أزمة الماء تشعل انتقاد قطاع الفلاحة

في خطاب الذكرى 25 لعيد العرش، وضع الملك محمد السادس إطارا استراتيجيا شاملا لمواجهة أزمة المياه التي تواجهها المملكة، مشددا على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لحماية الموارد المائية، مع التركيز بشكل خاص على أهمية التنسيق بين السياسات المائية والفلاحية.

وفي هذا السياق، تتعرض وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لانتقادات متزايدة بسبب ممارساتها في منح التراخيص للزراعات كثيفة الاستهلاك للمياه دون إجراء دراسات تقنية وعلمية كافية لتحديد ملاءمة هذه الزراعات لطبيعة التربة والموارد المائية المتاحة في كل منطقة.

وفي ظل أزمة المياه المتفاقمة التي تعاني منها المملكة، تتعالى الأصوات المنتقدة لسياسات وزارة الفلاحة فيما يخص إدارة الموارد المائية والترخيص للزراعات كثيفة الاستهلاك للمياه.

وكشفت مصادر مسؤولة بوكالات الأحواض المائية عن غياب الدراسات التقنية والعلمية اللازمة لتحديد أنواع التربة والزراعات الملائمة لكل منطقة.

حول هذا الموضوع، قال الخبير البيئي الحسين الرحماني إن “الوقت قد حان لإعادة النظر في السياسات الزراعية بشكل جذري. كما يجب التركيز على الزراعات المقاومة للجفاف والتقنيات الحديثة في الري لضمان الأمن الغذائي دون استنزاف الموارد المائية المتبقية”.

وشدد الرحماني، في تصريح لجريدة النهار الإلكترونية، على أن “التوجيهات الملكية الأخيرة واضحة في ضرورة تبني نهج علمي ومستدام في إدارة الموارد المائية”.

أضاف الخبير البيئي: “للأسف، نرى فجوة كبيرة بين هذه الرؤية الملكية وبين ممارسات وزارة الفلاحة على أرض الواقع”، ملتمسا من رئيس الحكومة تنفيذ التوجيهات والرؤية الملكية وجعلها خارطة طريق لإصلاح الوضع وحماية الموارد المائية، مؤكدا أن الوضع الحالي تساهم فيه سياسة وزارة الفلاحة ويجب مراجعة هذه السياسة، وفق تعبيره.

من جانبه، قال عبد الرحيم بن علي، فلاح صغير من إقليم الرشيدية: “نحن نعاني من انخفاض مستمر في منسوب المياه الجوفية، والوزارة تشجع زراعات تستنزف المياه دون مراعاة خصوصيات كل منطقة، نحتاج إلى سياسات تراعي التوازن بين الإنتاج الزراعي وبين الحفاظ على الموارد المائية”.

وأضاف الفلاح سالف الذكر، في تصريح لجريدة النهار، أن “آلاف الهكتارات من النخيل منتشرة بمنطقة بوذنيب والنواحي ستساهم في استنزاف الفرشة المائية”.

وأكد المتحدث ذاته أن الوضع الحالي لا يختلف فيه اثنان أن الوزارة الوصية على القطاع الفلاحي تساهم فيه بنسبة كبيرة جدا، باعتبارها القطاع الوصي على الزراعة.

ولفت بن علي إلى أن المديريات الجهوية والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي تتساهل مع أصحاب المال والنفوذ من أجل استغلال آلاف الهكتارات في زراعات مستهلكة للمياه، مستحضرا نموذج الجنوب الشرقي من طاطا إلى فجيج حيث يتم السماح بزراعة البطيخ الذي يعرف باستهلاكه للمياه، بتعبيره.

بدوره، قال مسؤول بأحد المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، في تصريح لجريدة النهار، إن هناك بعض الزراعات التي يجب منعها بشكل نهائي قبل فوات الأوان، مشيرا إلى أن هناك لوبيا يضغط من أجل عدم منع البطيخ بنوعيه لكون هذا اللوبي هو المستفيد الأكبر.

وأضاف المسؤول، الذي فضّل عدم البوح بهويته للعموم لكونه غير مرخص: “نحن كأطر الوزارة نرحب بالتوجيهات الملكية”، مشددا على أنه “لطالما عانينا من سوء إدارة الموارد المائية، ونأمل أن تستجيب الوزارة على مستوى المركز لهذه التوجيهات، وأن تعمل على تطوير حلول مستدامة تحمي مصالح الفلاحين وتحافظ على المياه في آن واحد”.

وأبرز المتحدث ذاته: “نحن كمسؤولي المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي والمديرين الجهويين سنأخذ التوجيهات الملكية على محمل الجد”، لافتا إلى أن “هناك خطة شاملة قيد الإعداد في المكتب الذي أديره أنا شخصيا لمراجعة السياسة الزراعية بما يتماشى مع متطلبات الأمن المائي”، مؤكدا “سنعمل على تعزيز التنسيق مع وزارة الماء لضمان تكامل السياسات”.

وشدد المسؤول ذاته على أن “الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد يمثل نقطة تحول في التعامل مع قضية المياه. ويجب الآن على جميع الأطراف المعنية، وعلى رأسها وزارة الفلاحة، العمل بشكل جاد على تنفيذ هذه التوجيهات الملكية السامية من أجل مستقبل زاهر”، وفق تعبيره.

Exit mobile version