القطاع السياحي المغربي يعوّل على محفزات الاستثمار لدعم الوتيرة المطمئنة
دافع خبراء في المجال السياحي عن وجود مجموعة من “المحفزات الإيجابية” بخصوص الاستثمار في القطاع السياحي المغربي، مؤكدين على أهميته في دعم “الوتيرة المطمئنة” التي تدفق بها السيّاح إلى المملكة خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2024، التي تجعل القطاع على السكّة الصحيحة لبلوغ الهدف المرحلي 17,5 مليون سائح في أفق سنة 2026.
وأوضح الخبراء الذين تحدثوا لجريدة النهار أنّ تحقيق الأهداف المرسومة في خارطة الطريق السياحية يحتاج بالفعل إلى استثمار هذه المحفزات، دون إغفال المداخل الأخرى، من قبيل تقويّة الربط الجوي مع الأسواق الدولية الكبرى، عوضا عن الاكتفاء بالأسواق التقليدية.
وكان بلاغ لوزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني أكدّ الخميس أن “الآن هو الوقت المناسب للاستثمار في هذا القطاع”، بالنظر إلى ما اتخذه المغرب من “تدابير تحفيزية جذابة للرفع من جاذبية الاستثمار في الإيواء والترفيه السياحيين”، يبتغي من خلالها “التقدّم في تنفيذ خارطة الطريق السياحة”.
محفزات إيجابية ووتيرة مطمئنة
الزبير بوحوت، الخبير في المجال السياحي، قال إن هناك “مجموعة من المحفزات الإيجابية بخصوص الاستثمار في القطاع السياحي في المغرب؛ إذ تم تمرير كافة النصوص التطبيقية لميثاق الاستثمار في الربع الأول من سنة 2023، فضلا عن إطلاق برنامج Cap Hospitality، بموجب اتفاقية بين الوزارة الوصية وصندوق محمد السادس للاستثمار، بموجبه ستستفيد عدد من المؤسسات السياحية من قروض بدون فوائد”، مستدركا بأن “مقارنة نسبة الاستثمار في الأشهر الأربعة الأولى سنة 2024، التي بلغت 4 مليارات درهم، مع الفترة نفسها من السنة الماضية، تكشف عن زيادة سبعة في المائة فقط؛ وهي نسبة تظل ضعيفة باستحضار هذه التحفيزات المهمة لبلوغ أهداف خارطة الطريق الوطنية”.
وعدّ الخبير في المجال السياحي، في تصريح لجريدة النهار، الوتيرة التي حققها القطاع السياحي في الأشهر السبعة الأولى من السنة الجارية “مطمئنة”، إذ “تؤشر على أنه يمكننا بلوغ الهدف المسطر بالوصول إلى 15,5 مليون سائح في 2024، وربماّ تجاوزه بـ500 ألف سائح؛ وعليه فإن المملكة قادرة على جذب أكثر من 17,5 مليون سائح بحلول سنة 2026″، مستدركا بأن “الأمر رهين باستمرار وتيرة الاتفاقيات الموقعة في إطار النقل الجوي، ومضاعفة الحملات الترويجية”.
وشددّ المتحدث ذاته على أنه “يجب في المقابل ألا يستمرّ الاعتماد فقط على الأسواق التقليدية، خصوصا الأوروبية التي تمثل 70 في المائة من هذه الأسواق؛ بل يجب الانفتاح على الأسواق الكبرى، وضمنها أسواق آسيا التي تضم خزانا بشريا هاما، كالصين، وكذا أسواق أمريكا الجنوبية، تتقدّمها السوق البرزايلية”، مبرزا أن “الاستفادة من إمكانيات الأسواق المذكورة تتطلّب تطوير خطوط النقل الجوي بعيدة المدى، التي تصل أحيانا إلى عشر ساعات طيران في ما يخص الصين”.
وأوضح الخبير ذاته أن “إحداث هذه القطيعة الكبرى في القطاع ينبغي أن تساهم فيه الخطوط الملكية الجوية باتجاهها إلى التفاوض من أجل عقد شراكات مع شركات النقل الجوي الدولية الكبرى”.
“لكن رغم أن البلدان الأوربية تظلّ أسواقا صغيرة وغير بعيدة وقد تفضي المراهنة عليها إلى بقاء الأرقام على ما هي عليه فإنه تجب تقوية الربط المباشر بين عواصم هذه الأسواق والمدن الداخلية للمملكة”، يضيف بوحوت، مشيرا إلى أن “تعليل إغلاق بعض خطوط الربط المباشر، على غرار ما جرى أخيرا في خط باريس- الراشيدية، بكون الإقبال عليها ضيعفا، غير مقنع، إذ ربّما يحتاج الأمر إلى مزيد من الترويج الفعّال وتقوية البنية التحتية”.
إشادات دولية
جمال السعدي، فاعل سياحي، قال إن “المغرب اتجه بالفعل نحو اتخاد مجموعة من الإجراءات الكفيلة بجلب الاستثمار”، مذكرا بتسارع وتيرة اللقاءات التي عقدتها الحكومة مع عدد من الشركات المهتمة بتسيير الفنادق، على غرار اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، بالمدير العام لمجموعة أكور الناشطة في مجال الإيواء السياحي، سبستيان بازين، ولافتا إلى “الإشادات التي تلقاها الإجراءات المتعلقة بالاستثمار من قبل مثل هؤلاء الفاعلين الدوليين الكبار في المجال السياحي”.
وعددّ السعدي، في تصريح لجريدة النهار، العوامل الأخرى التي تجعل المغرب يسير حتى الآن في مسار تحقيق هدف استقطاب 17,5 مليون سائح في أفق سنة 2026؛ قائلا: “هناك تضاعف لخطوط الربط الجوي بين المدن المغربية السياحية، التي تؤمنها شركات الطيران بأسعار معقولة، مع استحضار النقاشات حول تنزيل خارطة الطريق الوطنية مقاربة تطرح تفرد كل جهة بفئة معينة من السياح، وضروة ملاءمة الفنادق التي سيتم بناؤها مع الخصوصية الثقافية لكل منطقة”.
ووقف الفاعل السياحي ذاته عند “ضرورة قيّام كل الفاعلين الرسميين بدورهم في هيكلة أرضية ملائمة لتسريع الوصول إلى هذا الهدف؛ خاصة ما يتعلّق بتعبيد الطريق أمام سعي الخطوط الجوية الملكية إلى الوصول إلى 200 طائرة و143 وجهة، والاستمرار في تقوّية الربط المباشر بين المدن العالمية وكافة مطارات المملكة؛ بحيث يتجّه السائح مباشرة إلى الوجهة التي يريد زيارتها داخل المملكة”.
وأكدّ المتحدّث عينه أن “إنجاح خارطة الطريق 2023-2026 لا يقف على وزراة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة”، مؤكدا في هذا الإطار “ضرورة تسهيل وزارة الداخلية عمليات شراء الأراضي من الشركات التي ترغب في بناء الفنادق في سائر مناطق المغرب”؛ فيما “على وزارة الشباب والثقافة والتواصل أن تضاعف من المعارض والمهرجانات الثقافية”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News