الدعوات الدولية إلى مغادرة الأراضي اللبنانية تستعجل المسافرين بمطار بيروت
في مطار بيروت، صفوف من المسافرين أمام ألواح مواعيد الرحلات المغادرة والقادمة، وصفوف أخرى أمام أكشاك الأمن العام… مع تزايد المخاوف من تصعيد بين إسرائيل وحزب الله، سارع كثيرون إلى مغادرة البلد الصغير.
بين هؤلاء اللبنانية جويل صفير، التي اضطرت إلى أن تقطع عطلتها الصيفية في الوطن الأمّ لتعود إلى فرنسا حيث تقطن وتعمل، مع إلغاء وتأجيل شركات طيران رحلاتها من وإلى بيروت.
من قاعة المغادرة في مطار بيروت قالت صفير، اليوم الأحد، في تصريح لوكالة فرانس برس: “أنا ذاهبة إلى فرنسا، لأن لدي عملا هناك، وليست هناك طائرات. طائرتي ألغيت، وأرغمت على أن أحجز بطاقة سفر اليوم لأتمكّن من العودة”.
وأضافت وقد بدت على وجهها ملامح الحزن: “لست سعيدة بالمغادرة، كنت أودّ أن أكمل الصيف في لبنان ثم أعود إلى العمل؛ لكنني أوجزت زيارتي حتى أتمكّن من إيجاد رحلة”.
ودعت دول غربية وعربية عديدة، كان آخرها فرنسا، رعاياها إلى مغادرة لبنان، على وقع فصل جديد من فصول التصعيد بين حزب الله وبين إسرائيل، والذي بلغ ذروته بعد عشرة أشهر من تبادل القصف عبر الحدود اللبنانية بين الطرفين.
وجاء التصعيد الأخير بعد اغتيال إسرائيل فؤاد شكر، القيادي في حزب الله، بضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأعقب ذلك اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران في عملية نسبت أيضا إلى إسرائيل. وتوعّدت إيران وحلفاؤها بالردّ على الاغتيالين.
ويخشى المغادرون إغلاق المطار في حال حصول ردّ، ثم ردّ على الردّ. كما يخشون اتسّاع العمليات العسكرية المحصورة إلى حدّ بعيد منذ قرابة عشرة أشهر في الجنوب اللبناني.
طائرات ممتلئة
في المطار تظهر ألواح قاعة المغادرة مواعيد الرحلات المتوقعة؛ منها ما هو إلى إسطنبول، وأخرى إلى عمان أو القاهرة…
كما بالنسبة لجويل، يخيّم شبح الحرب على العطلة الصيفية للكثير من اللبنانيين المهاجرين في الخارج للعمل أو الدراسة، ويستفيدون من فسحة الصيف لزيارة عائلاتهم وأصدقائهم في كلّ عام.
وألغت شركات طيران عديدة رحلاتها إلى بيروت؛ ومن بينها شركة “لوفتهانزا” الألمانية حتى 12 غشت الجاري، كما مدّدت الخطوط الجوية الفرنسية وشركة ترانسافيا تعليق الرحلات حتى الثلاثاء، وستقطع الخطوط الجوية الكويتية رحلاتها اعتبارا من يوم غد الاثنين، وستلغي شركة الخطوط الجوية القطرية رحلاتها الليلية إلى بيروت مؤقتا.
وقالت غريتا مكرزل، مديرة مكتب سفر قرب بيروت، لوكالة فرانس برس: “مع إلغاء الرحلات وارتفاع نسبة التوتر، سارع كثيرون إلى تسبيق مواعيد رحلاتهم. منذ أيام، أتلقى سيلا من الاتصالات من زبائن يريدون المغادرة خوفا من أن يعلقوا في لبنان”.
وأضافت: “إيجاد أماكن على الطائرات صعب جدا بسبب إلغاء رحلات وكثرة الطلب، خصوصا إلى الدول الأوروبية. نجحت في تدبير عدد منهم”.
وأشارت إلى أن هذا الأمر “ينعكس سلبا على القطاع أيضا، لأننا نخسر أموالا؛ فقد كان هناك عدد كبير من اللبنانيين القادمين إلى لبنان للعطلة ألغوا حجوزاتهم”.
في المطار، قالت سيرين حكيم (22 عاما) إنها أمضت عشرين يوما في لبنان، مضيفة: “كان يفترض أن أغادر بالأمس، لكن رحلتي أرجئت… ينبغي أن أعود لأن لدي عمل”.
مغادرة إجبارية
وداعات وعناقات قبل أن يترك مرافقو المسافرين أحباءهم. وقال امرأة خلال الوداع: “نغادر غصبا عنّا، لا برضانا”.
أمام قاعة الوصول، عدد قليل من الناس ينتظر القادمين، خلافاً لما يشهده عادة مطار بيروت من اكتظاظ في موسم الصيف.
على طريق المطار الواقع في منطقة نفوذ لحزب الله اللبناني، يمكن رؤية لوحة عملاقة عليها صور إسماعيل هنية وفؤاد شكر والقيادي الإيراني قاسم سليماني الذي قتل في العام 2020 في ضربة أمريكية في بغداد، مع عبارة “إنّا لمنتقمون”.
وعلى بعد بضعة كيلومترات، في وسط العاصمة، بدأ لبنانيون يتجمّعون، اليوم الأحد، بحزن لإحياء الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت الذي دمّر أحياء واسعة من العاصمة ،وقتل قرابة 220 شخصا، ولم يحدّد التحقيق فيه حتى الآن أية مسؤولية؛ وهو ما يثير غضب شريحة واسعة من اللبنانيين.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News