بظفره بالميدالية البرونزية خلال دورة الألعاب الأولمبية “باريس 2024″، يكون المنتخب الأولمبي المغربي قد أضاف حلقة أخرى إلى سلسلة “النهضة الكروية” التي يشهدها المغرب منذ تأهل “أسود الأطلس” إلى نصف نهائي كأس العالم بقطر، وجعل لطموح المغاربة في عالم الساحرة المستديرة سقفا جديدا هو الميدالية الفضية على الأقل، وهو السقف الذي يؤكد خبراء في الشأن الرياضي “إمكانية تخطيه لا بلوغه فحسب بدعم واسع يتقدمه العطف المولوي”.
وكان الملك محمد السادس قد هنأ أعضاء المنتخب الوطني المغربي الأولمبي على هذا الإنجاز الأول من نوعه لكرة القدم المغربية، مؤكدا أنه يبين عن روح تنافسية عالية وروح وطنية صادقة تجسدت في “العزيمة القوية على تأكيد المكانة المتميزة والمتألقة التي أضحت تحتلها رياضة كرة القدم المغربية قاريا ودوليا”.
وأضاف الملك في برقية التهنئة “وإذ نجدد لكم، ولكل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز المشرف، أصدق تهانينا وتنويهنا، لنرجو لكم مزيدا من التألق وكامل التوفيق في مواصلة مشواركم الرياضي الواعد، مشمولين بسابغ عطفنا وسامي رضانا”.
النهضة واقع
وقال مصطفى الهرهار، مدرب سابق في قسم الهواة وخبير في الشأن الرياضي، إن “النهضة المغربية شيء واقع، والإنجاز الذي تحقق في أولمبياد باريس كان متوقعاً بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي تم رصدها من الناحية اللوجستية والبشرية”، مضيفا أن “الجيل الحالي، الذي يحمل مشعل الساحرة المستديرة بالمغرب، قادم من مدارس كروية كبيرة ولها باع طويل في صناعة المواهب، وهو ما يجعل مستقبل الكرة بخير إذا قارناه بما يجري في الواقع”.
وأشار الهرهار، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “المغرب منذ مونديال قطر كشف عن ملامح كروية جديدة، وخلال الأولمبياد قدم مستوى مثيرا للانتباه جعلنا نتوقع، تماشيا مع الأداء، أن الذهبية ستكون مغربية هذه المرة، رغم أن علينا أن نعترف بأن البرونزية في حد ذاتها إنجاز لأنها وضعت منتخبنا الأولمبي في المرتبة الثالثة عالميا الآن”، مبرزا أن “هذه النتيجة كانت محسومة بسبب الجهد الذي بذله الأوصياء على الشأن الرياضي، وتحديدا الكروي، وبينت أنه كان حرياً أن نمنح بعض لاعبي منتخبنا الأولمبي فرصة اللعب في كأس إفريقيا الماضي لأجل تخليصهم من الدهشة وإكسابهم الحنكة في المنافسات الدولية”.
وتابع قائلا: “الجيل الحالي توفرت له إمكانيات، وهناك إرادة سياسية أيضاً منحتنا منتخباً في المستوى، وهذا ليس منعزلاً عن بقية الإنجازات، حتى تلك التي حققتها “لبؤات الأطلس” في كأس العالم للسيدات”، مسجلاً أن “الثمار اليوم مشرفة، ونحتاج المزيد من الجهد لتوسيع هذه الطفرة التي تعرفها كرة القدم المغربية لتكون حاضرة في رياضات أخرى”. وأكد أن “الحصيلة ممتازة الآن، وهذا يساهم في تسويق الرياضة الوطنية بشكل عام”.
سقف جديد
إدريس عبيس، إطار وطني مغربي وخريج معهد تكوين أطر الشبيبة والرياضة، سار على نفس نهج الهرهار حين اعتبر أن الإنجاز المغربي ليس صدفة، بل هو فوز يندرج في خانة “التاريخي” لكون “المنتخب المغربي لم يصل قطّ إلى هذه المحطة”، مضيفا أن “هذه البرونزية تحدد سقفاً جديدا هو الطموح مستقبلاً إلى إحراز الذهبية مباشرة أو على الأقل الفضية، وبالتالي هذا سيضع مسؤولية كبيرة على الفئات التي ستأتي لاحقا لتواصل ما تحقق، وتكرس ما تعرفه الرياضة الوطنية من نهضة”.
وتابع عبيس، في تصريح لجريدة النهار، أن “التأثير داخل المغرب وخارجه تحقق، والكثير من أبناء الجالية المحترفين في بلدان أوروبية وأجنبية سيتعزز لديهم الشعور والرغبة في حمل القميص الوطني الذي أصبحت له قيمة كبيرة، وبالتالي المشاركة في الأولمبياد”، لافتا إلى أن “الأكاديميات التي خلقها المغرب، خصوصا أكاديمية محمد السادس، صارت الآن تنتج دعامات أساسية قادمة من مختلف المدن المغربية”.
وأبرز أن “الإنجازات المتراكمة تقوي مكانة رياضة كرة القدم المغربية على المستويين الدولي والقاري”، مسجلا أنها “ستحصل على مساعدات كثيرة، من المؤسسات المباشرة وغير المباشرة، ومن المؤثرين، وكذا العطف المولوي، وستتطور الاستراتيجية، والمسؤولية تزداد الآن على الجامعة كي تواصل هذه المساعي الوطنية والشعبية برفع عملية التنقيب عن المواهب الكروية، بما أن الكرة المغربية صارت تتوفر اليوم على هوية حقيقية”.