مهنيون: الاستنزاف وكثرة المتدخلين يرفعان ثمن “سمك الفقراء” في المغرب

يشهد فصل الصيف إقبالا كبيرا على استهلاك الأسماك، سواء من طرف المواطنين المغاربة أو الزوار الأجانب الذين يتوافدون على المملكة بكثافة خلال هذه الفترة من كل سنة، خاصة الأسماك السطحية، ومنها السردين أو “سمك الفقراء” كما يحلو للبعض تسميته، غير أن سعر هذا الأخير، يؤكد مهنيون، عرف ارتفاعا في الآونة الأخيرة نتيجة مجموعة من العوامل المتداخلة.

ومن أبرز العوامل “الاستنزاف” الذي تتعرض له الثروة السمكية وكثرة المضاربين والسماسرة، إذ دعا الفاعلون المهنيون في قطاع الصيد البحري الذين تحدثت معهم جريدة النهار إلى تشديد المراقبة على مسارات البيع للقطع مع مجموعة من الممارسات التدخلية التي تساهم في مضاعفة ثمن هذا النوع من الأسماك من أسواق البيع الأول وصولا إلى أسواق البيع بالتقسيط.

في هذا الإطار قال إبراهيم الحور، الكاتب الإقليمي لنقابة الصيد البحري بسيدي إفني، رئيس تعاونية “إفتي أتلانتيك”، إن “الطلب على الأسماك يشهد ارتفاعا خلال الموسم الصيفي نتيجة انتعاش الحركة السياحة الداخلية والخارجية، غير أن المواطن المغربي على العموم لا يستهلك سنويا إلا كميات قليلة من الأسماك، بما فيها السمك السطحي، كالسردين المتاح لجميع شرائح المجتمع”.

وأوضح الحور، في تصريح لجريدة النهار، أن “أسعار سمك السردين عرفت في الآونة الأخيرة ارتفاعا في الأسواق المحلية التي يلجها المواطنون نتيجة مجموعة من العوامل، على غرار ارتفاع الطلب عليه من طرف بعض المصانع التي تستهلكه بكثرة لصناعة الأعلاف والأطعمة الحيوانية وبعض المنتجات الصناعية الأخرى”.

وتابع المتحدث بأن “استنزاف الثروة السمكية والإفراط في الصيد وعدم احترام فترات الراحة البيولوجية والحجم التجاري للأسماك، إضافة إلى تدخل الوسطاء في مسارات بيع السردين، عوامل تساهم هي الأخرى في رفع سعره ووصوله إلى المستهلك بأثمان خيالية، أمام غياب المراقبة من طرف السلطات المختصة”، موضحا أن “السردين في بعض المدن الساحلية يصل من الموانئ إلى أسواق البيع بالتقسيط بأكثر من الضعف، فما بالكم بالمدن غير الساحلية”.

وسجل الكاتب الإقليمي لنقابة الصيد البحري بسيدي إفني أن “تشديد المراقبة على مختلف مسارات البيع بمناسبة رمضان ساهم في خفض الأسعار بشكل كبير، وهذا هو المطلوب اليوم كذلك، إذ لا يجب أن تكون المراقبة مناسبانية أو موسمية، بل مستمرة ودائمة لضمان وصول هذه الأنواع السمكية إلى المواطن بثمن معقول يتماشى مع قدرته الشرائية”.

تفاعلا مع الموضوع ذاته أورد حمزة التومي، الكاتب العام للكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة، أن “المعروف أن بعض أنواع السمك تهاجر خلال موسم الصيف الذي يعرف ارتفاعا في درجة الحرارة، على غرار القشريات، إلا أن الأسماك السطحية، خاصة سمك السردين، يتوفر بكثرة خلال هذه الفترة، غير أن سعره في أسواق البيع بالتقسيط يطرح مجموعة من علامات الاستفهام”.

وسجل التومي أن “السردين يصنف من ضمن الأسماك الصناعية، ويكثر عليه الطلب من طرف المصانع التي تبرم عقودا مع أرباب المراكب لبيعها الكميات المصطادة حصرا، أضف إلى ذلك توفر بعض المصانع على رخص للصيد، وهو ما يؤدي إلى استهداف السمك السطحي بشكل مفرط، وبالتالي فإن الصناعات التحويلية تستنزف هذه الأنواع”.

وتابع المصرح لـ جريدة النهار بأن “السردين يباع في أسواق البيع الأول بثمن مرجعي حسب الجهات لا يتعدى في أحسن الحالات 3 دراهم و80 سنتيما للكيلوغرام الواحد”، مضيفا: “تبعا لذلك فإذا اشتراه التاجر من أسواق البيع الأول فيفترض أن يصل إلى أسواق البيع الثاني بحوالي 4 دراهم ونصف الدرهم، مع احتساب التكاليف، على أن يصل إلى المواطن بما لا يقل عن 7 دراهم للكيلوغرام الواحد، غير أن الواقع عكس ذلك”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “الجشع وكثرة المضاربين والسماسرة هو ما يساهم في رفع الثمن على المواطن، وبالتالي يجب تدخل الجهات المعنية لوقف هذه المضاربات، من خلال تخصيص حصة للتجار المحليين وتنزيل قانون أسواق البيع الثاني، وتقليص دائرة الأطراف المتدخلة في عملية البيع، وتمكين التجار بالتقسيط من بطائق مهنية لشراء الأسماك مباشرة من أسواق البيع الثاني، ومن ثم بيعها للمواطن بثمن مناسب”.

Exit mobile version