اعتبر باحثون في الشأن الطاقي أن البيانات المفرج عنها بخصوص ارتفاع إنتاج الطاقة الكهربائية، على الصعيد الوطني، بنسبة 1.3 في المائة خلال الفصل الأول من 2024، بعد تسجيل انخفاض طفيف بنسبة 0.6 في المائة قبل سنة، يعدّ “طبيعيا؛ بالنظر إلى ظهور جميع إشارات ارتفاع الاستهلاك هذه الطاقة”.
وأرجعت البيانات، التي كشفت عنها مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية في مذكرتها الأخيرة حول الظرفية الاقتصادية لشهر يوليوز 2024، هذا “النمو” إلى الارتفاع الملحوظ في إنتاج الطاقات المتجددة برسم القانون 13-09 بنسبة 47.9 في المائة؛ غير أن الباحثين الذين تحدثوا لجريدة النهار اعتبروها “غير كافية في وقت يشهد فيه العالم تصدعات كثيرة حول الطاقة ومستقبلها”، مشددين على “الحاجة إلى تقليص الفاتورة الطاقية”.
“دينامية متعثرة”
أمين بنونة، باحث في الشأن الطاقي، قال إن ارتفاع نسبة الإنتاج بالنظر إلى الاعتماد على الطاقات النظيفة المتجددة مازال يطرح إشكالا؛ بالنظر إلى الحاجة المرتفعة والطلب الكبير على الطاقة الذي يجعلنا دائما في حالة تبعية طاقية للخارج”، مشددا على أن “هذا الارتفاع كان متوقعا؛ فنحن في سنة 2023، مثلا، سجلنا نوعا من الارتفاع في الإنتاج المحلي مع أن 2022 كانت سيئة على أصعدة عديدة في هذا الجانب”، بتعبيره.
وسجل بنونة، ضمن توضيحات قدمها لجريدة النهار، أن “قسط الطاقات المتجددة في المزيج الطاقي المغربي سيكون تجاوز 1 في المائة؛ ولكن الإنتاج الوطني هو الذي يحتاج إلى أن يتعزز أكثر بالتكثيف في أوراش الطاقات المتجددة”، مبرزا أن “تقليص الاستيراد ما زال تصورا بعيدا، ونحن في التسعينيات وصلنا إلى أننا استوردنا 97 في المائة من حاجياتنا الطاقية، ومنذ تلك الفترة ونحن نستورد قرب 90 في المائة، وكل جزء من المائة هو عبارة عن معركة مربوحة”.
وفي وقت تسجل فيه الجهات الرسمية تراجع استهلاك الطاقة بنسبة 1.2 في المائة مع متم يونيو الماضي، بعد ارتفاع بنسبة 3.7 في المائة قبل سنة، أورد المتحدث عينه أن هذه “معطيات شهرية”، مستدركا أنه من الناحية العامة فإن “تراجع الاستهلاك مسألة صعبة؛ بالنظر إلى الإقبال الكثيف على الكهرباء التي تنتج بنسبة كبيرة من الطاقات الأحفورية”، مبرزا أن “الشركات والمعامل والمصانع والضيعات الفلاحية الكبرى وغيرها من التي لا تعتمد الطاقات الشمسية أو النظيفة حتى الآن يعدّ استهلاكها جد مرتفع ويصعب تقليصه”، وفق قوله.
“تقليص التبعية”
علي شرود، باحث في الشأن الطاقي والمناخي، قال إن “المغرب صار، في السنوات الأخيرة، يجسد تصورا قويا للاعتماد على الطاقات المتجددة، خصوصا الشمسية. ونحن نعرف أن الطاقة الشمسية تشتغل وفق متغيرات حسب الفصول وحسب السنوات. ولذلك، فإن مساهمتها قد تكون متباينة من فترة إلى أخرى في الحصيلة الطاقية الإجمالية”، مضيفا أن “تخزين الطاقة الذي تتيحه هذه المحطات للمغرب هو ورش أساسي ومهم”.
وأورد الباحث في الشأن الطاقي والمناخي، في تصريحه لجريدة النهار، أن “المفارقة التي لدينا في المغرب هي استمرار اعتماد بعض المدن الكبرى التي تتضمن كثافة سكانية كثيرة، فضلا عن المعامل والمناجم وغيرها، على مخزون طاقي لا يتأتى من الطاقات النظيفة والمتجدّدة سواء الشمسية أو الرّيحية”، معتبرا أن “الفرصة بدأت تتوفر تدريجيا للقطع مع التبعية الطاقية للخارج، والتي لا يمكن أن ننكرها بكوننا مازلنا نستورد نسبة كبيرة من الخارج”.
وتحدث شرود عن “ضرورة توفير خريطة وطنية تخول المتتبعين والباحثين معرفة حجم الاستهلاك على المستوى الوطني، لنعرف المناطق التي تشهد بعض الخصاص من حيث التأهيل بما تحصّل من الطاقات النظيفة”، مشيرا إلى أن “انخفاض الاستهلاك صعب الحديث عنه في وقت يزداد الطلب على الطاقة سنة بعد أخرى، ليس فقط في المغرب؛ بل في العالم، الذي بدأت دول منه على غرار بريطانيا تعقد اتفاقيات مع المغرب لإنشاء مشاريع طاقية”.