائة لاجتذاب مجموعات الأصدقاء والأسر التي تشكو غلاء تكلفة النزول في الفندق”، خاتما: “بالموازاة ننبه كمهنيين إلى أن أغلب الشقق المكتراة تنتمي إلى القطاع غير المهيكل، ما يطرح إشكالية الأمن داخلها وعدم استفادة الدولة من مداخيل أصحابها، ويفسّر بضعف في تنزيل المقتضيات التي جاء بها المرسوم رقم 2.223.441 الذي تم إصداره السنة الماضية لتنظيم تأجير الشقق أو الغرف كأحد أشكال الإيواء السياحي”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى