لم يفوّت الكاتب والروائي المصري يوسف زيدان فرصة مشاركته في الدورة الثامنة عشرة لمهرجان ثويزا بطنجة دون أن يكشف عن موقفه من الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة؛ فقد اعتبر أن الطابع “الأهوج” لما ترتكبه الدولة العبرية داخل القطاع “لا يجعلنا نرى ما حدث في 7 أكتوبر فعل كراهية مثلما كان الرد الإسرائيلي فعل كراهية أيضا”، وهو الموقف الذي لاقى الرفض من فعاليات فكرية وسياسية مغربية.
واعتبرت الفعاليات التي تحدثت لجريدة النهار أن هذا الموقف، الذي عبّر عنه زيدان في محاضرة “كوامن الكراهية، ومحركاتها، صيحة تحذير”، يقتضي التذكير بسياق “طوفان الأقصى” المتسم بـ”التعنت الإسرائيلي” والنسيان الذي طال القضية الفلسطينية، دون أن يتم إغفال “الكراهية” التي تغص بها النصوص القانونية لإسرائيل.
“استنفاد الوسائل”
الباحث المغربي إدريس الكنبوري قال “إن ما قامت به الفصائل الفلسطينية في 7 أكتوبر عملية مقاومة مشروعة للاحتلال الإسرائيلي الذي تبين أنه يرفض حتى التنازل عن استعماره لأراضي 1967. ولذا، جاء طوفان الأقصى بعد استنفاد هذه الفصائل كل الوسائل الممكنة لإلزام إسرائيل بالاندحار من الأراضي الفلسطينية ومنح أصحابها حقهم الكامل في بناء دولتهم وعاصمتها القدس”.
وأضاف الكنبوري، في تصريح لجريدة النهار: “من ناحية أخرى، يجب الرجوع إلى التاريخ لطرح سؤال على هؤلاء الذين يتبنون فكرة أن طوفان الأقصى كانت فعل كراهية: هل ثورة سعد زغلول التي قامت في مصر كان سببها كراهية ضد الإنجليز؟” مشددا على أن “العملية استدعاها التعنت الإسرائيلي والجمود والنسيان الذي أصبح يهدد بإقبار القضية الفلسطينية”.
وأورد المتحدّث ذاته “أن الفعل الفلسطيني المقاوم بدأ منذ ثورة القسام سنة 1936 كرد فعل طبيعي ينبغي الإقرار بمشروعيته طالما كان هناك اعتراف بأن الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية يعد احتلالا. والنظر إلى التاريخ، مرة أخرى، يتضّح أن جميع الشعوب التي كانت تقبع تحت الاحتلال ساهمت المقاومة المسلحة في استقلالها”.
“عملية بطولية”
جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، قال “إن تاريخ هذا الصراع لم يبدأ مع “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر؛ بل منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1948، فالدولة العبرية منذ ذلك الوقت وهي ترتكب المجازر بحق الشعب الفلسطيني، فضلا عن اعتقال الآلاف من أبنائه ومصادرة أراضيه؛ وهو ما استدعى دائما مواجهتها بالمقاومة المسلحة”.
وأكد العسري، في تصريح لجريدة النهار، أن “العملية التي قامت بها الفصائل الفلسطينية، بهذا المعنى، لا تنفصل عن السياق التاريخي للصراع العربي- الإسرائيلي”، لافتا إلى أن “ما قامت به المقاومة الفلسطينية عملية بطولية تدخل في صميم المقاومة التي تكفلها كل المواثيق والقوانين الدولية لأي شعب يقع تحت نير الاستعمار، وتشمل حقه في الدفاع عن أرضه بشتى الوسائل بما فيها الكفاح المسلح؛ وهو أمر لجأ إليه المغاربة أيضا حينما كانت البلاد ترزح تحت الاحتلالين الاسباني والفرنسي”.
وأوضح المتحدث ذاته أنه “قبل طوفان الأقصى، كانت الترسانة القانونية الإسرائيلية قد غصّت بالقوانين الناشئة عن كراهية الآخر؛ وضمنها قانون يهودية الدولة الذي يضع مواطني إسرائيل من عرب 48 في الدرجة الثالثة، ويكشف عن عنصرية الصهيونية، وهو توصيف كانت الأمم المتحدة تعتمده حتى عهد قريب في وصف الحركة”.
وبالنسبة إلى الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، فإن “وصم طوفان الأقصى بالكراهية أو الإرهاب أو التطرف يصدر غالبا عن أصوات لا تلتفت في المقابل إلى الحصيلة الثقيلة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ 9 أشهر، من 40 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين”.