جرى برحاب المعهد العالي للقضاء بالرباط، اليوم الأربعاء، إطلاق فعاليات “الملتقى الأول للعقار” الذي اُختير له كعنوان “الشكلية كآلية لتحقيق الأمن العقاري” من تنظيم المكتب الوطني للودادية الحسنية للقضاة بتنسيق مع المكتب المركزي للودادية بالرباط بشراكة مع المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب والمجلس الجهوي للموثقين بالرباط.
وشهد اللقاء، الذي كان عبارة عن ندوة علمية، مشاركةَ عدد من المهنيين والمختصين وممثلي هيئات ومؤسسات قضائية وقانونية أثاروا خلاله موضوع الشكلية وأهميتها من أجل تحقيق الأمن العقاري بالمملكة، لافتين إلى مختلف سبل التعاون الممكنة بين الموثقين والقضاة لغرض تجاوز مختلف الإكراهات التي يعرفها تدبير العقار بالمملكة كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
وعلى هامش هذا اللقاء، اهتدى المجلس الوطني لهيئة الموثقين إلى توقيع اتفاقية شراكة مع الودادية الحسنية للقضاة؛ وهي الشراكة التي تتضمن مجموعة من المحاور المتعلقة بمستقبل التعاون بين التنظيميْن المهنييْن بغرض المشاركة في تعزيز حماية ملكية الأفراد للعقار ومحاولة بلورة مقترحات عملية من أجل تجويد المنظومة القانونية الخاصة به، مما يسمح بتضييق الخناق على مختلف الإجراءات التي تمس به، بما فيها الاستيلاء على عقار الأغيار.
هشام صابري، رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، قال إن “الشراكة بين الموثقين والقضاة من شأنها دعم تبادل التجربة والمعطيات والخبرات والتكوين المستمر بينهما وتقريب الآراء والتصورات القانونية بخصوص مجموعة من النقاط والعمل على تقديم سواء مقترحات قوانين أو توصيات للمؤسسة التنفيذية والتشريعية بغرض تجويد المنظومة القانونية التي يرتكز عليها عملنا”.
وأضاف صابري أن “العقار يشكل أحد أعمدة الاقتصاد بالمغرب، ومن المهم جدا أن يكون هناك تعاون بين الموثقين والقضاة بما يمكن أن يحفظ حقوق المواطنين في ملكيتهم له؛ فعلاقةً بموضوع اللقاء تبرزُ أهمية تنفيذ الشكلية القانونية من أجل تجنب الآثار التي تنجم عن عكس ذلك، في الوقت الذي وضع القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق معايير من أجل ضمان المصداقية والشفافية في مجال التوثيق بما يساهم في توفير بنية قانونية تضمن حقوق المتعاقدين بخصوص ملك عقاري بعينه”.
وأشار المتحدث إلى أن “اعتماد الرقمنة في التوثيق يساهم في ضمان الكفاءة والشفافية والمخاطر المرتبطة بظواهر التلاعب والتزوير، حيث إن هذا التوثيق الرقمي يتيح لنا الاحتفاظ بسجلات رقمية من أجل الرفع من منسوب ضمان الحقوق وتعزيز ثقة المؤسسات في مؤسسة التوثيق وتسريع الإجراءات البيروقراطية الإدارية”.
وتابع: “من هذا المنطلق، يظل مهما كذلك تحصيل وأداء واجبات الواجبات الضريبية إلى الدولة بشكل الكتروني وآني؛ فنحن هنا نسعى إلى تطوير قدراتنا بما يتناسب مع المستجدات القانونية الخاصة بمجال العقار، على أن يكون التعاون بيننا وبين الموثقين مستمرا بما يخدم الوصول إلى نتائج إيجابية”.
من جهته، قال محمد شنضيض، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، إن “الأصل في التشريعات هي الإرادة بما يحمي العقد من العبث؛ في حين أنه خلال الفترة الحالية وبالنظر إلى مختلف التطورات الأخيرة التي أثرت على تنظيم الاتفاقيات بين الأفراد صارت من الضروري تحقيق التوازن العقَدي؛ فهنا نشير إلى أن الملك محمدا السادس وجه رسالة إلى وزير العدل في سنة 2016 من أجل التصدي للاستيلاء على عقارات الغير، وهي الظاهرة التي تسيئ إلى نظام الملكية العقارية”.
وأضاف شنضيض أن “مجال العقار يعرف مجموعة من الإشكاليات القانونية المرتبطة أولا بالعقد كإجراء لتصريف المعاملات العقارية؛ فقد نصّ المشرع على الرضائية في إبرام العقود من خلال مبدأ العقد كشريعة للمتعاقدين، فيما كذلك على الشكلية المنصوص عليها أساسا في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية”.
واعتبر المتحدث أن “هذه الشكلية حدد لها المشرع مجموعة من العناصر؛ منها ما يرتبط بما هو موضوعي يجب أن يتوفر في العقد، وما هو إجرائي ما يجب احترامه والأخذ به، في حين أن هناك كذلك ما يتعلق بالمُحررات الواجب إبرامها من قبل المحامين المقبولين للترافع على مستوى محكمة النقض تحت طائلة البطلان”.
وأكد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط أن “الحديث عن المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية هو حديث كذلك عن المقتضيات القانونية التي لها ارتباط بهذه المادة، حيث نذكر، لا الحصر، ما يتعلق بالمادة 66 من قانون التحفيظ العقاري وما يتعلق بالقانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة”، منوها في الأخير بـ”التكاثف بين القضاة والموثقين، والذي سيتجه نحو دعم التكوين المستمر للجانبين وتجويد النصوص القانونية الخاصة بمجال العقار”.