دمشق تشترط انسحاب القوات التركية

أكدت دمشق، السبت، أن أي مبادرة لتحسين العلاقة مع أنقرة يجب أن تبدأ بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وذلك بعد أيام من إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا “في أي وقت”.

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان إن “أي مبادرة في هذا الصدد يجب أن تبنى على أسسٍ واضحةٍ ضماناً للوصول إلى النتائج المرجوّة، والمتمثلة في عودة العلاقات بين البلدين إلى حالتها الطبيعية”.

وأضافت الوزارة ذاتها: “في مقدمة تلك الأسس انسحاب القوات المتواجدة بشكل غير شرعي من الأراضي السورية، ومكافحة المجموعات الإرهابية التي لا تهدّد أمن سورية فقط، بل أمن تركيا أيضاً”.

كما أكدت الخارجية السورية أن سوريا تنطلق دائماً من قناعتها بأن “مصلحة الدول تُبنى على العلاقة السليمة في ما بينهان وليس على التصادم أو العِدائية”، مشيرة إلى حرص دمشق على التعامل بإيجابية مع مختلف المبادرات التي طُرحت، بما فيها “المبادرات الخاصة بتصحيح العلاقة السورية التركية”.

وكان أردوغان قال في السابع من يوليوز: “وصلنا الآن إلى نقطة أنه بمجرد أن يتخذ بشار الأسد خطوة نحو تحسين العلاقات مع تركيا سنظهر له النهج نفسه”.

واعتبرت الخارجية في بيانها أن نتيجة تلك المبادرات هي مسار هادف “يبنى على مبادئ محددة تحكم العلاقة بين الدولتين، أساسها احترام السيادة والاستقلال ووحدة الأراضي”.

وتؤدي روسيا، وفق محللين، دوراً أساسياً لتحقيق تقارب بين حليفيها اللذين يجمعهما “خصم” مشترك، يتمثل في المقاتلين الأكراد الذين يتلقون دعماً من واشنطن.

وتزامنت تصريحات الخارجية السورية مع إعلان أردوغان السبت نهاية وشيكة للعملية التي تنفذها قواته ضد متمردي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وسوريا.

وقال أردوغان في ما يتعلق بسوريا: “سنستكمل النقاط العالقة في الحزام الأمني على طول حدودنا الجنوبية في سوريا”.

وقبل اندلاع النزاع العام 2011 كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا. وجمعت الرئيس التركي أردوغان علاقة صداقة بالرئيس الأسد.

إلا أنّ العلاقة بين الطرفين انقلبت رأساً على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد النظام. فقد دعت أنقرة بداية حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، لكن مع قمع التظاهرات بالقوة وتحولها تدريجاً إلى نزاع دام، دعا أردوغان الأسد إلى التنحي “منعاً لإراقة الدماء”.

وفي مارس 2012 أغلقت تركيا سفارتها في دمشق. وبعدها كرّر أردوغان وصف الأسد بأنه “مجرم وإرهابي”، بينما وصف الأخير نظيره التركي بأنه “لص” وداعم لـ”الإرهابيين”.

وقدمت تركيا دعماً للمعارضة السياسية. وتحولت إسطنبول إلى مقر للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أبرز مكونات المعارضة السياسية، قبل أن تبدأ دعم الفصائل المعارضة المسلحة.

وإن كانت تركيا شنّت منذ 2016 ثلاث هجمات ضد المقاتلين الأكراد، مكّنتها من السيطرة على أراض سورية حدودية واسعة، إلا أنها لم تدخل في مواجهة مباشرة مع دمشق إلا في العام 2020، بعد مقتل عدد من عناصرها بنيران قوات النظام في شمال غرب البلاد. وهدأت الأمور بعد وساطة من روسيا.

وبعد قطيعة استمرت 11 عاما برزت صيف عام 2022 مؤشرات تقارب بين الطرفين، مع دعوة وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو إلى مصالحة بين النظام والمعارضة.

وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً واسعاً بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد؛ كذلك، شرّد وهجّر أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى