انصرف سكان غزة السبت إلى معاينة حجم الضرر الناجم عن غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة في المدينة كانت تؤوي حوالي 250 نازحا خلال صلاة الفجر: حطام في كل مكان وجثث مغطاة بالدماء وأطفال تمزقت أجسادهم…
وقال أبو وسيم، أحد السكان الذين وصلوا إلى موقع الغارة فجرا، لوكالة فرانس برس: “كما ترون، لا نعرف ماذا نقول. أناس آمنون، نساء وأطفال وشباب كانوا يؤدون صلاة الفجر، ثم رأوا الصاروخ الأول يسقط عليهم”، وأضاف: “أطفال باتوا أشلاء، أطفال مقطعون، نساء احترقن. ماذا يمكننا أن نفعل؟”، وذلك بعد أكثر من عشرة أشهر من الحرب والقصف المتواصل على قطاع غزة.
وأعلن الدفاع المدني في قطاع غزة السبت مقتل 93 شخصا على الأقل جرّاء ضربة إسرائيليّة جديدة على مدرسة التابعين في مدينة غزة بعد يومين من استهداف مدرستين أخريين.
وقال المتحدّث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس إنّ حصيلة قتلى قصف مدرسة التابعين في حيّ الدرج وسط مدينة غزة ارتفعت إلى “ما بين 90 و100، وهناك عشرات الجرحى الآخرين”.
في طابق مدمّر تماما تتناثر جثث مغطاة بالدماء وأشلاء بشرية على الأرض، وينقل رجال جثثا مغطاة بملاءات، ويستخدم آخرون هواتفهم للتنقل بين الأنقاض، فيما يحاول البعض التقاط كتب متفحمة أو تالفة، بما فيها نسخ من المصحف.
وتابع أبو وسيم: “من دون تحذير (…) لم ينج أحد من الأشخاص الذين كانوا داخل المسجد؛ حتى الطابق الموجود فوقه، حيث كانت تنام نساء وأطفال، احترق”.
وقال رجل آخر لم يكشف اسمه: “تلقينا الخبر (…) وأتينا لرؤية ما حدث. لا يمكن التعرف على الجثث. أشلاء متناثرة”.
“كل الشعب مستهدف”
ويبقى التعرف إلى الجثث أمرا صعبا. وأوضح بصل: “جثامين قطعت، جثامين تهالكت، جثامين بترت بشكل كامل. الطواقم تعجز عن تكوين جثة كاملة في هذا المكان”، مضيفا: “المشهد صعب جدا، وهو مشهد مأساوي يذكّرنا بالحرب على قطاع غزة في أيامها الأولى”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصاً، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، مازال 111 منهم في غزة، وتوفي 39 منهم، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وبلغت حصيلة الضحايا في القطاع منذ بدء الحرب 39790 قتيلا، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
من جهته أكّد الجيش الإسرائيلي السبت أن “طائرة بتوجيه استخباري أغارت… على مخربين عملوا في مقر قيادة عسكري تم وضعه داخل مدرسة التابعين”، وأضاف: “لقد استخدم مخربو حماس مقر القيادة للاختباء والإعداد لاعتداءات” ضد الجيش ودولة إسرائيل.
واعتبر طلعت الغفري، أحد سكان الحي حيث المدرسة المستهدفة، أن “كل الشعب مستهدف”.
وأضاف هذا المسن الذي فقد ابنه وزوجته متحدثا عن النازحين الذين لجؤوا إلى المدرسة: “كانت هذه المدرسة تضم حوالي أربعة آلاف شخص. ماذا سيفعل هؤلاء المساكين؟ أين سيذهبون؟”.
ونزح معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل مع اشتداد القتال والقصف منذ بداية الحرب، وفقا للأمم المتحدة.
وقالت النازحة أم أحمد: “بالنسبة إلى الناس المشردين، لا مكان آمنا”.
وصاحت امرأة بالأسود كانت بين العائلات التي تبكي موتاها في المستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة قائلة: “كانوا يصلون عندما أطلقوا الصاروخ عليهم”.