فعاليات صحية تنبّه إلى الغلاء غير المبرر لأدوية التهابات الكبد في المغرب
لم تفوّت فعاليات صحية فرصة تخليد اليوم العالمي لمكافحة التهابات الكبد الفيروسية دون لفت الانتباه إلى “الارتفاع غير المبرر” لأسعار أدوية بعض أصناف هذا المرض بالمغرب، ما يجعلها خارج متناول قطاع واسع من المصابين المنتمين إلى الطبقتين المتوسطة والفقيرة.
وأكدّت الفعاليات التي تحدّثت لجريدة النهار أن شركات الأدوية الجنيسة التي يعوّل عليها المرضى محدودو الدخل مازالت ترفض خفض الأسعار، مُطمئنة في الوقت نفسه إلى أن توفرّ اللقاحات مجّانا بالنسبة لأصناف أخرى جعل معدّل الإصابة بالمرض في المغرب يقل عن المعدل العالمي.
وكشفت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أخيرا، عن اعتمادها مخططا إستراتيجيا وطنيا لمحاربة التهاب الكبد الفيروسي للفترة 2024 و2030، يهدف إلى الحد من الوفيات الناتجة عن صنف -س- من هذا الداء، بنسبة 56 في المائة، وتقليص نسبة الإصابات الجديدة بـ60 في المائة.
وتشير بيانات المسح الوطني للإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي الذي أجرته الوزارة سنة 2019 إلى أن معدل الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي -س- في المغرب هو 0,5 في المائة، بينما يبلغ عدد المصابين بهذا المرض 125 ألف شخص.
المجانية والغلاء
الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، أوضح بدايةً أن “التهابي الكبد -ب- و-س- من أبرز الأمراض التي تصيب هذا العضو، وهما ينتقلان عن طريق الدم أو الجنس أو إبر غير معقمة؛ وفيما يشفى 90 في المائة تقريبا من المصابين بالمرض الأول تلقائيا يعاني من يصابون بالمرض الثاني من التهاب مزمن قد يؤدي إلى تشمع وسرطان الكبد المُفضيين إلى الوفاة”.
وشددّ حمضي، في تصريح لجريدة النهار، على ضرورة التشخيص المبكّر، مفيدا بأن “اللقاحات ضد الكبد –ب- متوفرّة مجانا لفائدة الأطفال في جميع المراكز الصحية المغربية، في حين لا تتوفر لقاحات ضد التهاب الكبد –س- على المستوى العالمي، وإنما توجد أدوية تقضي على المرض بعد ثلاثة أشهر، وأصبح سعرها في المتناول بعد ما كان مرتفعا في السابق”.
وزاد الخبير في السياسات والنظم الصحية شارحا: “نتيجة تمكّن مختبر مغربي من تطوير جنيس لدواء التهابات الكبد –س- انخفضت تكلفة العلاج لمدة ثلاثة أشهر إلى 15 ألف درهم، لكنها مازالت مع ذلك مرتفعة عشرات المرات مقارنة بمصر مثلا”، مسجّلا في المقابل أنه “يمكن الاستفادة من تحاليل مجانية للكشف المبكر عن المرض، عبر القيام بالتبرع بالدم، لتفادي غلاء هذه التحاليل”.
وعودة إلى نتائج المسح الوطني حول حالات التهاب الكبد الذي أجرته الوزارة أوضح حمضي أن “انتشار هذين المرضين في المغرب يظلّ أقلّ من المعدّل العالمي، بفضل التلقيح المجاني ضد التهاب الكبد –ب- للأجيال الأخيرة على الأقل”.
خارج متناول الفقراء
علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، قال إن المجهودات التي تبذلها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في هذا الصدد “تصطدم بالارتفاع المفرط لأسعار الأدوية ضد فيروس التهاب الكبد وتكلفة العلاجات الفعالة؛ خاصة بالنسبة للأنواع المزمنة مثل التهاب الكبد C، ما يجعلها غير متاحة للعديد من المرضى بالمغرب، وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ويؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات بسبب مرض الكبد الوبائي”.
وأضاف لطفي، في تصريح لجريدة النهار، أن “أسعار الأدوية الجنيسة لهذا المرض بالمغرب تتراوح بين 5000 درهم و6100 درهم لكل علبة من 28 قرصا شهريا، أي ما يعادل 18300 درهم لمدة 12 أسبوعا من العلاج”، مشيرا إلى أن “دولا من مستوى المغرب الاقتصادي تعتمد الأدوية الجنيسة ذات الأسعار المعقولة؛ ففي مصر مثلا لا يتجاوز برنامج العلاج للمدة المذكورة سلفا 1525 جنيها (477 درهما)”.
وأفاد المتحدّث ذاته بأن “وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تخفض سنويا أسعار عدد من أدوية التهاب الكبد الفيروسي، إلا أنّ الشركات المعنية مستثناة من هذه العملية؛ وهو الأمر غير المبرر اجتماعيا وإنسانيا، بالنظر إلى ما تحققه من أرباح طائلة في صناعة هذه الأدوية الجنيسة بالمغرب”.
وجدد علي لطفي نداء الشبكة إلى صناع القرار السياسي بالمملكة “لأجل حماية الحق في الدواء والعلاج عبر تخفيض أسعار أدوية هذه الأمراض، وتشجيع إنتاج واستخدام الأدوية الجنيسة بالمغرب، لتوفير العلاجات بتكلفة أقل ومجانا للفقراء وذوي الدخل المحدود والمتوسط، بما يفضي إلى إسناد التثقيف والتربية الصحية في مكافحة التهاب الكبد الفيروسي”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News