تقرير برلماني: النقل الجوي لا يواكب التطلعات .. والطاقة الاستيعابية محدودة

أكد تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي أنه “رغم الجهود المبذولة لتطوير الربط الجوي للمغرب وتحسين عروض النقل المحلي للترويج للمجال الترابي وتثمين تراثه الثقافي والسياحي، فإن الربط الجوي لم يساير الاستراتيجية الوطنية للسياحة، كما عرفت الطاقة الاستيعابية للمجال الجوي محدودية لم تواكب جهود الترويج للمنتوج السياحي”.

وشدد التقرير، الذي توصلت به جريدة النهار من المجموعة، على أن “النقل الجوي، عموما، لم يساير حجم الانتظارات المعقودة عليه لتطوير قطاع السياحة. كما ساهم ضعف شبكة الخطوط الجوية الداخلية والنقص في الأسطول الجوي (48 طائرة) في ركود حركية السياحة، فضلا عن تواضع حالة بعض المطارات وضعف البنيات الاستقبالية وتردي جودة الخدمات وتعقد إجراءات ولوج المطارات ومغادرتها”.

ولفت المصدر ذاته إلى أنه “إذا كانت الأسواق السياحية التقليدية يتم غالبا الربط الجوي بينها وبين الوجهات السياحية ببلادنا عن طريق شركات أجنبية للنقل الجوي، فإن المشكل يكون أكثر تعقيدا بالنسبة للمسافات البعيدة والأسواق الجديدة”، مشيرا إلى إعلان المغرب “عن إعفاء المواطنين الصينيين من تأشيرة الدخول إلى المغرب ابتداء من يونيو 2016”.

وقال التقرير إن “هذا القرار يندرج في سياق الانفتاح على وجهات غير تقليدية بالنسبة للسوق السياحية للمغرب؛ غير أن النقل الجوي لم يواكب هذه الدينامية، حيث لم يستفد المغرب إلا بشكل نسبي من مزايا هذا القرار. وبالفعل، فإنه رغم تضاعف عدد السياح الصينيين (10 آلاف سائح سنويا) قبل إلغاء التأشيرة (إلى أزيد من 100 ألف بعد ذلك)، وقد كان هذا الرقم مرشحا للارتفاع لو تمت مواكبة إجراء إلغاء التأشيرة من خلال خط مباشر مع بيكين”.

وأشار تقرير المجموعة سالفة الذكر إلى أن “النقل الجوي رافعة مهمة، ليس لمواكبة الاستراتيجية الوطنية للسياحة فحسب؛ بل أيضا لتعزيز سياسة الانفتاح التي ينهجها المغرب على مستوى الفضاء العالمي وتكريس حضوره في إفريقيا في انسجام وتوازي مع استراتيجية التعاون “جنوب – جنوب”، مبرزا أن “المغرب على ثلاث شركات للنقل الجوي، وهي: الخطوط الملكية المغربية، رم إكسبريس، والعربية للطيران/المغرب”.

وأوضح المصدر المذكور أن شركات طيران دولية عديدة تقوم بتأمين رحلات جوية في اتجاه المغرب. ويتوفر المغرب على 26 مطارا؛ منها 18 مطار دولي، رغم أن خمسة مطارات فقط تمثل أزيد من 85 في المائة من إجمالي حركة المسافرين، مستدركا أن “النقل الجوي بالمغرب شهد تطورا مهما، بعد تحرير الأجواء ودخول مجموعة من الفاعلين الجدد في قطاع الطيران واحتدام المنافسة بين الشركات”.

“نقل بحري غير مُواكب”

وانتقالا نحو النقل البحري، الذي وجدت المجموعة البرلمانية أنه بدوره “لا يواكب استراتيجية تنمية السياحية”، فقد سجلت الوثيقة الرسمية أنه “على الرغم من جاهزية ميناء طنجة-المدينة لاستقبال أزيد من ثلاث سفن في آن واحد، وقربه من مطار دولي وتوفر المدينة على بنية تحتية فندقية جيدة، فإنه لا يستقطب العدد الكافي من السياح الوافدين بحرا على غرار برشلونة ومرسيليا”، مضيفا أنه “لا يستقطب السفن السياحية الكبرى (les croisières) بسبب ضعف عمق الأرصفة لرسو هذه السفن”.

وتحدث التقرير في السياق ذاته عن “اهتمام الشركات بالوجهات السياحية المربحة، وهو أحد أهم المعايير في اختيار محطة التوقف”، مشددا على أن المغرب رغم كونه مطلوبا بشدة من قبل شركات الرحلات البحرية، خاصة أنه يوفر شروط الراحة والقرب والأسعار المنخفضة؛ غير أن نقص البنيات التحتية أو عدم ملاءمتها يعتبر عائقا لتدفق السياح الوافدين عبر البحر”.

واستنتج التقرير في هذا الباب أن “بلادنا لم تعد ضمن وجهات عمالقة الرحلات البحرية العالمية، فقد تقلص بشكل كبير استقطابها للسياحة عبر الوجهات البحرية على مر السنين، من 207.260 سائحا بحريا (Croisiéristes) سنة 2001 إلى 329 ألف مسافر بحري سنة 2012 إلى 75 ألفا سنة 2018″، مضيفا أن “عدد السفن السياحية التي ترسو في الموانئ المغربية في انخفاض حاد، إذ وصلت إلى ناقص 80 في المائة في الدار البيضاء، علما أنها كانت تجذب أكثر من نصف ركاب السفن السياحية خلال السنوات الماضية”.

“نقل سياحي بأعطاب”

وفي ما يرتبط بالنقل السياحي، خلص التقرير إلى أنه يعيش “أعطابا”، معتبرا أنه “كانت ‘رؤية 2020’ قد ركزت على تعزيز حركة النقل الجوي ودعم استثمارات المنشآت السياحية، فإنها بالمقابل أغفلت معالجة الإشكالات التي يطرحها النقل السياحي”، موضحا أن هناك حاجة لـ”تجديد أسطول النقل السياحي المتقادم ودعم المقاولات العاملة في هذا المجال وإنقاذها من الإفلاس”.

ومن الإشكالات الأخرى التي تساهم في هذا “الإفلاس” ووضع تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي أصبعه عليها يوجد “تفشي النقل السري وشركات التطبيقات الذكية، وعجز السلطات عن مواجهة انتشار ظاهرة الاقتصاد غير المهيكل في هذا الميدان”.

وضمن الخلاصات الواردة في الوثيقة أن “مهنيي النقل السياحي يعانون، في بعض الأحيان وفي بعض المواقع، من عراقيل إدارية تتعلق بتجديد الرخص أو تأسيس الشركات، أو تعقيد مسطرة الحصول على البطاقة المهنية (…) مما يكلف هذه الشركات خسائر مالية بسبب تراكم الديون وضغط الالتزامات المالية؛ وهو ما يتنافى مع الجهود المبذولة في سبيل الارتقاء بتنافسية السياحة”.

توصيات برلمانية

ضمن التوصيات التي اطلعت عليها جريدة النهار، شددت المجموعة على “إعادة النظر في النموذج التدبيري والاقتصادي لشركة الخطوط الملكية المغربية بما يكفل مساهمتها في التموقع القوي للمغرب على مستوى سوق الطيران الدولي وكذا خدمة السياحة الوطنية، وضمان الربط الجوي مع الأسواق البعيدة”، وكذا “الإسراع في تنزيل استراتيجية الخطوط الجوية الملكية المغربية الرامية إلى تعزيز أسطولها في أفق 2037، من خلال الوصول إلى 200 طائرة، وفي انتظار ذلك اللجوء إلى وسائل بديلة لتأمين النقل الجوي؛ من بينها كراء الطائرات للاستجابة للحاجيات المتزايدة”.

وألح التقرير على أهمية “تعزيز الربط الجوي الداخلي بين جهات المملكة؛ من خلال توسيع دائرة المنافسة لا سيما باللجوء إلى خدمات الشركات ذات التكلفة المنخفضة، والعمل على تقيد شركة الخطوط الملكية المغربية بالتزاماتها كاملة المستمدة من اتفاقياتها مع الجهات، ومراجعة النموذج التدبيري للمطارات بما يكفل تطوير بنيتها التحتية وتحديث آليات تدبيرها ويتيح لها الارتقاء إلى مستوى الريادة على مستوى الجودة والأمن والخدمات”.

وفي خاتمة التوصيات جاء “تطوير البنية التحتية واللوجستيكية، سواء في ما يتعلق بتطوير النقل الجوي، من خلال توسيع المطارات استجابة لارتفاع عدد الطلبات على النقل الجوي، لا سيما مطار مراكش المنارة الذي أصبح توسيعه يكتسي طابعا استعجاليا”، بالإضافة إلى “ضرورة تأهيل موانئ الاستقبال، وتعزيز شبكة السكك الحديدية، وتوسيع شبكة الربط الطرقي والعمل المستمر على صيانتها”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى