تجار الذهب يشتكون تراجع الإقبال على “المعدن النفيس” في أسواق المغرب

يبدو أن مبيعات الحلي والمجوهرات بالمغرب تسير في نفس منحى “التراجع” الذي سجل على مستوى أسواق العالم في الثلاثة أشهر الأخيرة؛ حيث يشتكي مهنيون من “أزمة خانقة” جراء تراجع الإقبال على شراء “المعدن الأصفر” هذه السنة، مرجعين الوضع إلى ارتفاع أسعار “المادة الخام” وتضرر قدرة المواطنين الشرائية.

وفيما أكد بعض تجار الذهب الذين تحدثوا لجريدة النهار أن فصل الصيف، الذي يعرف عادة حفلات الزفاف، “لم يكن في مستوى آمال المهنيين بتدارك هذا الوضع”، سجل آخرون أن الأمر لا يتعلق “بصدمة مؤقتة” مطمئنين إلى “تعافي” الطلب على “الزينة والخزينة” على المديين القريب والمتوسط.

وكان تقرير حديث لمجلس الذهب العالمي بعنوان “اتجاهات الطلب على الذهب للربع الثاني من عام 2024” قد رصد تراجعا في مبيعات المجوهرات في مختلف أسواق العالم نتيجة غلاء أسعار “المعدن الأصفر”، حيث انخفض الاستهلاك على مستوى العالم في الربع الثاني من هذه السنة بنسبة 19 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وحسب بيانات اطلعت عليها جريدة النهار، فقد ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية ليصل إلى 2416.79 دولارا للأوقية (الأونصة)، صباح الأربعاء 31 يوليوز 2024؛ فيما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.5 في المائة لتصل إلى 2414.80 دولارا للأوقية.

أزمة خانقة

سعيا إلى تقصي انعكاسات “الارتفاع الصاروخي” لأسعار المعدن الأصفر على رواج تجارة الذهب في السوق المغربية، تحدثنا إلى خالد كرامي الصنهاجي، رئيس الغرفة النقابية لتجار وصناع الحلي والمجوهرات بفاس، الذي شدد على أن “المهنيين يعيشون أزمة خانقة جراء تراجع الإقبال بنسبة تصل إلى 50 في المائة في بعض الأسواق، مقارنة بالسنة الماضية”.

وأضاف الصنهاجي، في تصريح لجريدة النهار، أن “أسعار المادة الخام من المعدن الأصفر ارتفعت بشكل مهول في المغرب، إذ أصبح ثمن الغرام الواحد 600 درهم، فيما يصل إلى 700 درهم بعد صياغته”، مشيرا إلى أن هذا “يجعل المواطنين الذين يترددون على محلات بيع المجوهرات ينصرفون بمجرد سماع الأثمان”.

وأشار رئيس الغرفة النقابية لتجار وصناع الحلي والمجوهرات بفاس إلى أن “الأوضاع المعيشية والاقتصادية الحالية تساهم في تعميق ركود تجارة الذهب؛ فشراء الحلي والمجوهرات لم يعد يغري المواطنين الذين تدهورت قدرتهم الشرائية، ويضطر بعضهم إلى الاقتراض لتأمين مصاريفه اليومية”.

وحسب المتحدث عينه، فإن فصل الصيف الذي يشهد “موسم الأعراس” لم يسهم “في إعادة الرواج إلى السوق، إذ يلجأ الزبناء المقبلون على الزفاف -على قلتهم- إلى اقتناء أعداد محدودة من الحلي والمجوهرات، خاصة رخيصة الثمن”.

بدوره، أكد حسن أوداود، تاجر ذهب بالدار البيضاء متخصص في تسويق وصياغة المجوهرات، أن “ارتفاع أسعار الذهب جعل المهنيين يحسون بالفرق هذه السنة؛ إذ يعرف الإقبال على أسواق تجارة المعدن الأصفر في العاصمة الاقتصادية ركودا كبيرا في الطلب، يمكن تقدير نسبته بـ30 إلى 40 في المائة مقارنة بما كان عليه في السنة الماضية”.

وأشار أوداود، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “المهنيين كانوا، بالفعل، يعلقون الآمال على فصل الصيف الذي يشهد ذروة حفلات الزفاف لتدارك هذا الركود؛ إلا أنها قليلة هذه السنة، نتيجة ارتفاع أسعار الخدمات المرتبطة بها على غرار خدمات التموين”.

وأضاف المتحدث: “في سنوات سابقة، كانت كثرة الطلب في هذا الفصل ترفع ثمن الغرام الواحد من عيار 18 من الذهب في السوق الوطنية بـ30 درهما عن السعر المتداول في البورصة العالمية؛ إلا أن الوضع الحالي جعله يستقر في 600 درهم”.

وأكد أوداود أن “المهنيين اقتنوا كميات كبيرة من الذهب المصوغ بالشيكات، إلا أن البضاعة بقيت مكدسة؛ ما يجعلهم عاجزين حتى عن أداء مصاريف كراء المحلات، فضلا عن الديون”.

“صدمة مؤقتة”

الحسين أكرام، نائب رئيس الجمعية المغربية لحرفيي صناعة الحلي والمجوهرات، قال إن “ارتفاع أسعار الذهب على المستوى العالمي خلال الستة أشهر الأخيرة بنسبة تصل إلى 35 في المائة أثر، بالفعل، على أسعار الحلي والمجوهرات بالمغرب؛ فمثلا الخاتم الذي كان ثمنه 2000 درهم في السابق، أصبح يباع بـ3 آلاف درهم إلى 3 آلاف و500 درهم”.

لكن أكرام رفض، في تصريح لجريدة النهار، الحديث عن وجود “تراجع كبير” في الإقبال، معتبرا أن الأمر يتعلق “بصدمة مؤقتة لدى المستهلكين، سيتبعها تزايد في الطلب على المديين المتوسط والبعيد؛ بالنظر إلى سببين، أولهما ثقافي يتعلق بروح تهادي الحلي والمجوهرات بين المغاربة، وبكون الذهب يظل عندهم “زينة وخزينة”. ولذلك، يشترونه بغرض الادخار، خاصة مع تنامي التضخم الذي يفقد العملات الورقية قيمتها”.

وزاد المتحدث عينه: “السبب الثاني هو تطور إنتاج وطرق اشتغال الورشات الانتاجية المغربية التي أصبح منتوجها يضاهي منتوج الورشات في الدول الأخرى، كإيطاليا وتركيا؛ وهو ما جعلها تعرف على العكس ضغطا على مستوى الطلب”.

واعتبر نائب رئيس الجمعية الوطنية لحرفيي صناعة الحلي والمجوهرات أن “الزبناء يتأقلمون ويحرصون على ملاءمة ميزانياتهم مع هذه الأوضاع؛ لأن الغلاء لا يهم فقط الحلي والمجوهرات، وإنما يشمل جميع المواد الاستهلاكية”.

Exit mobile version