دخلت الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول بالمحمدية على خط قرار المركز الدولي لتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمار القاضي بمنح الدولة المغربية تعويضاً بقيمة 150 مليون دولار، لفائدة مجموعة كورال موروكو القابضة بخصوص قضية “لاسامير”؛ إذ عضّدت الجبهة سعي المغرب البحث عن كافة السبل الاستئناف لإبطال القرار.
وفي هذا الإطار، قال الحسين اليماني، منسق الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن “الطّعن في القرار ضروري. بالنسبة لنا، الطرف الذي أخل بتعهداته هو الشركة القابضة وليس الدولة المغربية”، مؤكدا أن “المغرب يجب ألا يسمح بضياع درهم واحد من أموال المغاربة، لأن مبلغ 150 مليون دولار أمريكي (1.5 مليارات درهم مغربي) ليس رقماً عاديّا”.
وأورد اليماني، في تصريح لجريدة النهار، أن “إسقاط القرار لا غنى عنه× لأن المغرب قدم كلّ شيء في ملف الاستثمار المتعلق بهذا الموضوع”، مسجلا أن “هناك مسطرة لتمديد التصفية القضائية للمسؤولين، التي يتعين أن يسعى المغرب إلى توسيعها وتحريكها في الخارج؛ في إطار الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع مجموعة من الدول، وهدفها هو استرجاع ديون المال العام من الشيخ العمودي”.
وجدد الفاعل النقابي مطلبهم الحيوي بخصوص ضرورة “اعتبار الظرفية فرصة مناسبة لإحياء شركة لاسامير؛ لأن هذه المديونية التي في ذمة الشركة، ومن ضمنها ديون المال العام، لا يمكن استرجاعها إلا إذا قمنا ببيع لاسامير كمحطة لتكرير البترول”، موضحا أنه كانت مطالبة الحكومة تتم سابقا من أجل تشجيع الاستثمار أو أن تقتنيها الدولة المغربية من خلال البحث عن صيغ قانونية ممكنة؛ لكن السلطة التنفيذية كانت ترد دائما بأن الملف لا يمكن حلّه إلا إذا تم إنهاء مسطرة التحكيم الدولي”.
وقال المتحدث عينه إن الجبهة تتنظر الآن برنامج الحكومة في ما يتعلق بملف “سامير”، هذا بالإضافة إلى “أننا نتشبث بقولنا إنه لا حل يجدي دون إحياء مصفاة المحمدية، للحد من الخسائر أو استرجاعها”، مضيفا أنه كان دائما ما يتم ربط النقاش بملف أسعار المحروقات والأمن الطاقي والمزايا الاجتماعية والاقتصادية والمالية، وهي الفوائد التي كانت تمنحها “سامير” للمغرب، ويتعيّن استرجاعها.
وشدد اليماني على أن “المغرب يتكبد خسائر كبيرة جراء بقاء المصفاة في وضعها الحالي”، موضحا أنه سنة 2022 خسرنا 30 مليار درهم من العملة الصعبة، لكوننا نقتني المادة الصافية وليس المادة الخام، كما أن أسعار المحروقات مرتفعة لكون “سامير” كانت تضمن شروط التّنافس”، مضيفا أن “أرباح التكرير لا تقل عن 14 أو 15 دولارا بالنسبة للبرميل، وهذا بالنسبة للمغرب على الأقل مليار أو مليار ونصف المليار سنويا من الأرباح”.
من جانبه، قال مصطفى لبراق، باحث متخصص في الشأن الطاقي، إن قرار المركز الدولي للمنازعات في المبتدأ يعدّ نوعا من الإنصاف للمغرب لكونه رفض بقيّة مطالب الشيخ العمودي في هذا الصدد”، معتبرا أنه مع ذلك لا يعني أن الدولة المغربية لابد أن تدفع ولو دولاراً واحدا من تلك 150 مليون دولار التي نطق بها القرار، والمغرب سينفذ كافة الخطوات الممكنة لحماية مصالحه وإسقاط القرار”.
وأورد لبراق، في تصريحه لهبسريس، أن “الجهة المغربية قدمت جميع الأدلة على أن الطرف المستثمر هو الذي أدى بالشركة إلى الإفلاس؛ لكونه راكم عليها الديون من الجمارك ومن البنوك في المغرب والخارج”، معتبرا أن “السلطات المغربية لا يمكن أن تتحمل مسؤولية أخطاء عرفها تسيير “سامير”، لكون الشروط التعاقدية واضحة وحماية الاستثمارات الخاصة هو احترام المتفق عليه، والدولة قدمت ما يفيد على ذلك”، بتعبيره.
وأضاف المتحدث عينه أن “الطرف الآخر عليه مسؤوليات ثقيلة، وهو أنه أدى بآلاف العاملين بالمصفاة إلى العطالة وأربك القطاع بالكامل نتيجة سوء التدبير”، معتبرا أن “المغرب لا يمكن أن يغامر بسمعته في مجال الاستثمار بهذا الشكل الذي تحاول الشركة القابضة أن تسوق له، لكون التعاقدات واضحة ومجرد رفض العديد من مطالب المجموعة أمام المركز الدولي للمنازعات يبين أن المغرب ملتزم بالاتفاقيات”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “الحكومة المغربية منحت الشركة القابضة فرصا لإعادة هيكلة المصفاة؛ لكنها مع ذلك لم تنجح في الأمر”، مسجلا أن “التركيز يتعين أن ينصب الآن على تحصين الشراكات الجديدة وتكريس رفض القرار سالف الذكر والانخراط في مسار الدفاع عن مصالح البلد في مختلف القنوات المتاحة لهذا الغرض؛ لأن الأساسي ألا تدفع الدولة المغربية هذا المبلغ”.