قضاة المجلس الأعلى للحسابات يضعون اختلالات برنامج “انطلاقة” تحت المجهر

اجتمع قضاة من المجلس الأعلى للحسابات، مكلفين ببحث وتقييم برنامج دعم المقاولات “انطلاقة”، مع مسؤولي بنك المغرب، في سياق مهمة تحقيق بتكليف من البرلمان حول الاختلالات التي شابت البرنامج المذكور منذ انطلاقته قبل سنوات، حيث تم تزويد القضاة بمعطيات ومعلومات مهمة تحت الطلب، لغاية التثبت من سلامة مساطر منح القروض والتمويلات، والمعايير المعتمدة في قبول أو رفض المشاريع، خصوصا بعد تحويل ملفات خروقات ورطت بنكيين إلى القضاء خلال الفترة الماضية.

وعلمت جريدة النهار، من مصادر مطلعة، أن الاجتماع اتخذ شكل جلسات عمل بين قضاة من المجلس الأعلى للحسابات ومسؤولين بالبنك المركزي، خصوصا من مديرية الإشراف البنكي التابعة له، حيث تم تقريب هؤلاء القضاة من أنظمة تدبير المخاطر على المستويين المركزي ولدى البنوك بشأن تدبير ملفات طلبات القروض والتمويلات في الحالات التقليدية، وعبر برامج الدعم العمومية المشمولة باتفاقيات تضمّ عددا من الجهات الحكومية في إطار لجنة، كما هو الحال بالنسبة إلى برنامج “انطلاقة”، مؤكدة أن الجلسات المذكورة عرفت فتح مجموعة من الشكايات الواردة عن متضررين، جرى رفض ملفات طلباتهم من قبل بنوك.

وأضافت المصادر ذاتها أن قضاة الحسابات استفسروا بشأن اختلالات معينة في عملية دراسة وتقييم جدوى المشاريع المطلوب تمويلها من قبل البنوك، خصوصا ما يتعلق بتدبير هامش المخاطر الخاصة بعدم الأداء، وكذا طبيعة الوثائق المطلوبة من قبل كل بنك حدة، وتبريرات إقصاء قطاعات اقتصادية معينة من تمويلات “انطلاقة”، موضحة أن المعطيات المجمعة من قبل قضاة الحسابات تضمنت معطيات حول قرارات رفض تمويل مقنعة بمبررات تتعلق بنواقص في دراسات جدوى المشاريع، وعدم قبول فواتير خاصة بمجهزين معينين.

وكشفت الإحصائيات الواردة ضمن تقرير مديرية الإشراف البنكي، أخيرا، عن استقرار جاري القروض الممنوحة من قبل البنوك ضمن برنامج “انطلاقة” عند 8.6 مليارات درهم؛ فيما بلغ عدد المستفيدين منها 32 ألف مستفيد، 17 في المائة منهم نساء، بينما تركزت نسبة 17.5 في المائة من القروض الموزعة في الوسط القروي. وكانت اللجنة المدبرة للبرنامج المذكور، والتي تضم في عضويتها وزارة الاقتصاد والمالية ومؤسسة “تمويلكم” وبنك المغرب، قد عمدت إلى مراجعة الشروط والمعايير المعتمدة في برنامج تمويل المقاولات، في أفق تحفيز حصة النساء ضمن إجمالي المستفيدين وتجنب مجموعة من الاختلالات المرتبطة باستدامة المشاريع الممولة ومواكبتها.

وأفادت مصادر جريدة النهار بأن المجموعات البنكية رصدت، خلال معالجتها لملفات طلبات الحصول على قروض “انطلاقة”، مجموعة من الخروقات المرتبطة باستنساخ دراسات في ملفات، حملت معطيات مغلوطة بشأن التكاليف المتوقعة، وكذا الأرباح المبرمجة برسم الثلاث سنوات اللاحقة للحصول على القرض البنكي.

وأوضحت المصادر نفسها أن هذه المعلومات المضللة ساهمت بشكل مباشر في اتخاذ قرارات بالموافقة على تمويل ملفات على مستوى اللجان الائتمانية الإقليمية الخاصة ببحث ومعالجة طلبات القروض لدى بنوك، بالإضافة إلى ضبط عدد كبير من الفواتير المزورة استغلت من أجل تبرير تمويل تجهيزات وخدمات.

Exit mobile version