أثارت الشروط والوثائق المطلوبة لإيداع طلب الترشح للانتخابات الرئاسية التونسية، المقررة في 6 أكتوبر المقبل، التي وضعتها “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات” في هذا البلد، استياء واحتجاج عدد من المرشحين الذين وصفوها بـ”التعجيزية”، متهمين الرئيس قيس سعيد، الذي يتولى تعيين رئيس وأعضاء الهيئة سالفة الذكر، بموجب تعديل أخير خضع له قانونها الأساسي، بالتضييق على المعارضين وإقصائهم من الترشح من أجل تعبيد الطريق أمام فوزه بعهدة ثانية على رأس “قصر قرطاج”.
وحسب وثيقة تتوفر جريدة جريدة النهار الإلكترونية على نسخة منها، تتعلق بوصل استلام طلب الترشح للانتخابات الرئاسية في هذا البلد المغاربي، فإن الوثائق المطلوبة لقبول الطلب تتضمن “شهادة جنسية المترشح”، وما يفيد جنسية الأب والأم، ثم ما يفيد أيضا الجنسية التونسية للجد للأب والجد للأم، إضافة إلى وضع تأمين ضمان مبلغ مالي قدره 10 آلاف دينار لدى الخزينة العام للبلاد، ووثائق أخرى، لم يكن منصوصا على الإدلاء بها في الانتخابات السابقة التي فاز بها الرئيس الحالي.
في هذا السياق، وضمن تصريحات صحافية على هامش تقديم ملف ترشحه لدى “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات”، قال الصافي سعيد، الكاتب الصحافي والنائب السابق في البرلمان، إن “الحصول على ما يفيد جنسية الأجداد كان أمرا صعبا للغاية، وجمع التزكيات هو الجحيم”، مضيفا: “مسار تقديم ملف الترشح لهذه الانتخابات كان هو الآخر صعبا، إلى درجة أنني فقدت كل الحماس للترشح”.
وزاد المتحدث ذاته: “أنا لا أعتقد أن هكذا تُدار الانتخابات في أي بلد في العالم. وبصراحة غرقنا في التفاصيل وفي تفاصيل التفاصيل، وأنا كنت من المطالبين بتقديم شهادة جنسية المترشح قبل أن تظهر أربع جنسيات أخرى”، موضحا أن “هناك أجداد كانوا موجودين قبل الحماية الفرنسية وقبل دستور 1861 وليس لديهم ما يثبت الجنسية، لأن الأرشيف الوطني نفسه لا يحتوي على شهادات”.
في السياق نفسه قال محمد الأسعد عبيد، الأمين العام للمنظمة التونسية للشغل، الذي أعلن أمس الثلاثاء انسحابه من السباق الرئاسي احتجاجا على هذه الشروط، إن “اشتراط إثبات جنسية أجداد المترشح يبدو أن الغاية منه هو تضييق دائرة المنافسة على كرسي الرئاسة، لأن الإدارة التونسية هي المسؤولية عن إثبات ذلك وليس المترشح، على اعتبار الإمكانيات التي تتوفر عليها”.
وسجل المتحدث ذاته أن “مجموعة من الشروط لم تكن موجودة في الانتخابات الرئاسية السابقة التي فاز بها قيس سعيد، إذ كان يُشترط فقط الإدلاء بما يفيد الجنسية التونسية للمترشح”، مشيرا إلى أن “كل هذه الشروط فرضها الرئيس التونسي على هيئة الانتخابات التي ليست هيئة دستورية منتخبة، ولا تتمتع بالاستقلالية، على اعتبار أن تعيينها يتم من الرئيس نفسه، في حين أنها كانت منتخبة من البرلمان في الرئاسيات السابقة، وذلك من أجل إقصاء أكبر عدد من المترشحين، وهذا ما حدث بالفعل “.
وأردف الأمين العام للمنظمة التونسية للشغل، في حديث مع جريدة النهار: “المبلغ المالي هو أيضا شرط جديد وتعجيزي ومستحدث. كما تم تضييق نطاق الحصول على التزكيات، وكلها إجراءات تروم إبعاد المترشحين الحقيقيين القادرين على منافسة الرئيس الحالي على كرسي الرئاسة”.