المغرب وتمويلات البنك الإفريقي للتنمية .. ثقة متبادلة تخدم المشاريع الهيكلية

يواصل البنك الإفريقي للتنمية فتح خطوطه التمويلية للمغرب في إطار العلاقة التي ظلت “وطيدة” بين الطرفين خلال الآونة الأخيرة، والتي يعتبرها محللون اقتصاديون بمثابة “ثقة متبادلة تُمكّن المملكة من تمويلات مهمة”؛ لعل آخرها التمويل الذي يقدر بحوالي 120 مليون أورو والذي تمت الموافقة عليه قصد دعم الحكامة والمرونة بالمملكة في مواجهة تغيرات المناخ.

المغرب وقع، خلال يوليوز الجاري، كذلك مع المؤسسة القارية ذاتها أربع اتفاقيات بقيمة إجمالية تصل إلى 604 ملايين يورو؛ الاتفاق الأول يستهدف دعم التحول الرقمي للجامعات بميزانية 120 مليون يورو، ويهم الاتفاق الثاني تحسين القدرة التنافسية الترابي بما يصل إلى 200 مليون يورو، في حين أن الثالث يدعم تسريع الطريق السيار بين الناظور وجرسيف بما يصل إلى 200 مليون أورو كذلك، على أن يتم تخصيص 84 مليون يورو لدعم تنمية المناطق الغابوية واستدامتها.

وتقول مجموعة البنك الإفريقي للتنمية إنها ظلت حاضرة بالمغرب منذ سنة 1970 بعدما تم تمويل أول مشروع بالمملكة بقطاع مياه الشرب والصرف الصحي سنة 1978؛ فعلى مدار هذه العقود إلى غاية سنة 2022، نفذت ما يصل إلى 180 عملية تمويلية في قطاعات مختلفة بحوالي 12 مليار دولار أمريكي.

دينامية التعاون بين الطرفيْن تأتي في الوقت الذي تتوقع المجموعة البنكية القارية “ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي بالمغرب ونمو معدل الاستثمارات وانخفاض التضخم بالمملكة خلال سنتي 2024 و2025″، بينما تؤكد على “ضرورة حفاظ المغرب على وصوله إلى كميات كبيرة من التمويلات الخارجية الأقل تكلفة مع آجال استحقاق طويلة”.

ويتطلع البنك الإفريقي للتنمية إلى مواصلة دعم المشاريع التنموية الهيكلية بالمغرب، خصوصا فيما يتعلق بدعم سلاسل الإنتاج الفلاحي ودعم القطاع الزراعي ضد تداعيات الجفاف والتطرف المناخي إلى جانب مواكبة التسريع الصناعي للمملكة وتطوير الخدمات العامة بالعالم القروي، فضلا عن دعم الانتقال الطاقي والنهوض بالبنية التحتية الوطنية والتقليص من الفوارق الاجتماعية.

ثقةٌ متبادلة

أوضح عبد الخالق التهامي، باحث في الشؤون الاقتصادية، أنه “بالفعل هناك ثقة متواصلة من البنك الإفريقي للتنمية في المغرب؛ وهي التي ساهمت بطبية الحال في تدفق كل هذه القروض خلال الفترة السابقة والتي تم تخصيصها من قبل المملكة لتمويل البنية التحتية، بما يجعل المغرب بذلك أول زبون للبنك القاري ذاته”.

واعتبر التهامي، في حديثه لجريدة النهار، أن “الثقة تظلُّ متجذرة منذ تولي المغربي عمر القباج لرئاسة المؤسسة المالية القارية ذاتها، بما أسس كذلك لتجربة مطولة من التعامل الرسمي بين الجانبين”، موردا أنه “من المهم جدا أن يجد المغرب طرفا مؤسساتيا مانحا ومقدما للتمويلات يثق فيه ويوفر تمويلات مهمة وضخمة بفوائد منخفضة عما يوفره مانحون آخرون خصوصا الدوليين منهم”.

وبخصوص أهمية الاستدانة، بيّن المتحدث أن هذه الأخيرة “مهمة؛ ولكن ليست ضرورية أو اجبارية”؛ بينما تبقى “إجراء ذا أبعاد مهمة، خصوصا إذا استحضرنا نتائجها فيما يتعلق بالبنية التحتية التي انخرط المغرب في توسيعها وتجويدها؛ فتمويل هكذا مشاريع يحتاج تمويلات خاصة يمكن أن تأتي أساسا من القروض التي توفرها المؤسسات المالية الدولية والقارية وبشروط في بعض الأحيان تكون متشددة”.

يعود الأكاديمي بمعهد الإحصاء والاقتصاد التطبيقي ليشير إلى أن “الاتجاه نحو البنك الإفريقي للتنمية قد يكون أفضل من السوق الدولية للتمويلات المالية طالما نستحضر طول العلاقة بين المغرب وهذا البنك القاري”، لافتا في الأخير إلى أن “إعادة أداء هذه التمويلات المتأتية من القروض يعرف صعوبات وهو اشكال عام تعرفه الدول في علاقتها مع المؤسسات المانحة”.

تجنب الضغوط

على المنحى التحليلي ذاته سار رأي المحلل الاقتصادي إدريس الفينة، الذي أكد أن “التوجه نحو البنك الإفريقي للتنمية يسهل على المغرب الوصول إلى تمويلات مهمة يتم تخصيصها للبنية التحتية التي لديها نتيجة إيجابية تنمويا على المستوى البعيد، بما يجعل الميزانية الوطنية العامة في منأى عن الضغوط الاستثمارية التي قد تنتج عن الرغبة في تطوير البنية التحتية الضرورية”.

ورجّح الفينة هو الآخر أن يكون التدفق المتواصل مؤخرا للتمويلات من البنك الإفريقي للتنمية إلى المغرب تعبيرا عن “ثقة متبادلة بين الطرفين، سواء في تقديم التمويل أو الالتزام بإعادة تسديده حسب ما هو متفق عليه”؛ مما يبرز “سهولة لدى المغرب في الوصول إلى التمويلات، سواء القارية أو الدولية”.

وتوضيحا منه بخصوص الفرق بين الانفتاح على البنك الإفريقي أو المؤسسات الدولية في الوقت الذي يدفع فيه محللون بأن التمويل القاري يكون أفضل وأيسر من التمويل الدولي، اعتبر المحلل الاقتصادي ذاته أن “الأمر تقريبا لا يختلف، ويمكن أن تكون نفس الشروط التي سيحصل بها المغرب على التمويلات من كلا الجانبين”.

Exit mobile version